سمكة قاتلة تتسبب بحالة طوارئ في مدينة يابانية

18 يناير 2018
تسببت السمكة في وفاة عدة أشخاص (Getty)
+ الخط -


تلقى العديد من الناس في مدينة جاماغوري الساحلية اليابانية تنبيهات غريبة، في رسائل نصية، يوم الإثنين الماضي، في حين سمعها آخرون على مكبرات الصوت التي تستخدم عادة لتحذير الناس من الكوارث، كالزلازل الوشيكة، أو الانفجارات النووية، إلا أن الأمر كان مختلفًا هذه المرة، إذ كان متعلقًا بقطع من السمك.

وكان أحد بائعي السمك المحليين قد باع عن طريق الخطأ، عدة عبوات تحتوي على كبد السمكة المنتفخة، التي من الممكن أن تسبب موتًا سريعًا عن طريق الاختناق، فأرادت السلطات من جميع الناس أن يعرفوا بالخطر المحتمل الكامن في أكياس البقالة الخاصة بهم، وفقًا لموقع "واشنطن بوست".

وتعتبر السمكة المنتفخة المعروفة باسم "طبق فوغو"، وجبة خفيفة باهظة الثمن في الشتاء، إلا أنها تتطلب رخصة خاصة لتحضيرها، لأنها يمكن أن تقتلك أسرع من الزلزال أو الإشعاع النووي، إذا أكلتها من دون التعامل معها بشكل صحيح، لذا نقل شخص اشتبه بأنه اشترى من تلك العبوات، إلى مركز الصحي، فيما لا يزال البحث جاريًا عن الباقين.

وتشتهر السمكة المنتفخة بالطريقة الغريبة التي تحمي نفسها بها، إذ إنها تملأ معدتها المطاطية بكميات كبيرة من الماء أو الهواء، دفعة واحدة، بحيث تتوسع إلى أضعاف حجمها الطبيعي، لإبعاد الخطر المحتمل، أو التهام فريستها، وتعتبر ثاني أكثر الفقاريات سمية في العالم، بعد الضفدع السام الذهبي، إذ يحتوي أغلبها على كمية كبيرة من السم، تكفي لقتل عدد لا بأس به من أعدائها المحتملين، بمن فيهم رواد مطاعم الفوغو الفاخرة.

ويحتوي كبد هذه السمكة على مادة التترودوتوكسين، التي تفوق فعاليتها مئات أضعاف فعالية المواد الكيميائية المستخدمة في إعدام الناس في غرف الغاز، حيث تحصل على السم عن طريق التغذي على المخلوقات البحرية السامة، مثل القواقع ونجوم البحر، ثم تركزه في الكبد، وأجزاء أخرى من جسمها، كالأمعاء والجلد والمبايض، ويمكن أن ينتقل لاحقًا إلى الأجزاء الأخرى الحميدة.

يسبب سم السمكة المنتفخة خدرًا في الفم، يليه شلل ثم موت مؤلم بسبب الاختناق، ولم يعثر الباحثون حتى اليوم على ترياق مضاد له، لذا تمنح شهادة تحضير الفوغو بحذر شديد للطهاة الذين يُدربون لمدة 3 سنوات، للتأكد من حصولهم على المهارة المطلوبة، ومع ذلك تتواجد كمية كبيرة من الناس الذين يستمتعون بحالة التشويق المتزامنة مع مقامرتهم بحياتهم أثناء تناول هذا الطبق، في حين توفر بعض المطاعم أنواعًا آمنة منه مقابل 300 دولار.

وذكرت صحيفة "ذا غارديان" في تقرير لها، أن 10 أشخاص توفوا بين عامي 2006 و2015 بعد تناول طبق الفوغو، وكان معظمهم قد حاولوا إعداده بأنفسهم، كما أوشكت امرأة كانت تبلغ 35 عامًا، على الموت عام 2006، بعد تناولها كبد السمكة المنتفخة، في مطعم "فوغو فوكوجي" ذي النجمتين في طوكيو، إذ شعرت بصداع مفاجئ وخدر حول فمها، قبل أن تنقل إلى المستشفى حيث تعافت لحسن الحظ، في حين جردت الحكومة اليابانية الطاهي من رخصته.

وتعمد الممثل الياباني باندو ميتسوغورو، تناول 4 أطباق من كبد السمكة المنتفخة عام 1975، بعد أن أقنع الطهاة بأنه تمكن من تطوير طريقة تجعله بمأمن من سمها القاتل، إلا أنه لم ينجح، كما بدا ذلك جليًا بعد وفاته، وسلط الضوء على هذه الحادثة في إحدى حلقات مسلسل "ذا سيمبسونز" الشهير.

ولا تعتبر كل الأسماك المنتفخة سامة، إذ يوجد حوالي 100 نوع منها، مع كميات متفاوتة من السم، وكان محل البقالة المعني بالحادثة، يبيع نوعًا غير سام يدعى "blunthead blowfish" لسنوات، من دون وجود دلالات لتسببه بمشاكل صحية للزبائن، قبل أن تثير السلطات مخاوف حول إمكانية الخلط بينه وبين نوع آخر قاتل، وكان الأوان حينها قد فات، إذ بيعت حوالي 5 عبوات منها، من دون إزالة الكبد، الذي يشكل أكثر الأجزاء سمية.

يذكر أن السلطات اليابانية لم تكن قد نجحت في العثور على آخر عبوتين من السمك المنتفخ، بحلول يوم الثلاثاء الماضي، كما لم تبلغ المستشفيات عن أية حالات وفاة، وما يزال البحث جاريًا، إلا أن الأمر الوحيد المؤكد، هو أن مديري محل البقالة صرحوا أخيرًا، بأنهم تخلوا عن هذه المهنة للأبد.

 (العربي الجديد)


دلالات
المساهمون