كابول تشهد أشرس موجة اعتداءات: متهمون في الداخل والخارج

30 يناير 2018
تكثفت الاعتداءات أخيراً في كابول (وكيل كوهسار/فرانس برس)
+ الخط -

في خضم تهديدات أميركية وأفغانية متتالية للجماعات المسلحة، وعلى رأسها حركة طالبان والدول الموالية لها مثل باكستان، تشهد العاصمة الأفغانية حالياً أشرس موجة عنف، راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين بجانب بعض الأجانب وعدد من قوات الأمن. وهو ما فتح أبواباً متعددة لتوزيع الاتهامات على أطراف عدة، بعضها خارجي، لناحية فتح المجال أمام زيادة وتيرة الاعتداءات. وكانت لباكستان حصة وازنة من الاتهامات لناحية تحريك "جماعات محسوبة عليها"، بحسب خصوم إسلام آباد، كنوع من الرد على الهجمة السياسية الأميركية ضدها، دائماً بحسب تحليلات تنفي باكستان صحتها.

في هذا السياق، رأى المحلل الأمني إسماعيل وزيري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الولايات المتحدة إذا أرادت فعلاً أن تقضي على طالبان، فهي تعرف من أين يأتي الانتحاريون وكيف يتم نقلهم إلى أماكن محصنة أمنياً"، مشيراً إلى أن "واشنطن غير جادة في ذلك، لذا عليها عدم إغاظة العدو". وأضاف أنه "كلما زادت الولايات المتحدة ضغوطها على باكستان كلما حركت الأخيرة الجماعات المسلحة المحسوبة عليها (مثل بعض أجنحة حركة طالبان). وعندما قصفت القوات الأميركية من خلال طائرات بدون طيار بعض مواقع المسلحين في المناطق القبلية الباكستانية، تحدثت عن اللجوء إلى خيارات أخرى، فها نحن ندفع الثمن".

وخلال الأسبوع الماضي شهدت العاصمة كابول خصوصاً، والساحة الأفغانية عموماً، عدداً من التفجيرات والهجمات، التي هزت كيان الحكومة والقوات الأميركية فقط، كما وضعت تساؤلات كبيرة حول أداء أجهزة أمن الدولة والقوات الدولية وعلى رأسها الأميركية التي تزايد عددها في الآونة الأخيرة، وأثبتت أن الجماعات المسلحة ليست وحدها التي تريق دماء العزل.

ومن أبرز ما شهدته العاصمة كابول وأشرسها، كان الهجوم الانتحاري الذي كان هدفه وزارة الداخلية، إلا أن عدم وصول المهاجم إلى الهدف، أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص، معظمهم مدنيون، عدا قلة من أفراد الشرطة كانوا عند الحاجز وأوقفوا سيارة الإسعاف المفخخة، وكذلك الهجوم على فندق إنتركونتننتال. الهجوم الأول واضح الملامح لم يترك خلفه الكثير من الأسئلة غير أنه أضر بسمعة طالبان، ولا سيما أنها ادعت أن جميع القتلى من رجال الأمن، ولكن تبين أن كل القتلى من المدنيين وأصحاب المحال التجارية والباعة المتجولين وبعض المرضى وأقاربهم، إذ إن الانفجار حصل أمام مستشفى "جمهوريت" الشهير في كابول. ولأن الهجوم خلّف ويلات كبيرة وقصصاً مفزعة وراءه لذا فهو ضربة شعبية كبيرة لطالبان.

في المقابل، ادّعت الحكومة وأجهزة الأمن أن قوات الأمن ضحت بنفسها وأوقفت الانتحاري وهذا كل ما في وسعها. ولكن وصول الانتحاري إلى البوابة الرئيسية للداخلية في حد ذاته، طرح تساؤلات حول أداء الاستخبارات الأفغانية والأميركية.


بيد أن الهجوم على فندق إنتركونتننتال لغزه أكبر، والرواية من الداخل تثبت أن الجماعات المسلحة وتحديداً طالبان ليست وحدها وراء الهجوم، بل ثمة من بداخل الحكومة يساعد ويساند المسلحين. وليس جميعهم من يؤيد طالبان فكرياً وأيديولوجياً، بل منهم من ينتقم من الحكومة لأنها قضت على مصالحه، ومنهم من له صلة بالاستخبارات الأجنبية.

كما طرح البعض تساؤلات حول كيفية تحوّل مسؤولية أمن الفندق من الداخلية إلى شركة أمنية خاصة (شركة بلخ)، خصوصاً أن الحكومة كانت عازمة على منع الشركة من العمل، ولكن فجأة أصبحت هي مسؤولة عن أمن الفندق. الأسوأ أن الكثير من المسؤولين في الداخلية وأمن كابول عرفوا الأمر بعد تنفيذ الهجوم. كذلك انفجرت بداخل الفندق طيلة ليلة الهجوم أكثر من خمسين قنبلة يدوية على أقل التقديرات، بالإضافة إلى أنه تمّ إطلاق آلاف الرصاصات وكميات كبيرة من المتفجرات.

كما روى الناجون من الداخل قصصاً عن وجود دعم مسلح داخل الفندق، وأن المهاجمين كانت لديهم معلومات دقيقة من كل غرفة وعمن بداخلها، وقد دمّروا بعض الغرف وأحرقوها بمن فيها، لا سيما غرف أشخاص دبلوماسيين كانوا في دول الجوار، وكانوا متهمين بخرق صف الجماعات المسلحة. علاوة على ذلك كان بداخل الفندق عدد كبير من الأميركيين مدججين بالسلاح، وكانوا أول من بدأ المواجهة المسلحة ونجوا.

مع العلم أنه في كل مرة اشتد فيها الخناق على بعض السياسيين المقرّبين من بعض دول الجوار، كلما ارتفعت أعمال العنف لاستخدامها ضد الحكومة. كما ستتحرك، اليوم الثلاثاء، أحزاب سياسية، ومنها الجمعية الإسلامية وحركة التنوير وبعض الأشخاص المناهضين للحكومة كحاكم إقليم بلخ عطاء محمد، الذي أصدرت الحكومة قرار إقالته قبل شهر ولكنه متمسك بمنصبه بالقوة، والجنرال عبد الرازق، مسؤول أمن قندهار، والنائب السابق لرئيس البرلمان حاجي ظاهر قدير، من أجل "الدفاع عن أرواح المواطنين". وسيقودون مسيرات احتجاجية تبدأ من موقع الانفجار أمام وزارة الداخلية. وبدلاً من إلقاء اللوم على الجماعات المسلحة، يرون أن "سبب الهجمات الأخيرة هو فشل الحكومة، بل منهم من يزعم أنها من صنع الحكومة نفسها"، كما يقول أحمد سعيدي، أحد وجوه الإعلام وأحد الرموز المناهضة للحكومة والموالية لعطاء نور، وظاهر قدير.