وارتفع عدد الضحايا العراقيين في التظاهرات، إلى قتيلين، بعد مقتل متظاهر آخر في ذي قار جنوبي العراق، بينما ارتفع عدد المصابين الكلي إلى أكثر من 300 حالة جراء إطلاق العيارات النارية أو الاختناق.
وقال مراسل "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ قوات الجيش أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير وسط بغداد بالكامل من جهة الباب الشرقي، وشارع السعدون، وجسر الجمهورية، وشارع أبي نؤاس، في وقت تجمع العشرات من المواطنين في ساحة الطيران القريبة وشارع الشيخ عمر المؤدي إلى الباب المعظم. وشهدت مناطق الشعب والزعفرانية والصدر والفضل تجمعات أيضاً لمواطنين أحرقوا خلالها الإطارات، فيما لا تزال التظاهرات جارية في الناصرية والرفاعي والجبايش والديوانية، في وقت ينتشر الجيش في البصرة المطلّة على مياه الخليج العربي، تحسباً لخروج تظاهرات كبيرة.
وبدت مطالب التظاهرات عشوائية وغير موحدة، في تأكيد على أنّ الغالبية خرجت إلى الشارع بناء على دعوات نشرت على مواقع التواصل، لكنها بالمجمل كانت تطالب بالخدمات والوظائف والقضاء على الفساد والأحزاب التي تتناوب على حكم البلاد منذ الغزو الأميركي البريطاني للبلاد عام 2003.
وقال عضو في البرلمان العراقي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة استفزت المتظاهرين من خلال العنف الذي استخدمته، يوم أمس الثلاثاء، معهم، ولا يعرف كيف سيكون الحال خلال الساعات المقبلة"، مؤكداً أنّ القمع المفرط تسبب بنتائج عكسية في الشارع.
فتح تحقيق
وفي وقت متأخر من ليلة أمس، دعا رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، الجميع إلى التهدئة، مؤكداً فتح تحقيق بأحداث الأمس. ووعد عبد المهدي، في بيان صحافي، بأنّه سيعمل على "تحقيق تطلعات الشعب المشروعة والاستجابة لكل مطلب عادل لمواطنينا"، مؤكداً "حرصنا منذ البداية على وضع حلول حقيقية جذرية لكثير من المشاكل المتراكمة منذ عقود، وبدأنا نتلمس النتائج المرجوة، ومستمرون بالعمل على تحقيقها".
وأضاف إننا "لا نفرق بين المتظاهرين الذين يمارسون حقهم الدستوري في التظاهر السلمي، وبين أبناء قواتنا الأمنية الذين يؤدون واجبهم بحفظ أمن المتظاهرين وأمن الوطن والاستقرار والممتلكات العامة، ولكننا نميز بوضوح بين ضحايانا سواء من المتظاهرين السلميين أو قواتنا الأمنية البطلة التي تحميهم، وبين المعتدين غير السلميين الذين رفعوا شعارات يعاقب عليها القانون، تهدّد النظام العام والسلم الأهلي، وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا من المتظاهرين الأبرياء ومن قواتنا الأمنية التي تعرّض أفرادها للاعتداء طعناً بالسكاكين أو حرقاً بالقنابل اليدوية".
وحيا عبدالمهدي ما وصفه بموقف الأجهزة الأمنية التي "أظهرت قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس والالتزام بقواعد حماية المتظاهرين"، وفقاً لزعمه، متعهداً "بالبدء بإجراء تحقيق مهني للوقوف على الأسباب التي أدت لوقوع الحوادث".
ويرافق ذلك حالة إنذار لدى الأجهزة الأمنية، التي تلقت "توجيهات بالتيقظ والحفاظ على الأمن العام"، وفقاً لضباط أمن.
ردود فعل محلية ودولية
وأثارت التظاهرات ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية، إذ دان ائتلاف "النصر" بزعامة حيدر العبادي، "استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين"، داعياً، في بيان، إلى "فتح تحقيق شامل، وعدم تسييس التظاهرات الشعبية وتوظيفها حزبياً ومصلحياً".
من جهته، عدّ زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي، أحداث الأمس "دليلاً على وجود أيادٍ خبيثة تريد العبث باستقرار البلاد على حساب أرواح الأبرياء"، مؤكداً في بيان له أننا "كنا قد حذرنا من وجود مشروع كهذا قبل انطلاقه وما زلنا نحذر منه".
ودولياً، أكدت منظمة "العفو" الدولية (أمنيستي)، ومقرّها لندن، أنّها تتابع الاحتجاجات في بغداد، وطالبت، في تغريدة على "تويتر"، الثلاثاء، السلطات العراقية بـ"ضبط النفس واحترام حرية التعبير عن الرأي والتجمع وعدم استخدام الأسلحة النارية والعنف المفرط".
Twitter Post
|
من جهتها، أعربت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، عن "قلقها البالغ" إزاء العنف الذي رافق تظاهرات بغداد ومحافظات عراقية، وطالبت قوات الأمن بـ"ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات".
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق جينين هينيس بلاسخارت، في بيان اطلعت عليه "الأناضول": "نعرب عن قلقنا البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض التظاهرات في بغداد ومحافظات أُخرى"، داعية إلى التهدئة. وأعربت عن "بالغ الأسف لوقوع ضحايا بين المتظاهرين والقوات الأمنية"، مجددة "التأكيد على الحق في الاحتجاج".
وشددت بلاسخارت على أن "لكل فردٍ الحقُّ في التحدّث بحريةٍ بما يتماشى مع القانون".
وطالبت القوات الأمنية بـ"ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات، لضمان سلامة المتظاهرين السلميّين مع الحفاظ على القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة".