آلان حكيم: لبنان يمرّ في مرحلة الصمود الإيجابي

25 فبراير 2015
وزير الاقتصاد اللبناني آلان حكيم (حسين بيضون)
+ الخط -
اعتبر وزير الاقتصاد اللبناني آلان حكيم أن لبنان يمرّ في مرحلة الصمود الإيجابي، برغم الأوضاع الضاغطة، ويعود السبب إلى قوة ومتانة بعض القطاعات الاقتصادية الأساسية. وقال في مقابلة مع "العربي الجديد" إن مقومات النهوض لا تزال موجودة

وهذا نص المقابلة:
* كيف تقرأ الواقع الاقتصادي اليوم في ظل الأوضاع الأمنية السيئة، والضغوطات السياسية القائمة في البلاد؟
لا شك في أن لبنان يعاني اليوم من ضغوط سياسية وأمنية واجتماعية كبيرة، خاصة في ظل الانتهاكات الأمنية، وغياب رئيس للجمهورية، وشلل المؤسسات الدستورية، فهذه العوامل ساهمت في الضغط على اقتصاد لبنان. أضف إلى ذلك، فإن الأزمة السورية وتدفّق اللاجئين تشكّل بدورها عوامل ضغط ألقت بظلالها على الاقتصاد اللبناني، وساهمت في تقويض الاقتصاد اللبناني. فمن الملاحظ ارتفاع الطلب على الحاجات الأساسية والبُنى التحتية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع التضخّم. المشهد اليوم متأزم، هناك انحسار في عمل القطاع التجاري بشكل لافت، وتطوّر في الدين العام، وارتفاع في معدلات البطالة، كذلك ارتفاع في معدلات الفقر، وبالتالي فإن الاقتصاد اللبناني دخل مرحلة الركود منذ بداية عام 2014، وهو يسير على هذا الدرب.

* ما هي الإجراءات التي قمتم بها من أجل الحد من هذا التأزم الاقتصادي؟
على الرغم من هذا الوضع الصعب والدقيق اقتصادياً واجتماعياً، فإن الحكومة اللبنانية تعمل على عدة محاور من أجل استعادة الاقتصاد دوره وعافيته، وذلك عن طريق، التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي من أجل إعادة إحياء السياحة والاستثمارات القادمة من هذه الدول، وتفعيل أطر الدبلوماسية الاقتصادية بجميع أشكالها.
كما قامت الحكومة بتحفيز البيئة الاستثمارية من خلال تسهيل الحصول على التمويل وتأمين المناخ الملائم من جهة، ومن خلال ضبط الأمن وتسهيل المعاملات الإدارية من جهة أخرى. أضف إلى ذلك، بدأت الحكومة أيضاً بتفعيل عمل الدبلوماسية الخارجية بهدف ترويج لبنان كبلد ذي مقومات استثمارية، سياحية وجغرافية.

* ماذا تقصد بتفعيل الدبلوماسية الخارجية؟
تعمل الحكومة اللبنانية على إشراك المغترب اللبناني في عملية إعادة بناء الثقة بالاقتصاد، كون المغتربين يعتبرون سفراء لبلدهم أينما وُجدوا في العالم، كما يتطلب عمل الدبلوماسية إعادة اللبناني المُغترب إلى كنف وطنه الأم، من خلال تشجيعه على زيارة لبنان وإقامة مشاريع فيه، وبالتالي فإن الحكومة تعمل على خطّين متوازيين، الأول دعوة المغترب للاستثمار في لبنان، والثاني إشراك المغترب في عملية الدبلوماسية الخارجية ودعوته لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب للدخول في السوق اللبنانية.

* هل تكفي هذه المساعي لإعادة الثقة بالاقتصاد في ظل ارتفاع البطالة كما ذكرتم سابقاً؟
منذ اليوم الأول لبدء عمل الحكومة، سعينا إلى تحفيز وخلق فرص عمل في القطاع الخاص، عبر تخصيص موازنة في الشركات للأبحاث، خصوصاً تلك التي لها علاقة بالصناعة الرقمية والتكنولوجيا والإلكترونيات، وغيرها من المجالات التي قد تُشكّل نقلة نوعية في النمو الاقتصادي اللبناني. وأعتقد أن هذه الآليات من شأنها أن تساهم في الحد من تفاقم أزمة البطالة، خاصة أن الصناعة الرقمية تلعب دوراً أساسياً في خلق فرص عمل.

* ما هي نسب النمو التي يمكن أن يحققها لبنان حتى نهاية العام؟
من المتوقع ألا تتجاوز نسب النمو الـ 2%، بحسب تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وفي ظل هذه الأوضاع، أعتقد أن نسبة النمو هذه تعتبر جيدة، مقارنة مع ما يحدث من أزمات سياسية وأمنية، فالاقتصاد ليس بألف خير ولكنه في مرحلة صمود إيجابي، وبذلك أتوقع أنه في حال استمر الاستقرار، فإن النمو سيرتفع تلقائياً إلى ما بين 3.5 و4% حتى نهاية العام الحالي.

* برأيكم ما هي الضغوط المباشرة للوجود السوري في لبنان؟
لقد وصل عدد النازحين السوريين إلى ما يقارب ربع سكان لبنان، مما يعني أن النزوح السوري العشوائي ساهم في الضغط على قطاعات عديدة، وأحدث خللاً في قطاعات مختلفة كالسكن، والطبابة والغذاء، ولبنان غير قادر على تحمّل الكلفة الناتجة عن هذا النزوح من دون المساعدات الدولية.

* بالنسبة للنازحين السوريين، كيف تتم معالجة الضغوط الاقتصادية؟
باتت أزمة النازحين السوريين، من الأمور الهامة التي تتطلب آليات جدية للحل، إذ أصبح من الضروري العمل على درء تأثيرات هذه الأزمة على لبنان وعلى كافة قطاعاته وذلك من خلال وضع رؤية عملية شاملة لمعالجات تداعيات النزوح السوري بالإضافة إلى وضع خريطة طريق لمعالجة آثار هذه الأزمة.

*كيف يمكن وضع خارطة طريق لمعالجة آثار الأزمة السورية، وتداعيات النزوح السوري؟
تتجلى خارطة الطريق التي نعمل عليها في تخفيف آثار الأزمة السورية عن طريق: العمل على القاعدة المعدة من قبل البنك الدولي، من حيث العمل على تنشيط الدورة الاقتصادية، من خلال تفعيل القطاعات التي لا طالما كانت مورداً مهماً للاقتصاد اللبناني كالسياحة والعقارات والمشاريع الآيلة إلى خلق فرص عمل جديدة. من جهة أخرى، نعمل على تنظيم دخول وخروج النازحين السوريين عبر الحدود، من خلال تحديد صفة النازح وتوفر الشروط اللازمة، وتنظيم المخيمات العشوائية، بالإضافة إلى وضع خطة لتنظيم العمالة في لبنان، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات سوق العمل اللبنانية، وأثر العمالة الوافدة على مستوى الأجور والأسعار، وذلك للحد من الضغوطات على سوق العمل.

* هل هناك أي اتصالات مع الخارج من أجل المساعدة في إعادة بناء البنى التحتية، وتحديث بعض المرافق الهامة؟
بالطبع هناك دائماً اتصالات مع الخارج للبحث في سبل درء تأثيرات الأزمة السورية، ولكن للأسف هناك غياب للمبادرات الدولية والعربية الجدية لمساعدة النازحين من جهة، ومساعدة اقتصادات الدول العربية التي تأثرت سلباً بتداعيات الأزمة.

* إلى أين نحن متجهون اقتصادياً بعد سلسلة الحوادث الأمنية؟
مع استمرار الأزمة السورية والحوادث الأمنية في لبنان، لا شك في أن هناك مخاوف من فقدان ثقة المستهلك والمستثمر وما إلى ذلك من تداعيات على الاقتصاد على جميع الأصعدة ومنها: مخاطر تفاقم التضخم، وخطر زيادة الدين العام، ومخاطر تراجع الاستثمارات، وارتفاع في معدلات البطالة ومستويات الفقر إلخ... ولكن نتأمل ومن خلال المعالجة الأمنية التي تضعها الحكومة ألا نصل إلى هذا الحد.

* ما هي القطاعات التي تأثرت بشكل كبير جراء الأوضاع السياسية والأمنية؟
من الطبيعي أن تتأثر القطاعات الاقتصادية نتيجة للأزمات في لبنان والمنطقة، وعليه شهد كل من القطاع السياحي والقطاع التجاري وقطاع العقارات والبناء تباطؤاً في النمو، وأعتقد أن المؤشرات السنوية تكشف حجم التراجع في هذه القطاعات من عام إلى آخر.

إقرأ أيضاً: القطاع المصرفي في تونس "دينامو" النجاح
المساهمون