واشنطن تعلن تعليق الالتزام بمعاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى.. و"الأطلسي" يؤيّد

01 فبراير 2019
الانسحاب في غضون ستة أشهر (Getty)
+ الخط -

قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اليوم الجمعة، إن بلاده ستعلق التزامها بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى المبرمة مع روسيا غداً السبت، وستنسحب من المعاهدة التاريخية في غضون ستة أشهر إذا لم تتوقف موسكو عن انتهاكها، فيما أكدت موسكو أنها مستعدة لمواصلة الحوار حول المعاهدة.

وفور تصريحات بومبيو، أعلن حلف شمال الأطلسي تأييده الكامل للقرار الأميركي، معتبراً أن روسيا انتهكت هذا الاتفاق. 

وشدد بومبيو في مؤتمر صحافي على أن واشنطن ما زالت تأمل أن "تغير روسيا موقفها"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع روسيا في مفاوضات الحدّ من التسلح".

وأوضح وزير الخارجية الأميركي أنه "إذا لم تعد روسيا إلى الالتزام بالمعاهدة فسينتهي العمل بها"، مضيفاً: "سنقدم إخطاراً رسمياً لروسيا بانسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة في غضون ستة أشهر".

من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بيان، إنه ابتداءً من السبت "ستعلق الولايات المتحدة كافة التزاماتها بموجب معاهدة الحدّ من الصواريخ النووية المتوسطة، والبدء في عملية الانسحاب من المعاهدة، التي ستكتمل خلال ستة أشهر، إلا إذا عادت روسيا إلى الالتزام بالمعاهدة وتدمير جميع الصواريخ والمنصّات والمعدّات التي تنتهكها".

في المقابل، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن متحدثة باسم وزارة الخارجية، يوم الجمعة، قولها إن موسكو مستعدة لمواصلة الحوار حول المعاهدة.

وطبقاً لوكالة "أنترفاكس" للأنباء، قالت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا إن موسكو تحتفظ بحق الرد على قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المعاهدة.

كذلك، نددت زاخاروفا بالقرار الأميركي، قائلة إنه جزء من "استراتيجية" واشنطن "للتنصل من التزاماتها الدولية".

وشددت المسؤولة الروسية، لقناة التلفزيون العامة "روسيا 1"، على أن هذا ليس مسألة "تحميل روسيا المسؤولية (...) بل هي استراتيجية الولايات المتحدة للتنصل من التزاماتها القانونية الدولية في مختلف المجالات".

وفي وقت سابق، عبّر الكرملين عن أسفه للتحرك الأميركي، متهماً واشنطن بعدم الإنصات أو التفاوض لتجنّب مثل هذه النتيجة.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن "عدم رغبة الأميركيين في الإنصات إلى أي ذرائع وإجراء مفاوضات موضوعية معنا، يبين أن واشنطن اتخذت قرار نقض المعاهدة منذ وقت طويل".

وفي نهاية العام الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي إن الولايات المتحدة ستنسحب في غضون 60 يوماً من المعاهدة، التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة وتهدف إلى الحدّ من الأسلحة النووية متوسطة المدى، في حال لم تفكك روسيا الصواريخ التي تعتبر واشنطن أنها تشكل انتهاكاً للاتفاق. وردّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينها على موقف واشنطن، بالتهديد بتطوير مزيد من الصواريخ النووية المحظورة بموجب المعاهدة.

وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، التقى دبلوماسيون أميركيون وروس في جنيف، وسط ارتفاع منسوب القلق بشأن مصير الاتفاقية الثنائية.

ووصفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية للحد من التسلح والأمن الدولي أندريا ثومبسون، إثر اللقاء، الاجتماع بـ"المخيِّب للآمال"، معتبرة أنه "من الواضح أن روسيا لا تزال تنتهك المعاهدة بشكل ملموس، ولم تأت (إلى الاجتماع) وهي مستعدة لتفسير الكيفية التي تنوي من خلالها العودة للالتزام الكامل بها، الذي يمكن التحقق منه".

