رأت وكالة "فرانس برس"، في مقال تحليلي لها اليوم الجمعة، أن سحب الولايات المتحدة قواتها من سورية يمهّد الطريق أمام إيران لترسيخ نفوذها في المنطقة عبر ممر بري يربطها بالبحر المتوسط، وهو الهدف الذي لطالما طمحت إليه طهران وتصدّت له واشنطن، وفق الوكالة.
ويرجح محللون للوكالة بأن يمكّن هذا السيناريو إيران من إعادة رسم خريطة المنطقة، كون هذا الممر يربط أراضيها بالعراق فسورية وصولاً إلى لبنان. وينطلق منتقدو قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أنه سيسمح لإيران بتحقيق هدف استراتيجي، شكل منعه أحد أبرز أولويات السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.
ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في الشأن السوري جوليان تيرون للوكالة، تعليقاً على القرار الأميركي: "من الواضح أنه انتصار استراتيجي لطهران (...) سيسمح لها بكسر المنطقة العازلة التي أرساها الغرب بين سورية والعراق ومن ثم التموضع فيها". وتنشر إيران، التي تعد إلى جانب روسيا من أبرز حلفاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، مستشارين عسكريين ومقاتلين في سورية، بالإضافة الى آلاف المقاتلين الموالين لها من دول عدة، دعماً لعمليات الجيش السوري.
وتقدّم القوات الأميركيّة، من جهة، الدعم والتدريب لمليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، في معركتها الراهنة ضد "داعش" الإرهابي الذي يتحصن في آخر جيب له في محافظة دير الزور على الضفاف الشرقية لنهر الفرات؛ ومن جهة ثانية، تتمركز في قاعدة التنف عند مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية.
ومن خلال مواقعها في سورية والعراق، تمكنت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من تقييد الحركة إلى حد ما عبر هذا "الممر البري".
ويناقض انسحاب القوات الأميركية من سورية ما سبق وكرّره مسؤولون أميركيون لناحية أنها ستبقى في سورية حتى مغادرة إيران وحلفائها. ويورد تقرير صادر الأربعاء عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أنه "يجب على البيت الأبيض أن يفهم أن عنصراً رئيسياً في سياسته تجاه إيران معرّض للخطر هنا: وتحديداً، الجهد المبذول لمنع إيران من ترسيخ نفسها في سورية، وإقامة جسر بري إلى لبنان، والتهديد المباشر لإسرائيل".
وبالنسبة للباحث في "مؤسسة سنتشوري" للأبحاث آرون لوند، فإنه لا يزال مبكراً الحديث عن الجهة التي ستملأ الفراغ الذي سيتركه الأميركيون. ويقول للوكالة: "أعتقد أنه علينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث، ومدى سرعة انسحاب الولايات المتحدة وما إذا سيكون كاملاً ومن سيملأ الفراغ". ويضيف "يمكن أن تحصل فوضى".
(فرانس برس)