معركة نيويورك تُنذر بتنافس محتدم لدى الجمهوريين والديمقراطيين

12 ابريل 2016
تعرضت كلينتون لعدة هزائم في الجولات الأخيرة(يوري غريبس/فرانس برس)
+ الخط -
يستعد مرشحو الرئاسة الأميركية لخوض جولة تنافسية صعبة في التاسع عشر من الشهر الحالي في ولاية نيويورك، التي تُعتبر معقلاً انتخابياً لثلاثة مرشحين على الأقل من بين المتنافسين الخمسة على تمثيل الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وتأتي جولة نيويورك في وقت بدأت فيه صدارة رجل الأعمال الأميركي النيويوركي دونالد ترامب تهتز لصالح منافسه السيناتور تيد كروز عند الجمهوريين، كما تأتي بعد أن مُنيت متصدرة السباق لدى الحزب الديمقراطي وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بثماني هزائم متتالية في آخر تسع جولات ضد السيناتور الليبرالي بيرني ساندرز. ولهذا يعوّل ترامب كثيراً على تحقيق فوز ساحق في نيويورك على أمل استعادة زخم تفوّقه في سباق تمثيل الحزب الجمهوري، بينما تجاهد كلينتون لعدم خسارة نيويورك لأنها الولاية التي تنتمي إليها مثلما ينتمي إليها ترامب. كما أن هذه الولاية هي مسقط رأس ساندرز وإن كان يمثّل ولاية فيرمونت، ويتمتع بتأييد كبير في نيويورك، وإذا ما فاز فيها على كلينتون فإنه سيضع حملتها أمام تهديد كبير قد يُفقدها زخم تفوّقها السابق، ويجعلها تخسر معظم الولايات الشمالية والغربية.
وكان آخر فوز لساندرز على كلينتون هو الذي أحرزه في ولاية وايومينغ بنسبة 56 في المائة مقابل 44 في المائة لوزيرة الخارجية السابقة. ولا يتجاوز عدد سكان وايومينغ نصف مليون نسمة سيكون لهم 14 مندوباً فقط إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي، بينما يقترب عدد سكان نيويورك من عشرين مليون نسمة، ويخصص الحزب الديمقراطي للولاية 291 مندوباً يمكن أن يُرجّحوا كفة ساندرز إذا فاز بأصواتهم. ولكن بما أن مندوبي الحزب الديمقراطي من كل ولاية يتوزعون بين المتنافسين حسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح في السباق، فمن المتوقّع أن يتقاسم ساندرز مع كلينتون مندوبي ولاية نيويورك حسب الأصوات التي ينالها كل منهما، وبالتالي فمن غير المرجح أن يتمكّن ساندرز من تصدّر السباق وإزاحة كلينتون.
وكان لنظام توزيع المندوبين حسب نسبة الأصوات، دور جوهري في إبقاء ساندرز في حلبة المنافسة على الرغم من الهزائم التي تلقاها لصالح كلينتون في الولايات الجنوبية في الشهرين الأولين من الانتخابات التمهيدية، ولكن النظام ذاته يؤدي دوراً سلبياً ضده في الولايات التي يتفوّق فيها على منافسته بنسب غير حاسمة. أما كلينتون فتعتبر نيويورك ملعبها، فهي مثّلت الولاية في مجلس الشيوخ، واختارت حي بروكلين في مدينة نيويورك ليكون منطلقاً لحملتها الانتخابية. وحي بروكلين الواقع في مدينة نيويورك الكبرى، هو مسقط رأس ساندرز وتقطنه نسبة كبيرة من اليهود الأميركيين الذين يحاول ساندرز تذكيرهم بأنه واحد منهم كونه ولد ونشأ في بروكلين. لكن ساندرز قرر التوجّه إلى الفاتيكان في زيارة يبدو أن الهدف منها هو كسب ود المتديّنين، لأن من نقاط ضعف ساندرز عدم وجود تأييد له في صفوف المتديّنين الديمقراطيين.


وعلى الرغم من أن ساندرز رفع عدد المندوبين المؤيدين له في الجولات الأخيرة إلى 1113 مندوباً، لكن الفارق بينه وبين كلينتون لا يزال في حدود المئتي مندوب. وإذا ما استمر ساندرز على هذا النسق من التقدّم، فمن غير المستبعد أن يحل موعد مؤتمر الحزب الديمقراطي قبل أن تُحسم النتيجة أو بتقارب شديد في الأصوات، وهو ما يضع أعضاء مؤتمر الحزب عند انعقاده في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا في يوليو/تموز المقبل أمام خيار صعب وجدل متوقّع حول من سيكون المرشح الأنسب والأقدر على إلحاق الهزيمة بممثل الحزب الجمهوري.
وإذا كان مؤتمر الحزب الديمقراطي أمام احتمال الانعقاد قبل حسم نتيجة التمثيل، فقد بات شبه مؤكد أن يحل موعد مؤتمر الحزب الجمهوري قبل حسم نتيجة تمثيل الحزب، وسيكون على أعضاء مؤتمر الحزب المفاضلة بين ترامب وكروز، وربما يدخل لاعبون آخرون إلى حلبة التنافس أثناء انعقاد مؤتمر الحزب، إذ لا يوجد أي مانع قانوني من طرح اسم أي شخص إضافي لم يشارك في التصفيات التمهيدية.
ويخشى مراقبون أن تعم الفوضى مؤتمر الحزب الجمهوري إذا ما نجحت محاولات استبعاد ترامب. لكن الأخير لا يبدو عليه أنه قد يئس من إمكانية الحصول على أغلبية كافية لمنع إسقاطه في مؤتمر الحزب، ويتوقّع لنفسه فوزاً كبيراً في ولاية نيويورك، ليس استناداً إلى أنها ولايته ومقر أعماله ومركز نفوذه فقط، بل لأن منافسه الجنوبي تيد كروز لا يتمتع فيها بقاعدة يمكن أن تساعده على إحراز أدنى غلبة فيها، بل إنه يأتي في المركز الثالث في استطلاعات الرأي لناخبي نيويورك بعد ترامب والمرشح الجمهوري الثالث حاكم ولاية أوهايو جون كيسيك. الأخير لا يزال مستمراً في السباق ليس من أجل تحقيق الفوز بل بغرض سحب نسبة من الأصوات من ترامب وتصعيب حصوله على نسبة الخمسين في المائة المطلوبة، ما يجعل عملية الاختيار منوطة بقادة الحزب وأعضاء مؤتمر الحزب المقرر عقده في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو في يوليو/تموز المقبل.

المساهمون