"من الموصل"... الجرح الذي تركه داعش في المدينة

08 ديسمبر 2018
دمار في مدينة الموصل (Getty)
+ الخط -
منذ نحو عام ونصف العام، أنجز فيلم "من الموصل" الذي يحاكي المعارك التي قادتها القوات العراقية على تنظيم "داعش" الإرهابي، ورحلات المصورين المجنونة إلى ساحات القتال لتصوير الأجواء الحربية. ولكن الفريق الذي أنجز الفيلم، ينتظر فرصة واحدة لعرضه في بغداد، على قاعة جيدة. ويؤكد مخرج الفيلم، محمد اللامي، أن "كل محاولاته للتواصل مع وزارة الثقافة باءت بالفشل"، في حين تنتظر مجموعات شبابية من فنانين ومصورين فرصة لطرح إنتاجهم الفني في بلدهم، إلا أنهم اتجهوا أخيراً للمشاركة عربياً وعالمياً، وحصد الجوائز من هناك.

وأنتج تجمع "فنانو العراق"، وهو تجمع يضم مئات الفنانين الشباب، فيلماً وثائقياً عن رحلة بادر إليها مجموعة من المصورين الفوتوغرافيين العراقيين لمدينة الموصل عام 2017، تمكنوا خلال الرحلة من توثيق كل المخلفات والآثار التي تركها عناصر "داعش"، وحجم الخراب الذي تسببت به، فضلاً عن إضفاء لمحة عن معاناة المصورين في المناطق الحربية، والجنون الذي يرافق متابعتهم للصور والأحداث الحيّة. وبرغم المشقة التي رافقت 30 مصوراً من مختلف مناطق العراق، وحجم المخاطر، إلا أنهم حين عادوا ورتبوا أوراقهم وخططوا لبداية فنية جديدة، وانطلاقة نحو عرض إنتاجهم، وما توصلوا إليه في أيام الحرب، لم يصلوا، حتى اليوم، إلى ما أرادوا، رغم مرور مدة ليست قصيرة على اكتمال فكرتهم.

وقال مخرج فيلم "من الموصل" محمد اللامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فكرة الفيلم انطلقت من يوم إعلان النصر على تنظيم "داعش" في الموصل. وتوجَّهنا كفريق مكون من 30 مصوراً فوتوغرافياً، ومن كل المحافظات العراقية، ومنهم من سكنة المناطق المحررة أصلاً، وعبر جهود ذاتية وفي جولة من عشرة أيام تمكنا من توثيق خراب المدينة والانتهاكات الإرهابية بحق المواطنين، واعتدائهم على الإرث الحضاري والثقافي في نينوى إضافة إلى تجاوزاتها الدينية"، مشيراً إلى أنّ "الفريق الفوتوغرافي تمكن من تجميع 3500 صورة فوتوغرافية، وشكلّنا لجنة دولية بمشاركة خمسة بلدان عربية، وتم اختيار 105 صورة، ووضعناها في كتاب صوري واحد، أسميناه "من الموصل"، وطبعنا قرابة خمسة آلاف نسخة. تمَّ توزيع جزء منها في شارع المتنبي، والجزء الآخر نسقنا مع وزارة الخارجية لاعتماده وتسويقه في دول الخارج، إلا أن الوزارة لم تستجب لطلباتنا".



وأضاف اللامي أن "الرحلة تضمنت تصوير مقاطع فيدوية للعقبات التي واجهت المصورين، بالإضافة إلى الأهالي، والتقدم العسكري للقوات العراقية. وتمَّ إنتاجه كرحلة وثائقية لمجريات الرحلة ومجازفة الفريق الفوتوغرافي، كون الرحلة كانت مجنونة"، لافتاً إلى أنّ "التنسيق مع القوات العراقية كان صعباً للغاية. ولا سيما أنّ بعض المناطق كانت تحتوي على جيوب لتنظيم "داعش". وبرغم أن الفيلم جاهز منذ أكثر من عام، إلا إننا، لحد الآن، نبحث عن قاعة لاحتضان عملية عرض الفيلم. ونعمل على تنسيق حفل من أجل الفيلم، ولكن العراق يخلو من القاعات السينمائية، ولا توجد سينما غير تجارية منذ عام 2003". وتابع أن "الفريق فشل في التوصل إلى قاعة سينمائية بمواصفات جيدة، لعرض فيلمنا، أجبرنا على اتخاذ قرار تأسيس قاعة خاصة بنا لعرض فيلمنا وأفلامنا المستقبلية، في منطقة الجادرية ببغداد. لأننا أيقنا تماماً أن وزارة الثقافة تمارس تغييب لجهودنا، وللإنتاج الفني الذي نصنعه بجهود ذاتية، ونحن طوال السنوات الماضية نحاول مقابلة وزير الثقافة فرياد راوندوزي، ولم نتمكن". من جانبه، روى أحد مصوري فيلم "من الموصل"، تيسير مهدي، أن "الفيلم هو عمل حصل بجهود فردية، وتم توثيق غالبية الأحداث في مناطق نينوى التي شهدت معارك طاحنة مع تنظيم "داعش". وإن قوات الجيش كانت تخاف علينا كفريق مصورين، وعملت على سحبنا لأكثر من مرة وعدم السماح لنا بالاستمرار، ولكن إصرارنا على الحصول على لقطات جيدة جعلتنا نصل إلى مستوى مهم".

المساهمون