وألقت الملكة إليزابيث كلمتها، اليوم الإثنين، في مجلس اللوردات بعد سير موكبها من قصر بكنغهام إلى مقر البرلمان في ويستمنستر، في استمرار لتقاليد تعود لقرون، وبسطت فيها الخطوط العريضة لـ 22 قانونا، من بينها بعض التدابير التي تسمح لبريطانيا "باستغلال الفرص التي يقدمها بريكست"، وفقا لوسائل إعلام بريطانية.
وقال جونسون بعيد خطاب الملكة "يسمح خطاب الملكة لي كرئيس للوزراء بتحريك بلدنا العظيم مجددا. الشعب تعب من حالة الجمود وينتظر التغيير. لا يريدون انتظار التحسينات على مشافيهم. لا يريدون انتظار الأمن في شوارعهم. لا يريدون انتظار التمويل لمدارس أبنائهم وتوفير التعليم الذي يستحقون".
وأضاف "أن مغادرة الاتحاد الأوروبي فرصة كبيرة لنا لتحديد مسار جديد لبلدنا، للقيام بأمور لم نستطع فعلها لعقود، والتخلص من القيود البيروقراطية وتحديد قوانيننا، وإطلاق العنان لمهاراتنا وإبداعنا".
وكانت حكومة جونسون قد علقت عمل البرلمان يوم الثلاثاء الماضي للتحضير لخطاب الملكة، بينما كانت محاولة سابقة لإغلاق البرلمان بداية سبتمبر/ أيلول الماضي قد دفعت المحكمة العليا لاعتباره لاغيا لأنه يكتم النقاش البرلماني.
ويجتمع البرلمان غداً لمناقشة مشاريع القوانين المطروحة في خطاب الملكة، وهو ما قد يمتد لخمسة أيام، وليتم التصويت على الخطاب بعد انتهاء المناقشات. ونظراً لسجل جونسون في البرلمان حتى الآن، فإنه قد يخسر هذا التصويت أيضاً، حيث خسر 7 تصويتات برلمانية منذ وصوله إلى رئاسة الوزراء.
ووفقاً لقانون الانتخابات والبرلمان البريطاني، لا يعد التصويت على خطاب الملكة مماثلاً للتصويت على الثقة في الحكومة، كما كان الحال قبل عام 2010، إلا أن خسارة جونسون للتصويت ستعقد من وضع حكومته الهشة.
ومع انسداد أفق مفاوضات "بريكست"، والتباين في المواقف بين حكومة جونسون والبرلمان حول شكله، يلوح في الأفق خيار الانتخابات العامة، وسيعتمد المحافظون على السياسات المطروحة في خطاب الملكة قاعدة لبرنامجهم الانتخابي.
ويشمل خطاب الملكة مشاريع قوانين تتعلق بمستقبل بريطانيا بعد "بريكست"، ونقاطاً أخرى من منطلق أجندة داخلية بحتة. ومن بين مشاريع القوانين المطروحة تعزيز العقوبات الجنائية، وإصلاح السجون التي تعاني من نقص في التمويل منذ وصول المحافظين إلى الحكم عام 2010.
وتشمل الإصلاحات أيضاً رفع سقف العقوبات المفروضة على المواطنين الأجانب الذين يخرقون قوانين الترحيل، في تشدد حكومي ضد الهجرة غير القانونية. ويعتقد المحافظون أن مثل هذه السياسات سترفع من حظوظهم بين ناخبي حزب "العمال" في أية انتخابات مقبلة.
ويدعم المحافظون سياسة استقطاب ناخبي "العمال"، وخاصة في الدوائر غير الراضية عن مسار "بريكست" العمالي، من خلال وعود الإنفاق في المستشفيات والمدارس بعد عقد من سياسات التقشف، ما وصفه المحافظون بأنه "أولويات الناس".
كما ستشمل القوانين الجديدة إلزام الناخبين بإحضار هوية شخصية إلى مراكز الاقتراع الانتخابية، وهو ما ترى فيه المعارضة تحييداً للعديد من الناخبين. ويضاف إلى ما سبق قوانين بيئية تختص بتخفيض انبعاثات الكربون واستهلاك البلاستيك.
أما في ما يتعلق بما بعد "بريكست"، فسيكون نظام الهجرة الجديد المبني على النقاط، على رأس هذه القوانين الجديدة، والذي ينتظر أن يباشر به في عام 2021.
انسداد أفق مفاوضات "بريكست"
وفي الوقت ذاته، فشلت مفاوضات "بريكست" الجارية في بروكسل في التوصل إلى أية حلول يمكن البناء عليها خلال القمة الأوروبية المنتظرة يوم الخميس، وهو ما يعزز الاعتقاد لدى دول الاتحاد الأوروبي باستحالة خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية يوم 31 أكتوبر\ تشرين الأول باتفاق.
وأشار كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشيل بارنييه، مساء الأحد، إلى احتمال أن تستمر المفاوضات إلى ما وراء موعد القمة الأوروبية يوم الخميس، في حال وجود أمل في اتفاق.
وأطلع بارنييه ممثلي دول الاتحاد على مجريات المفاوضات التي دخلت نفق المباحثات السرية يوم الجمعة، وليقول إن المقترحات البريطانية حول الحدود الأيرلندية لا تزال تحمل خطورة لأنها "غير مجربة". وأضاف أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الجرأة السياسية من جانب جونسون للتوصل إلى اتفاق ممكن هذا الأسبوع.
ويدفع ذلك للحديث عن بدائل يتم نقاشها في القمة الأوروبية، وخاصة تمديد موعد "بريكست"، وهو ما يمكن أن يتم في حال الحاجة إلى تمديد تقني لإتمام الاتفاق. أما الخيار الآخر فسيكون في التمديد لصالح إجراء انتخابات عامة في بريطانيا.
وكان بارنييه قد طالب بمنح بريطانيا "فرصة أخيرة" للتوصل لبديل واقعي لخطة المساندة الأيرلندية، حيث اقترح استمرار المحادثات الحالية حتى مساء الأربعاء.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد قالت إن بريطانيا ستكون منافساً للاتحاد الأوروبي في الأسواق العالمية بعد "بريكست" مثل الصين والولايات المتحدة، مشيرة إلى ضرورة أن يكشف الاتحاد الأوروبي عن جودة معدنه، وذلك قبيل لقائها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد.
ويسود اعتقاد في الدوائر الأوروبية أن المقترحات البريطانية غير المجربة لن تجد من يدعمها في هذه الفترة القصيرة المتبقية من موعد "بريكست"، ولذلك يطالبون بريطانيا بتبني مقترحات تم طرحها مسبقاً، مثل إبقاء أيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي الأوروبي.
ومن جانبه، أشار رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يستطيع إلا أن يقبل طلب بريطانيا لتأجيل موعد "بريكست" إن تقدمت بهذا الطلب خلال القمة الأوروبية.
ويُلزم القانون البريطاني رئيس الوزراء بالتقدم بطلب تأجيل موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، في حال فشل في التوصل لاتفاق بحلول 19 أكتوبر/ تشرين الأول.