وشارك العشرات من أهالي البلدتين، إلى جانب عوائل الشهداء، وأعضاء لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل، في وضع أكاليل الزهور على أضرحة الشهداء.
وجاءت هذه المراسم بالتوازي مع إضراب عام وشامل، أعلن في الداخل الفلسطيني وباقي الأراضي الفلسطينية وفي الشتات، بناء على قرار وتنسيق بين لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل، وبين الفصائل الفلسطينية المختلفة.
وقال محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للفلسطينيين في الداخل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإضراب تاريخي، وهو إضراب عادل، وصرخة شعب وموقف لشعب كامل تحاول الصهيونية إلغاءه خارج التاريخ وخارج الجغرافيا، خارج الحقوق، سواء حق تقرير المصير أو حق المواطنة، وخارج الشرعية، شرعية وجود أهل الوطن في الوطن".
وأضاف بركة، أنّ "الإضراب هو الأول لمجمل أبناء الشعب الفلسطيني، منذ الإضراب الكبير في العام 1936 مع اندلاع الثورة الفلسطينية، آنذاك"، مشيراً إلى "التعاون والتجاوب الكبير من كل القرى والمدن العربية الفلسطينية".
وحذر في الوقت عينه، مما وصفها "الأصوات المبحوحة التي تتحدّث بالعربية وبلغة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولغة زعيم حزب (البيت اليهودي) نفتالي بينت، التي تحاول التطاول على هذا الإضراب، وعلى شعبنا وعلى قيادته وعلى شهدائه، وعلى حقه في مواجهة قانون القومية".
أما وليد غنايم، شقيق الشهيد وليد غنايم الذي استشهد برصاص الشرطة الإسرائيلية في أحداث هبة القدس والأقصى، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000، فقال بدوره، لـ"العربي الجديد"، "نحن نحيي ذكرى شهدائنا الأبرار الذين سقطوا على أيدي الشرطة الإسرائيلية ضمن سياق عام للاضطهاد الإسرائيلي للجماهير العربية، وكانت النتيجة في انتفاضة القدس والأقصى مظاهرات عادية أدت إلى مقتل 13 شهيداً من الداخل".
وأضاف أنّه "حتى بعد 18 عاماً على هبة القدس والأقصى، فإنّ الظروف التي سادت في حينه لا تزال قائمة، مع تزايد في الاضطهاد للعرب والظلم والإجحاف والقتل"، معتبراً أنّ "ما يحدث لا يعطينا أملاً بأن نرى قتلة أبنائنا محاكمين وراء القضبان".
من جهته، نوّه مازن غنايم رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية في الداخل، بـ"وحدة القرار الفلسطيني في الإضراب، ليشمل كل الشعب الفلسطيني، بمن في ذلك نحو 6 ملايين فلسطيني في الشتات".
وقال، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا يدل على أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، واليوم لا يمكننا أن نتخلّى عن رسالة شهدائنا الأبرار، فدماؤهم الزكية التي سالت على تراب هذا الوطن، سالت كي نحافظ على ما تبقى من أراضي الآباء والأجداد".
وكانت أحداث هبة القدس والأقصى اندلعت بداية، في الجليل والمثلث والنقب، في 30 سبتمبر/أيلول عام 2000، عبر إعلان الإضراب العام، رداً على اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أريئيل شارون، المسجد الأقصى.
وردّت إسرائيل بقمع الإضراب، وقامت الشرطة الإسرائيلية بمهاجمة المتظاهرين واستهدافهم بالنيران الحية، مستعينة بوحدات من القناصة. واستمرت الأحداث الدامية من مظاهرات ومواجهات وإغلاق للطرقات والشوارع الرئيسية ثمانية أيام، انتهت باستشهاد 13 فلسطينياً من الداخل، وإصابة المئات بجراح، فضلاً عن اعتقال العشرات.
واضطرت حكومة إيهود باراك، في حينه، إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في ظروف سقوط الشهداء، لكن اللجنة سعت إلى تبرئة ساحة باراك ووزير شرطته شلومو بن عامي، وتحميل بعض المسؤولية المخففة على عناصر قيادة في الشرطة الإسرائيلية، دون أن تقدم أيا من عناصر الشرطة إلى المحاكمة.
في المقابل، حمّلت اللجنة المسؤولية عن اندلاع الهبة، وما سمته بـ"التحريض على العنف" لثلاثة من القيادات الفلسطينية البارزة في الداخل الفلسطيني؛ وهم: المفكر العربي عزمي بشارة، ورئيس "الحركة الإسلامية الشمالية" الشيخ رائد صلاح، والنائب السابق الشيخ عبد المالك دهامشة.