فصول من محاولات دول الحصار لإفشال الوساطة الكويتية

13 يوليو 2017
اتخذت محاولات تقويض وساطة أمير الكويت أشكالاً عدة (الأناضول)
+ الخط -
تولت الكويت منذ اليوم الأول لبدء حصار قطر، ملف الوساطة، وذلك بعد رفضها مع سلطنة عُمان الانضمام لدول الحصار، إذ قام الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح بجولة خليجية شملت زيارة كل من الدوحة ودبي وجدة. 

وحظيت جهود أمير الكويت بمباركة دولية من قبل وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وتوجت هذه المباركة بزيارة تيلرسون للكويت ومن ثم الدوحة وتوقيع اتفاقية المذكرة التنفيذية لمكافحة الإرهاب. لكن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قال إن هناك جهوداً واضحة للتقليل من شأن وساطة دولة الكويت الشقيقة ومساعي الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً بعد تسريب دول الحصار لاتفاق الرياض قبل يوم واحد من زيارة تيلرسون للكويت.

وبدأت جهود دول الحصار في محاولات تقويض الوساطة الكويتية أولاً عبر الضغط الإعلامي على الكويت في محاولة لابتزازها ودفعها للاصطفاف خلف دول الحصار، لكن القيادة السياسية في الكويت تجاهلت هذا الضغط وأوصت وسائل إعلامها بضبط النفس وعدم الانجرار خلف أي حرب إعلامية، قبل أن تقوم دول الحصار بإصدار لائحة للإرهاب شملت ثلاثة كويتيين يعيشون في الكويت، ولم تعلق وزارة الخارجية الكويتية على هذه اللائحة واختارت التعامل مع واقع أنها لم تصدر، تجنباً للحرج الدولي الذي تحاول دول الحصار دفع الكويت له.

لكن الأمور تطورت مع إعلان محور الرياض – أبوظبي في بيانه بعد اجتماع القاهرة الأخير يوم الأربعاء ما قبل الماضي، الذي شمل وزراء خارجية أربع دول هي السعودية ومصر والبحرين والإمارات، فشل الوساطة الكويتية وانتهاءها. أثار الأمر سخط دوائر القرار في الكويت خصوصاً أن الأميركيين قد أكدوا في مناسبات عدة على الدور الكويتي في حل هذه الأزمة حتى النهاية، واختارت دول الحصار سلاحها الأخير وهو تسريب اتفاق الرياض 2013 والاتفاق التكميلي لعام 2014 والذي وقع عليه قادة الدول الخليجية ورعاه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قبل يوم واحد من زيارة وزير الخارجية الأميركي للكويت. ومثّل هذا التسريب محاولة أخيرة ويائسة لإنهاء الوساطة الكويتية واستمرار التصعيد الذي تحاول الكويت جاهدة وقفه من كافة الجوانب، مما حدا بالحكومة الكويتية إلى إصدار بيان مشترك برفقة بريطانيا وأميركا عقب عشاء جمع أمير الكويت ووزير الخارجية الأميركي ومستشار الأمن القومي البريطاني مارك سيدويل، ناشدوا فيه دول الخليج بالاستمرار بالوساطة وانتهاج طريق الحوار كحل وحيد للأزمة.

لكن هذا البيان لم يبد كافياً بحسب رأي أمير الكويت الذي عاد وأصدر بياناً آخر استبق فيه اجتماع وزير الخارجية الأميركي بممثلي دول الحصار في جدة شدد فيه على الوساطة الخليجية وعبر فيه عن شعوره بالمرارة، وتأثره البالغ للتطورات غير المسبوقة التي يشهدها البيت الخليجي. وقال "ما خفف من الآلام وضاعف من عزم إرادتنا على معالجتها ما لمسناه من ردود فعل إيجابية، وتأييد لتحركنا ومساعينا لاحتواء هذه التطورات منذ بدايتها". وأكد في البيان على أن الوساطة التي يقوم بها قد حصلت على دعم شعبي كويتي واسع في وسائل التواصل الاجتماعي ومن منظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى الدعم الدولي والإقليمي لها، مشدداً على أنه لن يتخلى عن "مسؤوليته التاريخية" في حل هذه الخلافات.

وقال مراقبون سياسيون كويتيون، تحدثوا مع "العربي الجديد"، إن بيان أمير الكويت الأخير هو رسالة واضحة للدول الخليجية بأكملها بأن الحل يكمن في الحوار فقط وأن أي محاولة تصعيدية من أي طرف مصيرها الفشل، خصوصاً أن أمير الكويت قد حصل بشكل رسمي على الضوء الأخضر من كافة القوى الدولية لترتيب أوراق الأزمة الخليجية خصوصاً بعد تسريب أطراف سعودية وإماراتية لوثائق اتفاق الرياض التكميلي في تجاوز خطير للأعراف الدبلوماسية والمهنية والسرية التي تغلف اتفاقيات مثل هذه، ما جعل القيادة السياسية في الكويت ومسؤولي وزارة الخارجية يصفونها بالضربة اليائسة والأخيرة لإحراج الوساطة الكويتية ودفعها للخروج وهو ما لا يمكن أن يتم بحسب تصريح أمير الكويت.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، النائب السابق حسن جوهر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الدول الكبرى في المنطقة تؤمن بأن الكويت هي المرشح الإقليمي الوحيد لحل هذه الأزمة رغم محاولات الإفشال المتعمدة. والولايات المتحدة ترى  أن استمرار الأزمة من شأنه أن يعيد تشكيل خريطة التوازنات السياسية في المنطقة، ويسمح  لقوى إقليمية ودولية منافسة بالدخول في معادلات جديدة خصوصاً لما تتمتع به دولة قطر من مزايا اقتصادية واستراتيجية مهمة على الرغم من صغر حجمها الجغرافي والبشري، فهي في مقدمة الدول الغنية في العالم وتمتلك أكبر مخزون للغاز الطبيعي في المنطقة من دون أية التزامات مالية باهظة في الخارج".

المساهمون