تركيا و"الناتو".. صفقة "إس400" و"المراوغة" الأميركية في سورية تدفعان العلاقة نحو التأزّم

17 نوفمبر 2017
نذر تأزّم في العلاقة (فرانس برس)
+ الخط -
تبدو العلاقة التركية مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" كأنها في طور الدخول في أزمة جديدة، على الرغم من الاعتذار المتكرّر الذي وجهه الحلف وأمينه العام ووزير الدفاع النرويجي عن قيام أحد الضباط النرويجيين بوضع اسم كلّ من مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في قائمة أعداء الحلف، خلال المناورات العسكرية التي يُجريها الأخير في النرويج. لكن تصريحات مستشارة القوات الجوية الأميركية التي هدّدت أنقرة بالحد من وصولها إلى التقنيات العسكرية التابعة للحلف تضع صورة أكبر لمدى التوتر بين الجانبيين.


وفي ما بدا ردّاً على سياسات الولايات المتحدة في سورية، وبالذات استمرارها في دعم مليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، وكذلك "سياسات الاتحاد الأوروبي العدائية"، تتجه أنقرة، بشكل مستمر، إلى تعزيز تعاونها مع روسيا، في مواجهة ما تعتبره خطراً وجودياً عليها، وبالذات في المجال العسكري، ممثلاً بخرق منظومة التسليح التركية المعتمدة على الغرب، وشراء منظومة "إس 400" الدفاعية الصاروخية الروسية، الأمر الذي ساهم في توتير العلاقات المتصاعد بين أنقرة وبروكسل.


وفي تصريحات أدلت بها لموقع "ديفينس نيوز"، أكّدت نائبة مستشار القوات الجوية الأميركية، هايدي غرانت، أن إصرار تركيا على شراء منظومة "إس 400" سيؤدّي إلى الحد من وصولها إلى التقنيات العسكرية التابعة للحلف، مضيفة: "في المرحلة المقبلة من الممكن أن يتم اتخاذ تدابير في ما يخصّ شراء وإمكانيات استعمال الجيل الخامس من المقاتلات إف 35"، إذ إن تركيا تعتبر أحد المشاركين في تصنيع المقاتلة.


وأشارت المستشارة إلى أن شراء تركيا منظومة "إس 400" سيؤدي إلى تأثر كبير في التعاون العسكري، مشدّدة على أن استراتيجية الحلف لا تسمح بالتعاون مع منظومة "إس 400".


وتابعت المستشارة: "في البداية سنرى إن كانت اتفاقية (إس 400) سترى النور أم لا، وكيف سيتم العمل بها في المستقبل، ولكن يمكنني القول الآن إنه من غير الممكن أن يتم التعاون مع نظام إس 400".




وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أكد، اليوم، قيام أنقرة بسحب القوات العسكرية التركية المشاركة في المناورات التي يقوم بها الحلف في النرويج، بالقول: "نحن على علم بما تحاول أميركا تحقيقه من سيناريوهات عبر التنظيمات الإرهابية، إن التحالف شيء، والقيام بحركات لا تتوافق مع التحالف أمر آخر، لا تؤاخذونا، سنستمر في الحديث عن الأخطاء".

وأضاف: "يوم أمس حصلت حادثة في النرويج، لقد وضعوا قائمة تحت اسم قائمة الأعداء، ووضعوا فيها اسم أتاتورك في طرف واسمي في الطرف الثاني، وعندما وصلت هذه الأخبار تم نقلها إلى كل من رئيس الأركان ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة، واللذين كانا في طريقهما إلى كندا، وقاما بالاتصال بنا بينما كانا في الطريق، ليخبراني عن الأمر. هذا حصل في مناورات تابعة لحلف شمال الأطلسي، حيث يوجد 40 من عساكرنا، لذلك اتخذنا قراراً بسحبهم. قالوا لنا سنسحب الأسماء، فقلنا حتى لو أزالوا الأسماء (من قائمة الأعداء) اسحبوا الجنود الأتراك".


ولم تمض بضع ساعات على تصريحات الرئيس التركي حتى قدّم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس شتولتينبيرغ، اعتذاراً إلى تركيا عقب الحادثة، مضيفاً في بيان له: "جرى إطلاعي على ما حدث خلال مناورات الناتو في مركز الحرب المشتركة بمدينة ستافانغر النرويجية. أعتذر عن ذلك الخطأ الذي صدر عن شخص واحد، ولا يعكس موقف الحلف"، مشدداً على أن "الشخص المتسبب في الفضيحة تم عزله من وظيفته، وفتح تحقيق معه، إذ إنه ليس موظفاً في الحلف، وهو مدني يعمل بالتعاقد، وجرى تعيينه من الجانب النرويجي، ولذلك فإن قرار معاقبته المحتملة سيصدره المسؤولون النرويجيون".



ووقعت الحادثتان خلال المناورات النظرية (المحاكاة)، وتتمثّل الأولى بقيام أحد أفراد الطاقم الفني التابع للمركز العسكري المشترك في النرويج، المشرف على تصميم نماذج المحاكاة للسيرة الذاتية لقادة العدو، بوضع تمثال لأتاتورك مع السيرة الذاتية لأحد قادة العدو.


وبعد التحري عن هوية الفني الذي أرفق صورة التمثال ادّعى أنه أرفقها عن طريق الخطأ، وقدم اعتذاراً، وقال إنه لا علم له بأن الصورة تعود إلى مؤسس الجمهورية التركية، قبل أن تتم إزالة الصورة بعد تدخل الوفد العسكري التركي.


وفي الحادثة الثانية، فتح أحد الموظفين المدنيين المتعاقدين مع الجيش النرويجي، أثناء دروس المحاكاة، حساباً باسم رجب طيب أردوغان في برنامج محادثة، لاستخدامه في التدريب على "إقامة علاقات مع قادة دول عدوة والتعاون معها".


وعقب الحادثة، قدّم قائد المركز العسكري المشترك في النرويج، أندرزج ريودويتز، رسالة اعتذار حول الحادث، كذلك أعربت نائبة الأمين العام لـ"الناتو"، روز غوتمولر، عن أسفها الشديد حيالها، وتلاه اعتذار رسمي قدّمه وزير الدفاع النرويجي.