الموصل: استئناف المعارك بعد اجتماع التحالف بقادة الجيش العراقي

24 ديسمبر 2016
القوات العراقية تتقدّم ببعض أحياء الموصل (محمود السامرائي/فرانس برس)
+ الخط -
دخل توقف القتال على أغلب محاور الهجوم على مدينة الموصل يومه الخامس على التوالي، في وقت تستمر فيه غارات التحالف الدولي وبشكل مكثف، في استهداف مواقع التنظيم وتحصيناته داخل المدينة المحاصرة. ونجحت مساء الجمعة، بحسب معلومات "العربي الجديد"، في استهداف رتل سيارات رباعية الدفع، كان يحاول دخول المدينة آتياً من الأراضي السورية، وقُتل 20 مسلحاً، ويُعتقد أن من بينهم قيادات بارزة. وتعزو قيادات عراقية عسكرية توقف القتال إلى صعوبات مختلفة، من أبرزها حقول ألغام داخل الأحياء السكنية، وقام بتفخيخ المنازل والمتاجر، وحتى أعمدة الكهرباء، فضلاً عن الانتحاريين والقنّاصة. وتعذّر استخدام قوات الجيش للأسلحة الثقيلة بسبب عشرات آلاف المدنيين المكدّسين داخل الأحياء الشرقية للموصل، حيث يجري القتال هناك. وهو ما ناقشه اجتماع موسع لقيادات الجيش العراقي مع ضباط أميركيين وفرنسيين وفقا لمعلومات "العربي الجديد".


في هذا السياق، كشف قائد رفيع المستوى في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد" أنه "عُقد اجتماع مغلق بين قيادات ومستشاري التحالف الدولي والقادة العراقيين، لبحث الوضع بشكل عام وتعزيز محاور القتال في المدينة". وأكد أن "قادة القطعات العسكرية العراقية المشاركة في معركة استعادة السيطرة على مدينة الموصل، عقدوا أمس الجمعة، مباحثات مكثفة في قاعدة مخمور العسكرية جنوب شرقي الموصل، بحضور مسؤولين عسكريين في قيادة التحالف الدولي، تركزت على مناقشة الخطط العسكرية الجديدة التي أعدت من أجل بدء مرحلة هجوم جديدة". وكشف عن أن "الاجتماع حضره ضباط أميركيون وفرنسيون من قيادة التحالف الدولي".

ونوّه المصدر إلى أن "من أبرز النتائج التي توصلت إليها مباحثات قادة الصنوف العسكرية مع مسؤولي التحالف الدولي، إعطاء دور أكبر لقوات التحالف الدولي في معركة الموصل ومضاعفة الغارات الجوية لطائرات التحالف الدولي". ولفت إلى أن "مباحثات القادة العسكريين ناقشت كذلك خطط تفعيل جبهات قتال جديدة حول مدينة الموصل، ومهاجمة الجانب الأيمن من المدينة، وعدم اقتصار محاولات الهجوم على الجانب الشرقي فقط، فضلاً عن بدء استخدام وحدة المهام الخاصة التي تتدرب في الأردن على يد القوات الأميركية، إذ تمّ استدعاؤها لهذا الغرض قبل إكمال عناصرها دورتهم التدريبية المقرر انتهاؤها في 21 يناير/كانون الأول المقبل". وكشف المصدر عن أن "الساعات القليلة المقبلة ستشهد بدء شن هجمات على المحور الجنوبي من خلال قصف مكثف على قاعدة الغزلاني (سبعة كيلومترات جنوب الموصل) لإجبار داعش على الانسحاب منها".

من جهته، شدّد قائد عمليات الجيش العراقي في نينوى، اللواء نجم الجبوري، في حديث مع "العربي الجديد"، على أنه "تم بحث مرحلة جديدة للهجوم قريباً جداً". وفي السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم عمليات نينوى العميد فراس بشار، لـ"العربي الجديد"، أن "لواءين وفرقتين من قوات الجيش العراقي باشرت تجهيزاتها لشن هجوم على أكاديمية الشرطة وحي الزيتون، ضمن محور شمال الموصل، بدعم من طيران التحالف".



في غضون ذلك، حلّقت في سماء مدينة الموصل طائرات تابعة للقوة الجوية العراقية وألقت أربعة ملايين منشور فوق مناطق الموصل. وذكرت خلية الإعلام الحربي الناطقة باسم قيادة العمليات المشتركة، أن "المنشورات التي ألقيت فوق الموصل كتبت بخط اليد من قبل أربعة ملايين مواطن عراقي، أرسلوا من خلالها رسائلهم الخاصة لأهالي الموصل، حملت عبارات الدعم والتشجيع لأهالي المدينة في إطار عملية نفسية خاصة لتخفيف آثار نشاط تنظيم داعش الإعلامي على أهالي الموصل".

في الوقت ذاته، استمر طيران التحالف الدولي بشن غارات مكثفة استهدفت مختلف مناطق الموصل، التي ما زالت تحت سيطرة "داعش"، إذ شهدت أجواء الموصل حركة كثيفة لمختلف أنواع الطائرات الحربية وشوهدت وهي تقصف عشرات الأهداف داخل الساحل الأيسر لمدينة الموصل.

