المعارضة السورية ترفض مبدأ التزامن في بحث "السلال الأربع"

18 مارس 2017
هاجمت موسكو عناصر القبعات البيضاء في سورية (فراس فحام/الأناضول)
+ الخط -

مع اقتراب موعد الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف، المقررة في 23 مارس/آذار الحالي، واصلت قوى المعارضة السورية تحضير ملفاتها للمشاركة في هذه الجولة، بعد أن قاطعت اجتماعات أستانة،و التي ترعاها روسيا، والتي ترى المعارضة أنها تستهدف حرف العملية السياسية عن أهدافها، وإغراقها بقضايا إجرائية لكسب الوقت والتهرب من الاستحقاقات الرئيسية لعملية التفاوض.

وبعد أن أنهت الهيئة السياسية للائتلاف الوطني المعارض اجتماعات عقدتها في إسطنبول، خلال اليومين الماضيين، بالتأكيد على مرجعية جنيف في مفاوضات التسوية، وأولوية عملية الانتقال السياسي في مسارات التسوية، والتي حددها المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، خلال الجولة السابقة، قال عضو الهيئة السياسية، رياض الحسن، إن المجتمعين وضعوا ملاحظاتهم على "الورقة" التي قدمها دي ميستورا في جولة التفاوض الأخيرة. وبدأت في الرياض، أمس الجمعة، اجتماعات للهيئة العليا للمفاوضات تستمر حتى اليوم السبت، للتحضير لمفاوضات جنيف، على أن يعقد الوفد المفاوض اجتماعات مماثلة في 19 و20 مارس/آذار الحالي في الرياض أيضاً، قبل أن يتوجه وفد المعارضة إلى جنيف الأربعاء المقبل، أي قبل يوم من بدء المفاوضات.

وقال المتحدث باسم وفد المعارضة السورية، يحيى العريضي، إن المجتمعين في الرياض بحثوا، إضافة إلى النقاط التي تناولها اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف في إسطنبول، الأسئلة الـ27 التي كان دي ميستورا قد طرحها خلال جولتي التفاوض الثانية والثالثة، والمتعلقة بالحكم الانتقالي وعلاقات المؤسسات مع بعضها، فضلاً عن السلال الأربع التي طرحها خلال جولة التفاوض الأخيرة. وأكد العريضي، في حديثه مع "العربي الجديد"، موقف المعارضة الرافض لمبدأ التزامن في بحث الملفات الأربعة وفق طرح دي ميستورا، مشدداً على أولوية عملية الانتقال السياسي، معتبراً أن التزامن إنما يستهدف إغراق العملية التفاوضية بالتفاصيل، بحيث لا تثمر عن أية نتيجة، في النهاية. وأشار بشكل خاص إلى موضوع الإرهاب الذي أضافه وفد النظام إلى ملفات التفاوض خلال الجولة السابقة، معتبراً أن الهدف من إضافته هو الهروب من بحث عملية الانتقال السياسي، لأن هذا الموضوع شائك ويشبه البحث عن لون الماء، حسب تعبيره. ورأى أن ترحيل الجانب الميداني من ملف الإرهاب إلى أستانة خفف من حدة الموضوع، وهو يريح نسبياً مفاوضات جنيف.

وحول التوقعات من جولة جنيف المقبلة في ظل استفراد روسيا تقريباً بالرعاية الدولية لهذه المفاوضات، قال العريضي "إننا نراهن على مزيد من الانخراط الأميركي في المفاوضات"، مشيراً إلى التصريحات الأميركية بهذا الخصوص، وإن "كنا لا نعول عليها كثيراً" بانتظار التعرف أكثر على ماهية الموقف الأميركي الحذر حتى الآن، باستثناء الشق المتعلق بإيران. واعتبر أن أي تحجيم لدور إيران في المنطقة تستفيد منه الثورة السورية، مشيراً إلى أن زيارة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، إلى واشنطن تصب في هذا الاتجاه. وبشأن تشكيلة وفد المعارضة إلى جنيف، وعما إذا كان هناك تقدم باتجاه تشكيل وفد موحد للمعارضة، يجمع منصتي موسكو والقاهرة إلى وفد التفاوض الرئيسي، قال العريضي إن هناك اتصالات تجري مع منصتي القاهرة وموسكو، وثمة تقدم محدود في هذا الاتجاه.


