تشويم "العراب "كمسلسل ..مارلون براندو في باب الحارة .

06 أكتوبر 2014
مارلون براندو في فيلم "العرّاب" (Getty)
+ الخط -
كشفت شركة "سما الفنّ" السورية عن نيتها إنتاج مسلسل من جزأين، مقتبس عن رواية ماريو بوزو الشهيرة "العرّاب"، يحمل الاسم عينه، وهو من تأليف السيناريست حازم سليمان، ومن المنتظر أن يقوم بإخراجه المثنّى صبح، ليدرج في العرض ضمن الموسم الرمضاني المقبل 2015. بذلك تسجّل الدراما السورية سبق نقل هذه الراوية إلى التلفزيون، بعد ما قام فرانسيس فورد كوبولا بنقلها إلى السينما، في واحد من أعظم أفلام السينما العالمية، بالعنوان نفسه أيضاً: "العرّاب".
تصدّي الدراما السورية لنقل روايات عالمية شهيرة، وتحويلها إلى مسلسلات (من بينها روايات سبق ونقلت إلى السينما) ليس أمراً طارئاً ولا جديداً. إذ تحفل مسيرة الدراما السورية بالعديد من المسلسلات المأخوذة عن روايات أدبية عالمية، بشكل كلّي أو جزئي، منها على سبيل المثال لا الحصر: مسلسل "ليل المسافرين" المأخوذ عن رواية "البؤساء".
ورغم أنّ لكلّ رواية تحدّيات أمام تجسيدها درامياً، لكن يبقى للتعامل مع رواية "العرّاب" تحدّياتها الأصعب، فضلاً عن الدخول في مقارنة، ستكون قاسية، مع أثرين مهميّن في الأدب والسينما، أي الرواية نفسها والفيلم المأخوذ عنها.
ولعلّه يكفي للتدليل على نوعية التحدّيات التي تنتظر المسلسل السوري المزمع إنتاجه عن "العرّاب"، الإشارة إلى أنّه رغم النجاح الكبير الذي حقّقه فيلم "العرّاب" بأجزائه الثلاثة التي أنتجت على التتالي في أعوام 1972 و1974 و1990، ورغم نيله ثلاث جوائز أوسكار، هي أوسكار أحسن فيلم وأوسكار أفضل ممثّل بدور رئيسي (مارلون براندو) بالإضافة إلى أوسكار أفضل قصّة مقتبسة من عمل أدبي، واعتباره من روائع الأفلام السينمائية على مرّ العصور، وصاحب المركز الثاني كأفضل فيلم أميركي، إلا أنّ مقدمة طبعة الرواية الصادرة عن دار الآداب عام 1975، أي التي صدرت عقب إنتاج جزأين من الفيلم، خرجت تقول إنّها سجّلت منذ صدورها أكبر رقم في التوزيع عرفته أيّ رواية عالمية حتّى اليوم، وقد اقتبس منها حديثاً فيلم ضخم يعرض في كثير من دور السينما حول العالم. لكن من يقرأ الرواية يلمس الفارق الكبير بينها وبين الفيلم الذي يمكن اعتباره صورة مشوّهة عنها.
ربما يرى البعض أنّ مقدّمة دار الآداب السابقة مجرّد رأي نقدي، يعبّر فقط عن وجهة نظر معدّها، إن قبلنا بتجاوزه، جدلاً، إلا أنّه يبقى مؤشّراً إلى طريقة قراءة المسلسل، نخبوياً ونقدياً، في العالم العربي، مقارنة بهذا الأثر الأدبيّ الكبير حول العالم. كما أنّه يثير سؤالاً عن التجسيد الدرامي التلفزيوني الذي سيتحدّى بمحتواه التجسيد السينمائي للرواية.
هنا الحديث لا ينطلق من عقدة النقص اتجاه الأجنبي التي عادة ما تصيبنا نحن في العالم العربي بالرهاب. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ المخرج المقترح للمسلسل السوري، وهو المثنّى صبح، يعتبر واحداً ممّن قدّموا أهم أعمال الدراما السورية خلال السنوات الأخيرة. وكاتب سيناريو المسلسل حازم سليمان واحد من كتّاب قليلين يمتازون بخلفية فكرية ومعرفية. لكنّنا نتكلّم عن فارق في إرث الصناعة بين صانعي الصورتين، بل وتوقيت هذا التحدي، في حين أنّ الدراما السورية ليست في أفضل أحوالها. فقد فقدت الكثير من نجومها المتميّزين، كما أنّ الواقعية تقضي بنا ألا نستهين بصناعة صورة تلفزيونية في مقابل صورة سينمائية شارك في كتابة السيناريو لها مؤلّف الرواية نفسه، ونُفِّذَت في واحدة من دوائر صناعة السينما الأهم في العالم بإدارة مخرج معروف هو كوبولا. وأدى أدوار الحكاية فيها نجوم عالميون كبار من بينهم مارلون براندو، وآل باتشينو، جيمس كان وروبرت دوفال.
ترى أيّ من نجوم سورية اليوم سيقدّم أدوار الشخصيات الموازية؟ وهل سيتم "تشويم" الرواية أم الفيلم؟ وهل سيمكن تمرير "تشويم" الحكاية دون البحث في إسقاطاتها الواقعية؟ وأين موقع الرقابة من هذه الإسقاطات؟
يبقى سؤال الحقوق الفكرية للرواية، وقد يكون حتّى الساعة سقط متاع بالنسبة إلى الشركة المنتجة للمسلسل، إلا أنّه لا بدّ من التنبيه إليها حتّى لا يضيع أيّ جهد يبذل في تجسيده هباء، لا سيما أنّ الأروقة القضائية والإعلامية انشغلت منذ نحو عامين بخلاف "ابن ماريو بوزو، مؤلّف رواية "العراب" مع شركة "بارامونت" للإنتاج السينمائي بشأن ملكية حقوق الرواية والفيلم الذي يحمل الاسم نفسه، بحسب ما نقلت قناة "سكاي نيوز عربية" في 31 أغسطس/آب 2012.
دلالات
المساهمون