مستثمرات اليمن يتحدين واقعهن بالمثابرة

11 مارس 2015
أول مشروع نسائي في اليمن (العربي الجديد)
+ الخط -
بسمة العبسي، شابة يمنية، تنتمي إلى عائلة تجارية، إلا أنها كغيرها من اليمنيات اللواتي يواجهن تحديات مختلفة تحرمهن من خوض مضمار التجارة وعالم المال والأعمال. تعد العادات والتقاليد والضوابط المجتمعية، إضافة إلى السلطة الذكورية، من أبرز العوائق التي تقف أمام الكثير من اليمنيّات اللواتي يمتلكن رؤوس أموال من الممكن استثمارها، إلا أن الكثيرات يلجأن إلى اكتناز أموالهن أو تحويلها إلى مجوهرات. 
تقول العبسي لـ "العربي الجديد": "أستلم حصتي من تجارة والدي دون أن أستثمرها، الأمر الذي دفعني إلى التفكير في آليات جديدة للعمل، حيث بدأت أخيراً في المساهمة في أعمال تجارية مع إخوتي لتحريك هذه الأموال، من دون أن يكون لي أي علاقة مباشرة بالعمل، إذ تقتصر الإدارة على أخوتي الذكور.
وتضيف العبسي: "تنتشر الأعمال التجارية لأسرتي في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة، إذ يسيطر أخوتي على إدارة التجارة، فيما تحصل الفتيات على نصيبهن من دون المشاركة في ممارسة العمل التجاري".

بدت العبسي متحسرة من هذه الممارسات التي منعتها وغيرها الكثيرات من ترجمة أفكارهن إلى مشاريع، وتحويل مكتنزاتهن من المجوهرات والعملات إلى أعمال تجارية واقتصادية.
في سياق آخر، تؤكد سيدة الأعمال اليمنية مريم عساف أن ما تعانيه المرأة اليمنية من تغييب في الواقع التجاري والاقتصادي يتطلب مبادرات قادرة على تغيير الواقع، ومساهمة في تغيير النظرة القاسية تجاه عمل المرأة في عالم المال والأعمال والتجارة، وتقول عساف لـ "العربي الجديد": يرغب الكثير من النساء في إنشاء مشاريعهن الخاصة، ولم يستطعن إقامتها في أي سوق، لأسباب عدة، منها عدم موافقة أسرهن، ما يتطلب إيجاد بيئة مناسبة تمكّن المرأة اليمنية من استثمار أموالها، بما يتناسب مع خصوصية المجتمع اليمني، ويحتاج ذلك وفق العبسي، إلى دعم مسؤول من قبل الجهات المعنية في الدولة والقطاع الخاص".

محاربة شرسة
أسست سيدة الأعمال مريم عساف، و52 سيدة أخرى، أول مركز تسوّق "مول" نسائي في اليمن "حواء مول"، يقتصر التسوق فيه على المرأة والطفل، وبهذه الخطوة، تقول عساف: "إن ما يزيد على 50 أسرة يمنية منحن فتياتهن التوجه لاستثمار أموالهن في هذا المركز الذي يضمن لهن خصوصيتهن، حيث بدأت الحركة التجارية في المركز، إلا أنها لم تستمر طويلاً بسبب تعنت مالك المبنى الذي يحتوي المركز ورفع الإيجارات وفرض مبالغ مالية تعسفية، من دون أن تقف الجهات المعنية في الدولة أو القطاع الخاص إلى جانبهن، الأمر الذي قادهن في نهاية المطاف إلى إغلاق محلاتهن التجارية.

من جانبها تقول سيدة الأعمال اليمنية ياسمين أنور، إنها تنتهج من مقولة لرئيسة وزراء كندا السابقة كيم كامبل، فحواها: "لا يمكن للرجال أن يعملوا من أجل مصلحة النساء.. إن لم نكن مستعدات لإطلاعهم على ما نحتاج إليه"، إنطلاقاً من هذه الرؤية دخلت أنور عالم المال والأعمال، وتقول لـ"العربي الجديد" لاشك أن هناك تحديات كبيرة تقف عائقاً أمام المرأة التي تفكر في خوض مضمار المنافسة مع الرجل في أعمال التجارة والصناعة، تتعلق بالثقافة الاجتماعية ، التي فرضت من قبل المجتمع على الفتاة، ووفق أنورفإن المرأة اليمنية ليست عبئاً أو عالة على أحد، فهي قادرة على أن تكون منتجة، ولكن القيود المجتمعية والأسرية تريد أن تصنع منها عناصر خاملة وعالة على الذكور".
أنور التي تمارس أعمالها التجارية من المنزل، حيث تقوم بإستيراد ملابس نسائية مختلفة، وتعمل على تسويقها وبيعها في السوق اليمنية، تتمنى تطوير مشروعها الحالي ليصبح شركة كبيرة، فهي وفق تعبيرها لا تستسلم للصعوبات والتحديات، إلا أنها ترى أن ثمة قصوراً كبيراً من قبل الجهات المعنية في الحكومة، والمنظمات المدنية المعنية في تذليل الصعوبات أمام النساء الراغبات في إيجاد كيانات اقتصادية تحتضن أفكارهن وإبداعاتهن، وتشير إلى أن توفير مراكز تجارية نسائية سيسهل أمام كثير من النساء اللواتي يمتلكن أفكار مشاريع ورؤوس أموال للاستثمار خاصة أن كثيراً من الأسر لا توافق أن تعمل المرأة في التجارة، وأن تصنع لنفسها اسماً في السوق.

غياب التمويل
تؤكد الدكتورة فوزية رئيسة مجلس سيدات الأعمال اليمنيات، أن التمويل يُعد العائق الأكبر أمام سيدات الأعمال في اليمن ويحد من تطوير مشاريعهن وتمويلها، وتقول لـ "العربي الجديد": "نأمل من الجهات المختصة إنشاء صندوق خاص لتمويل مشاريع المرأة، حتى تستطيع أن تشق طريقها بنجاح، وتأسيس مشروعها الخاص الذي تحلم به وتشارك إلى جانب الرجل في التنمية الاقتصادية لليمن". ووفقاً للإحصاءات فإن عدد سيدات الأعمال في اليمن لا يتجاوز خمسمائة سيدة أعمال، كما لا تزيد أعداد السيدات اللواتي يملكن أعمالهن التجارية، ولا ينتسبن إلى الغرف التجارية الصناعية عن مائتي سيدة، هذه النسبة الضئيلة جداً تمثل شريحة المرأة اليمنية البالغة نحو عشرة ملايين نسمة من سكان اليمن، وهي نسبتها في عالم المال والأعمال والتجارة.

إقرأ أيضا: الهند... رحلة تطوّر
المساهمون