وتنفي روسيا انتهاك المعاهدة، وتقول إنه لا يوجد دليل على ذلك. 

وأمس الخميس، التقى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بتومبسون، لكنه أكد أن اللقاء "لم يسفر عن تقدم في قضية المعاهدة"، محملاً واشنطن المسؤولية عن ذلك.

وقال ريابكوف، في ختام محادثاته مع تومبسون في بكين: "للأسف، ليس هناك تقدم. موقف الجانب الأميركي حازم إلى حد كبير، ويتضمن إنذارات. قلنا للجانب الأميركي إنه يتعذر إجراء الحوار في ظروف محاولات ابتزاز روسيا".

واعتبر أن المهلة البالغة مدتها 60 يوماً، التي حددتها واشنطن بشأن المعاهدة، خصصت لمجرد التغطية على قرار الانسحاب منها.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد أعلن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انسحاب بلاده من معاهدة الحدّ من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وهو قرار أثار حفيظة الكرملين.


ووقّع البلدان المعاهدة عام 1987، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز أمن الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والشرق الأقصى. 

ووقّع المعاهدة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان والزعيم السوفييتي ميخائيل غورباتشوف، إذ أدت إلى التخلص من نحو 2700 صاروخ قصير ومتوسط المدى. ووضعت كذلك حداً لأزمة التسلّح التي اندلعت في ثمانينيات القرن الماضي.

وتمنع الاتفاقية واشنطن وموسكو من امتلاك أو تصنيع أو تجريب صواريخ كروز متوسطة المدى (300 إلى 3400 ميل).


مواقف دولية

وأعلن حلف شمال الأطلسي، يوم الجمعة، تأييده الكامل لقرار الولايات المتحدة تعليق التزاماتها بمعاهدة الحدّ من الصواريخ النووية المتوسطة المدى المبرمة مع موسكو، معتبراً أن روسيا انتهكت هذا الاتفاق.

وقال الحلف في بيان إن "الولايات المتحدة تقوم بهذه الخطوة رداً على مخاطر كبيرة على الأمن الأوروبي الأطلسي، يشكلها قيام روسيا باختبارات سرّية وبإنتاج ونشر منظومة إطلاق الصواريخ العابرة +9ام729+". وأضاف أن "الحلفاء يدعمون هذا العمل بالكامل".

وتعليقاً على الخطوة الأميركية، رأت ألمانيا أنه ينبغي على روسيا الالتزام ببنود المعاهدة، حتى يتسنى العمل بها.

وقال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، الذي قام بزيارات مكوكية بين موسكو وواشنطن في الأسابيع الماضية سعياً لإنقاذ المعاهدة، إن روسيا لا تزال تنتهك المعاهدة.

وقال ماس قبيل محادثات مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي في بوخارست، إن "المعاهدة تم خرقها من الجانب الروسي، والدعوات في الأيام الـ60 الماضية لمزيد من الشفافية والمعلومات، لم تتمخض عن أي شيء". ولفت إلى أن "معاهدة تنتمي لها دولتان موقعتان، وبخرق إحداهما بنودها، أُبطلت فعلياً".

بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية يوم الجمعة، أن بلاده "لم تلمس أي تغيير في سلوك روسيا خلال الـ60 يوماً الماضية"، مضيفاً أن الكرة في ملعبها الآن.

وتعتقد ألمانيا أن الطريقة الوحيدة التي يمكن لروسيا أن تنقذ بها المعاهدة، هي معالجة المخاوف المتعلقة بنظام صواريخ "كروز"، التي دفعت الولايات المتحدة إلى التخلي عن المعاهدة برمّتها.

من جهته، انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة، اليوم، بعد إعلانها أنها تعتزم الانسحاب من معاهدة للأسلحة النووية مع روسيا، وقال على تويتر: "أي اتفاق مع (الحكومة) الأميركية لا يستحق الحبر الذي يكتب به".


(العربي الجديد، وكالات)