وشهد الأسبوعان الماضيان قرارات عدّة اتخذتها الوزارة تعتبر الأولى من نوعها منذ سنوات، وتتضمن بناء مقرات ومراكز شرطة جديدة وتعزيز وضع أفراد الأمن وزيادة الخدمات المقدمة لهم، وإخضاع قسم كبير منهم للتدريب على قتال المدن وتحرير الرهائن والتعامل مع شبكات الجريمة المنظمة وعصابات التهريب والسطو المسلح والمخاطر الإرهابية المحتملة. ويجري قسم من ذلك بدعم من قوات التحالف الدولي في مدن عدة من البلاد، عدا عن إعادة ما لا يقل عن 30 ألف مفصول من خط الشرطة إلى وظائفهم مجدداً في الأنبار ونينوى وصلاح الدين.
ويقول مسؤولون في الوزارة إنّ الإجراءات المتسارعة تلك تأتي ضمن خطة وطنية شاملة لتعزيز قوات وزارة الداخلية ضمن برنامج سحب الجيش العراقي وكافة القطعات العسكرية من المدن بشكل تدريجي خلال العامين المقبلين وتسليم الملف الأمني بالكامل للشرطة.
وأول من أمس الأربعاء، نشرت وزارة الداخلية العراقية بياناً قالت فيه إنّ "عدداً من مديري الدوائر المالية والتخطيطية في الوزارة، عقدوا اجتماعاً، للوقوف على تفاصيل موازنة وزارة الداخلية المقترحة لعام 2020 وتحديد الأسبقيات والأولويات للمشاريع المقترحة بحسب أهميتها، فضلاً عن تحديد التخصيصات المالية لإنجازها".
وأضاف بيان الداخلية "كما تمت مناقشة حاجة التشكيلات القتالية من الأسلحة والعتاد الذي تحتاجه تلك التشكيلات لأداء مهامها"، مبيناً أنه "تم الاتفاق على الاستعانة بالقروض الدولية لتغطية بعض من احتياجات الوزارة من الأسلحة والتجهيزات والمعدات الفنية والاستخبارية".
وتابع أنّ "المجتمعين ناقشوا توجيهات رئيس الحكومة ووزير الداخلية فيما يتعلق بتقديم الواجبات الأمنية والخدمية للمواطنين، خاصة فيما يتعلق بتأهيل مراكز الشرطة ووضع خطط وحلول سريعة وأخرى استراتيجية لتأهيلها".
في هذا الشأن، قال ضباط في وكالة الشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قرار رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، بتسليم ملف أمن المدن لوزارة الداخلية لم يكن مخططاً له قبل وقت كاف، وحالياً خطة الوزارة الاعتماد على الشرطة الاتحادية وتشكيلات أخرى تابعة لها لمساعدة الشرطة المحلية في المدن، التي سيتم تسلم ملفها الأمني".
ولفت الضابط، إلى أنّ "الخطة تمتد حتى عام 2022 وبشكل تدريجي، وقد تمتد لفترة أطول لكن الوزارة تعمل على تهيئة نفسها من ناحية تسليح أفرادها أو البنى التحتية الكاملة الواجب توفرها في المدن".
واعتبر أنّ "الشرطة المحلية اكتسبت خبرة كبيرة خلال معارك ضد تنظيم "داعش"، وتكاد تكون أفضل من جيوش لدول مجاورة لكن مع ذلك العراق بلد مترامي الأطراف والحاجة لتطوير الشرطة مهم جداً"، لافتاً إلى أن "الخطة تضمن أن يتم تجهيز كل عنصر أمن بسلاح ومعدات حديثة ومتكاملة".
واعتبر مراقبون للشأن الأمني العراقي أن عملية تعزيز قوات الشرطة بالأسلحة والمعدات الكافية خطوة ستكون الأبرز بحكومة عادل عبد المهدي إذا نفذت فعلاً.
وأوضح الخبير الأمني سعد الركابي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومات المتعاقبة تعاملت مع الشرطة على أنها قوات ثانوية طيلة السنوات الماضية بفعل عنف الإرهاب والمعارك، لذا استمر الثقل الأكبر على الجيش وتواصلت معه المشاكل"، معتبراً أن "الجندي غير قادر على التعامل مع المواطن كما يجيد ذلك الشرطي".
ولفت إلى أن "هناك تأييدا سياسيا كاملا لتعزيز دور وكفاءة الشرطة المحلية في العراق بالتأكيد، إضافة إلى ترحيب الشارع".
في المقابل، يؤكد مواطنون تفضيلهم الشرطة على قوات الجيش في ملف أمن مدنهم الداخلي، وذلك ضمن مسعى منهم لرؤية أقل للعسكر والدبابات والدروع التي تجوب الطرق بين أحيائهم السكنية والأسواق الشعبية.
وقال فراس عبد الله من أهالي محافظة بابل، لـ"العربي الجديد"، إنه "مع كل الحب والتقدير الذي نكنه للجيش لكن وجوده خارج المدينة أفضل بكثير لنا وله، والشرطة مدربة على التعامل بشكل أفضل مع المواطنين شريطة أن تكون قادرة على حفظ حياة الناس من أي تهديدات إرهابية"، مؤكداً أن السكان يرحبون بالخطوة.