الخوف سيد الاستفتاء البريطاني

24 يونيو 2016
يخشى جزء من البريطانيين القفز في المجهول(نيكلاس هالين/فرانس برس)
+ الخط -
عند كتابة هذه السطور، تكون إرادة الناخبين في بريطانيا قد بدأت برسم ملامح تاريخ جديد لحاضر المملكة المتحدة ومستقبل علاقاتها مع جيرانها وحلفائها الأوروبيين. وعلى الرغم من أن نتائج "استفتاء القرن" على مصير بريطانيا الأوروبي لن تظهر بشكلها النهائي حتى صباح الجمعة، إلا أنه يمكن المجازفة – على الأقل من جانب الكاتب - بترجيح فوز معسكر "البقاء"، وربما بأغلبية هامة.

وما يدفع هذا الرهان المُبكر الميل للظن أن تصويت البريطانيين لصالح بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي سيكون الرد المنطقي على فشل حملة "الخروج" في ترهيب الناس بخطاب شعبوي عنصري، قائم على "الزينوفوبيا" (كره الأجانب) و"الإسلاموفوبيا" وما فيهما من تحريض وكراهية ضد المهاجرين واللاجئين والمسلمين. والاعتقاد بأن البريطانيين سيصوتون لصالح "البقاء" دفاعاً عن قيم الديمقراطية في مواجهة اليمين الفاشي، الذي اخترق قواعد اللعبة السياسية عندما امتدت يده الآثمة لاغتيال النائبة جو كوكس، وتجرأت منابره العنصرية على تهديد النائبة إيفييت كوبر وأولادها وأحفادها بالقتل، بسبب مواقفهن المؤيدة لبقاء بريطانيا في الأسرة الأوروبية.

وإذا حصل وصوّت البريطانيون لصالح "البقاء"، فلا فضل لرئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، الذي فشل في تمرير خطاب مقنع للسواد الأعظم من الناس، بل عمد إلى تفزيع الناس وترهيبهم بحرب عالمية ثالثة، وبخطر داهم من روسيا و"داعش" في حال صوتوا للخروج من الاتحاد الأوروبي. ولن يكون لرئيس الوزراء الفضل في بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لأنه، وبدلاً من تنوير الناس بالحقائق، انصرف إلى "شخصنة" الاستفتاء، في مواجهة خصومه داخل حزب المحافظين، وفي مقدمتهم عمدة لندن السابق، بوريس جونسون، الذي تصدر دعاة "الخروج" بانتهازية سياسية لافتة.

ربما لم يصوت الناخبون لصالح "البقاء" لأنهم اقتنعوا بالخطاب "التفزيعي" الذي قدمه كاميرون خلال الحملات الدعائية والتعبوية. وربما لم يصوتوا لصالح "البقاء" لأنهم أدركوا فعلاً أن بلادهم ستكون أقوى وأكثر أمناً" ضمن الاتحاد الأوروبي. وربما لم يصوت الكثير من البريطانيين لصالح "البقاء" حباً بالمهاجرين واللاجئين، أو تمسكاً بالحدود المفتوحة. والأرجح أن البريطانيين صوتوا لصالح "البقاء" لأنهم فضلوا التمسك بالوضع القائم (status quo)، بدلاً من القفز في المجهول، وكأنهم قابلوا حملات التخويف والتفزيع والترهيب بخوف مماثل، سيحكم مستقبل المملكة المتحدة وعلاقاتها مع جيرانها الأوروبيين لعقود طويلة.     

المساهمون