مزاد نقابة الفنانين السوريين

14 ابريل 2020
رحبت كنعان بعودة الفنانين دون تحديد توجههم السياسي (فيسبوك)
+ الخط -
عندما تم فتح باب الترشيح لمنصب نقيب الفنانين السوريين الشهر الماضي، انتفض عدد كبير من الفنانين السوريين الموالين للنظام، بشكل مفاجئ، بوجه نقيب الفنانين الحالي زهير رمضان، واستثمروا المناسبة لينتقدوه عبر وسائل الإعلام على ما اتخذه من إجراءات تعسفية خلال السنوات الماضية، التي حول فيها رمضان نقابة فنية إلى فرع أمني؛ بالإشارة إلى ما استصدره من قرارات لحرمان بعض الفنانين في الخارج من العودة إلى دمشق وسحب العضوية من عدد كبير من الفنانين.
وفي خضم الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها زهير رمضان، حاول المرشحون المنافسون على منصب نقيب الفنانين أن يستثمروا الموقف، فبدؤوا يروجون لأنفسهم إعلامياً باعتبارهم الأكثر كفاءةً وانفتاحاً، وادعوا بأنهم قادمون حاملون راية التغيير ليعيدوا ترتيب الأمور في النقابة التي اقتصر دورها مؤخراً على ملاحقة الفنانين السوريين ومحاسبهتم بدلاً من حمايتهم. لكن هذه الادعاءات سرعان ما اتضح زيفها، فالتصريحات المتلاحقة التي صدرت عن المرشحين الجدد بينت أن التغييرات المرتقبة لن تطاول القرارات التعسفية التي أصدرها زهير رمضان بحق الفنانين السوريين المعارضين.
يبدو ذلك واضحاً من خلال التقرير المصور الذي نشرته "بوسطة دراما"، والذي رصد آراء المرشحين الجدد وموقفهم من عودة الفنانين السوريين الذين يعيشون في الخارج لمزاولة عملهم الفني في سورية. غالبية المرشحين أدلوا بتصريحات لا تتعارض مع قرارات زهير رمضان وتصريحاته حول الموضوع، ربما الفارق الوحيد أن بعض التصريحات كان أكثر دبلوماسية، ولكنها تؤدي لذات النتيجة.
الممثل فادي صبيح، الذي يعتبر المرشح الأبرز لتولي منصب نقيب الفنانين بحسب ما تشير إليه تقارير الإعلام الموالي للنظام، لا يبدو مختلفاً بأفكاره عن النقيب الحالي، وإن بدا بتصريحاته أقل حدة وعنجهية من رمضان. عند الحديث عن قضية عودة الفنانين المهاجرين، استهل صبيح حديثه بخطاب دبلوماسي ينفي فيه أن يكون له أو لنقابة الفنانين أي دور في صناعة قرار سياسي، قبل أن يعود بالتصريح ذاته ليناقض نفسه ويميز ما بين نوعين من الفنانين السوريين في الخارج، وهما: فنانون وطنيون مشهود لهم بوطنيتهم ولا يمكن مقاطعتهم، وأسماء فنية لا يمكن التعاطي معها لأسباب وطنية.
رأي فادي صبيح، الذي بدا معتدلاً في هذه القضية بالمقارنة مع آراء بقية المرشحين، يتطابق لحد كبير مع رأي غالبية المرشحين؛ وليس هناك سوى بعض الاستثناءات التي انحرفت عنه نحو المزيد من التسامح أو المزيد من التطرف. مثلاً، بدت الممثلة تولاي هارون الأكثر ميلاً للتسامح والأكثر ترحيباً بعودة جميع الفنانين السوريين. وكان لرباب كنعان رأي مغاير نوعياً، حيث رحبت بعودة الفنانين من دون تحديد توجهاتهم السياسية، ولكنها عودة مشروطة، إذ أشارت إلى أهمية عودة الفنانين الذين استطاعوا أن يحققوا نجاحات واسعة في الخارج، وأن هؤلاء مرحب بهم على الدوام في النقابة، وذلك للاستفادة منهم ومن اسمهم الكبير لدعم النقابة. وبدا غريباً أن تصريح الممثل عارف الطويل، الذي يشغل منصب عضو في مجلس الشعب، هو من التصريحات الأكثر توازناً، إذ صرح بأنه لا يتوجب على نقابة الفنانين منع أي فنان سوري من العودة إلى سورية أو تجريمه أو فصله لأسباب سياسية.
في المقابل، فإن بعض الفنانين كانوا أكثر تطرفاً وتعنتاً بتصريحاتهم، كالمرشحة تماضر غانم التي رفضت عودة الفنانين الذين تخلوا عن بلدهم في سنوات الأزمة، بحسب تعبيرها، مهما كان توجههم السياسي.
أما الممثل إياس أبو غزالة، فتفوق بتشبيحه وتعنته على زهير رمضان، من خلال التصريحات المتطرفة التي أدلى بها، حين قال إنه يستطيع أن يتسامح مع الإرهابيين والمسلحين، ولا يستطيع التسامح مع الفنانين المعارضين، وبرر ذلك بقوله إن "الإرهابي جاهل ويمكن التغرير به، أما الفنان فهو متعلم ومثقف ويمثل قدوة لآلاف الأشخاص وإن خطأه لا يغتفر"، مشيراً إلى أن عودة الفنانين المعارضين غير ممكنة حتى لو قدم لهم النظام السوري التسهيلات لذلك، بسبب فقدانهم لقاعدتهم الشعبية وانقلاب الجمهور ضدهم.
المساهمون