وإذ تتزامن المفاوضات المرتقبة مع مواصلة قوات النظام والطائرات الروسية قصف مناطق المعارضة السورية، من دون الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، مع محاولات روسية حثيثة للتملص من مرجعية جنيف، باتجاه إرساء مرجعيات جديدة للمفاوضات، قال المستشار الإعلامي لوفد المعارضة السورية إلى جنيف، وائل علوان، لـ"العربي الجديد"، إن فصائل المعارضة استجابت لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أنقرة في 29 ديسمبر/كانون الأول 2016، ووافقت على حضور مفاوضات أستانة، على أمل أن يسهم ذلك في حقن الدم السوري ورفع الحصار ووقف عمليات التهجير. غير أن عدم ترجمة مخرجات والتزامات هذه اللقاءات على الأرض، وتهجير أهالي وادي بردى، جراء القصف العنيف وغارات الطيران، التي تشرف عليها روسيا بشكل مباشر، جعل قوى المعارضة تفقد ثقتها باجتماعات أستانة، وتشكك بمدى جدية روسيا في الوفاء بالتزاماتها مع المعارضة وتركيا. وأضاف علوان أنه حتى مع إعلان روسيا هدنة جديدة على هامش جنيف 4، تستمر حتى 20 مارس/آذار الحالي، تشمل خصوصاً الغوطة الشرقية، فإن الوضع على الأرض لم يتغيّر، وواصل النظام تصعيده العسكري في درعا والغوطة وبرزة والقابون شرق دمشق، وعلى حي الوعر المحاصر في حمص، فضلاً عن ارتكابه مجازر بحق المدنيين في إدلب وريفها، وهو ما دعا فصائل المعارضة إلى مقاطعة اجتماعات أستانة، على أمل ألا نصل إلى النتيجة نفسها بشأن مفاوضات جنيف، إذا ما واصلت روسيا التغطية على سلوك النظام الرامي إلى نسف المفاوضات والتهرب من استحقاقاتها.

في غضون ذلك، أشاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدور تركيا في وقف الأعمال القتالية بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، وفي إطلاق اجتماعات أستانة ومفاوضات جنيف. وأكد بوتين، خلال مراسم تسلّمه أوراق اعتماد عدد من السفراء الأجانب، أن "الدور النشط لروسيا وتركيا ساهم بقدر كبير في وقف الأعمال القتالية بين الجيش والمعارضة المسلحة"، مشيراً إلى أن اجتماعه الأخير مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، ناقش "الخطط المستقبلية في سياق محاربة الإرهاب في سورية والتسوية السياسية في هذا البلد". من جهتها، جددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، انتقادها موقف المعارضة المسلحة التي قاطعت الجولة الثالثة من اجتماعات أستانة. وقالت إن قرار المقاطعة كان بمبادرة من طرف ثالث، لم تحدده. أما وزارة الدفاع الروسية فقد صبت جام غضبها على تقارير المنظمات الدولية التي تتحدث عن تردي الأوضاع الإنسانية في سورية، في ظل مواصلة القصف من جانب النظام والطائرات الروسية. وقال المتحدث باسم الوزارة، الجنرال إيغور كوناشنكوف، في تصريحات أمس الجمعة، إن تقارير المنظمات الدولية حول تقييم الوضع الإنساني في سورية "غالباً ما تكون منحازة، وليس لها أي تأثير إيجابي على الوضع في البلاد، كونها مبنية على إفادات النشطاء المستقاة من شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تضر بسمعة المنظمات الدولية ووسائل الإعلام المعروفة، بدلاً من أن تساعد في حل القضايا الإنسانية في سورية" حسب تعبيره. وهاجم كوناشنكوف الدفاع المدني في سورية (القبعات البيضاء) ومعهم بريطانيا، والتي قال إنها تدعمهم. وقال "لا يستطيع إلا البريطانيون السذّج اعتبار أن اللصوص بالخوذ البيض كانوا هؤلاء الخبراء. فهم لم يعرفوا إلا منذ فترة قصيرة أن إعالة هؤلاء المشعوذين، منذ عام 2013، كلفت الميزانية البريطانية أكثر من 30 مليون جنيه إسترليني". وجاءت تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية تعليقاً على تقارير، للعديد من المنظمات الدولية ووسائل الإعلام حول الوضع الإنساني في سورية، تتهم روسيا بقصف المدنيين واستهداف مواقع البنية التحتية المدنية في البلاد.

المساهمون