واتخذت العمليات العسكرية في الموصل خلال الأسبوع الماضي طابع الاعتماد على دور طيران التحالف الدولي، في صدّ هجمات تنظيم "داعش"، وتدمير خطوط دفاعاتهم داخل الأحياء الشرقية لمدينة الموصل، بينما اكتفت القوات العراقية حتى مساء أمس الجمعة بإحكام سيطرتها على المناطق التي دخلت إليها سابقاً. ونفّذت عمليات تفتيش واسعة بحثاً عمّا وصفتها بـ"خلايا داعش النائمة"، التي تتأهب لمهاجمة الخطوط الخلفية للقوات الأمنية العراقية، بالإضافة إلى إعادة ترتيب صفوفها وحشد المزيد من القطعات العسكرية في الخطوط الأمامية استعداداً لانطلاق المعارك قريباً، حسبما ذكر ضابط في قيادة عمليات نينوى.

بدوره، أشار الضابط في قوات مكافحة الإرهاب، المقدم أثير الأسدي، إلى أن "طائرات التحالف الدولي قامت بتدمير عدد من المركبات المفخخة في أطراف منطقة كوكجلي، كانت تحاول ضرب القوات الأمنية في المناطق التي حررتها القوات العراقية شرق مدينة الموصل". وأضاف أن "المركبات كانت آتية من أحياء القدس والقاهرة المجاورة لمنطقة كوكجلي، التي ما زالت تحت سيطرة داعش، كانت تحاول عبور خطوط الصد التي أنشأتها القوات الأمنية حول المناطق المحررة، شرقي الموصل".



وجاءت ضربات التحالف الدولي في الجانب الأيسر من الموصل بعد وقت قصير من تمكن "داعش" من تفجير ثلاث مركبات مفخخة، استهدفت القوات الأمنية وتجمّعات المدنيين داخل منطقة كوكجلي، التي تسيطر عليها قوات جهاز مكافحة الإرهاب. وهو ما أدى إلى مقتل 34 شخصاً، بينهم رجال شرطة وجرح عشرات آخرين.

في محور غرب الموصل، يبدو المشهد الميداني أكثر تعقيداً، بفعل محاولة مليشيات "الحشد الشعبي" ومنذ أكثر من شهر ونصف الشهر السيطرة على مدينة تلعفر، والمناطق المحاذية لها من دون أن تحقق العملية العسكرية أهدافها المرسومة. وأشار قيادي في مليشيا "علي الأكبر" المنضوية في مليشيات "الحشد" في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "معارك غرب الموصل، تعرقلها أجندات سياسية وضغوط دولية حالت دون تقدم قوات مليشيات الحشد لاقتحام مدينة تلعفر والسيطرة عليها".

إلا أن مصدراً مطلعاً في قيادة عمليات نينوى، فنّد هذه الادعاءات بالقول إن "تأخر حسم قوات الحشد لمعركة تلعفر سببه صعوبة المعارك والمقاومة الشرسة التي يبديها تنظيم داعش، فضلاً عن غياب الدعم الجوي الكافي لقوات الحشد، والذي مكّنها سابقاً من حسم المعارك التي شاركت فيها".

وأوضح المصدر أن "قوات الحشد ما زالت تحاول فرض سيطرتها على القرى والمناطق الشاسعة المحيطة بمدينة تلعفر، وهي تخوض باستمرار اشتباكات عنيفة مع مقاتلي داعش في أطراف قرية الشريعة وتل عبطة".
إلى ذلك كشف قيادي في مليشيا "الحشد" لـ"العربي الجديد"، عن أن "قوات الحشد خاضت معركة عنيفة مع داعش على أطراف مدينة تلعفر، بعد محاولة التنظيم كسر الطوق العسكري، الذي تفرضه قوات الحشد حول المدينة".

وتشارك أغلب فصائل مليشيات "الحشد الشعبي" في عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مدينة تلعفر (60 كيلومتراً غرب الموصل) انطلقت منذ بداية الحملة العسكرية على الموصل، تمكنت خلالها مليشيات الحشد من فرض سيطرتها على عشرات القرى الواقعة غرب الموصل وجنوبها".

من جهة ثانية، اشتكى عدد من النازحين من الموصل من سوء أحوالهم المعيشية، وتردّي أوضاعهم اليومية في ظل النقص الحاصل بالمساعدات الإغاثية المقدمة لهم، ورداءة نوعية المواد والمستلزمات التي تُوزَّع عليهم. وتفاقمت الأوضاع المأساوية للنازحين بالإضافة إلى العائلات التي ما تزال داخل المدينة، في ظل استمرار العمليات العسكرية والقصف العشوائي الذي يودي بحياة عشرات المدنيين بشكل يومي. كما أن المراكز الطبية الميدانية في الموصل باتت مزدحمة بعشرات الجرحى والمرضى من كبار السن والنساء الحوامل.

المساهمون