برلين... حياة تتمرد على المتاحف والتاريخ

14 يناير 2018
"الكاتار بلاو" في العاصمة الألمانية برلين (Getty)
+ الخط -
"قلْ لي أين تسْهر، أقلْ لكَ من أنت"، هذه العبارةُ، على طرافتها، تصحُّ على الوضع في برلين، لأنَّ للسّهر في هذه المدينة، تقليداً مختلفاً، له جذوره وسياقاته، وليس فقط سعادةً عابرة تجاريّة أو سطحيّة. تؤكّد غالبيّة الصحف الألمانيَّة، أنَّ السياحة إلى مدينة برلين، خصوصاً، هي سياحة نوعيّة، يعرف فيها السائح ماذا يريدُ سلفًا، وليست سياحة عامَّة استكشافيَّة. إذْ أشارت صحيفة "Die Welt"، مثلاً، إلى أنَّ أكثر من 30% بالمئة من الشباب والشابات الذين يدخلون برلين للسياحة يوميّاً، لا يأتون من أجل المتاحف أوّلاً، أو للتعرُّف على تاريخ المدينة الثقافي والسياسي، وإنّما يأتون من أجل شيء واحد فقط: "الحياة في الليل" أو ما يسمّى بالألمانيَّة Nachtleben، "الناخت ليبين" تعني أنَّ الحفلة تبدأ من يوم الجمعة مساء، وتنتهي في يوم الاثنين صباحًا.
وبعد خفوت نجم المدن الثلاث الكبرى، باريس ولندن ونيويورك، في عالم السهر وإنتاج الموسيقى الإلكترونيَّة، بسبب غلاء الأسعار وتوحّش النيوليبرالية الاقتصادية، صعدت مدينة برلين كمركز موسيقى عالمي، وكمكان يؤسّس لتقاليد وأمزجة في السهر، ترتبط بالآراء السياسيَّة والتوجّهات الفكريّة وأنماط الحياة. وأقصد، مثلاً، أنَّ الكلوبات التي يقصدها اليساريون، تختلف عن الكلوبات التي يقصدها اليمينيون. الكلوبات الحساسّة لوجود الأجانب، تختلف عن الكلوبات التي لا تكترث لهذا الأمر. والكلوبات المنفتحة تجاه الهويات الجنسية المثلية والمتحوّلة، تختلف عن الكلوبات التي تفضل الهويات الجنسية الغيريَّة. الكلوبات المليئة بالمراهقين تختلف عن الكلوبات التي تركّز على الفئات العمريّة الأكبر، لإشراك حتّى كبار السن في حياة الليل. ولكن، عمومًا، بسبب طبيعة الموسيقى الإلكترونيّة المفتوحة على التعدد والتأويل والتجريب وعدم الارتكان إلى لون فنّي وحيد، اتسمت حياة الليل في برلين أيضاً بالانفتاح وعدم الارتكان إلى لون عرقي أو جنسي أو طبقي أو ثقافي واحد. المميز بشكل أساسي في برلين، هو أنَّ أسعار الدخول إلى الكلوبات رخيصة نسبياً، إذا ما قورنت بالمدن الأوروبية الأخرى، وهذا ما يشرك قطاعات واسعة من الشباب والشابات، ضعيفي الدخل، ويسمح لهم بالاستمتاع بالموسيقى، إذ لا يتجاوز رسم الدخول إلى الكلوب في برلين الـ 16 يورو، لحفلة تمتد لثلاثة أيام، وهذا أمرٌ نادرٌ أن تراه في مدن أوروبيّة أخرى، كباريس ولندن. سنعرض أسماء الكلوبات الأساسيَّة في برلين، والتي تكشف عن المدارس الأساسيّة للسهر فيها.

Berghain
الكلوب الأوّل عالميّاً، حسب التصنيفات. الدخول إلى البيرغهاين ليس سهلاً بسبب الإجراءات المشدّدة على الباب، إذْ لا يسمح بمن يفشي مظهرهم بدمغة طبقية بالدخول، أو الفتيات اللاتي يبالغن في وضع المكياج. البيرغهاين هو كلوب منفتح بشدّة على الهويات المغايرة عن السائد، وهم يشكّلون العمق الاجتماعي والثقافي الأساسي للكلوب. البيرغهاين ممتاز في الشتاء، وهو معتم ومغلق، لذلك، يقل إقبال الناس عليه في أشهر الصيف. ومتوسّط الفئة العمريّة داخل الكلوب هو بين 30 و50 سنة.

Katarblau
كلوب ملوّن يطلّ مباشرة على نهر Spree في برلين. "الكاتار بلاو" كلوب يقصده المراهقون وطلاب الجامعات في سنوات الدراسة الأولى، الموسيقى في الكاتار بلاو ليست Hardtehcno كما في البيرغهاين، بل هي موسيقى أخّف وإيقاعها أبطأ. الدخول إلى هذا الكلوب ليس صعباً، كما أنّه يقدم بيتزا لذيذة جدًا في الداخل. ومتوسط أعمار الحضور هي بين 18 و30.

Sisyphos
كلوب ضخم جدًا ومؤلف من عدد كبير من الغرف، في كلّ غرفة نمط موسيقى معيّن. "السي سي فوس" يقدم بصرياً شكلاً مختلفًا عن البيرغهاين، حيث الألوان البراقة الفاقعة، ويشترط الدخول عليه لبس ثياب ملوّنة.

دلالات
المساهمون