حكومة الجملي أمام تحدّي نيل ثقة البرلمان بعد إعلان تشكيلتها

02 يناير 2020
الجملي يواجه امتحان الكفاءة والاستقلالية (ناصر تليل/ الأناضول)
+ الخط -

قدّم رئيس الحكومة التونسي المكلف، الحبيب الجملي، اليوم الخميس، تركيبة حكومته التي وصفها بالكفاءات المستقلة، مشدداً على أنه اجتهد في الاختيار والتدقيق في استقلاليتهم، وسط تشكيك من معارضي الحكومة ومنتقديها، قبل عرضها على البرلمان لنيل الثقة.


وينتظر حكومة الجملي تحدي الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب وتحصيل الأغلبية المطلقة للأصوات (109 أصوات) على الأقل، بعد مخاض عسير دام شهراً ونصف شهر من المشاورات والمناورات والخلافات حول تركيبتها واستقلالية أعضائها وكفاءتهم.
وقال الجملي خلال ندوة إعلان تركيبة الحكومة إن الله وحده يعلم ما بذله من جهد من أجل تشكيل الحكومة وإعلانها، مرجحاً حصولها على ثقة البرلمان، وأضاف أنه "قام بما يجب عليه فعله، وإن نالت ثقة البرلمانيين، فشكراً لهم، وإن لم تنل، فشكراً لهم أيضاً"، على حد تعبيره.
وتضم حكومة الجملي 42 عضواً، منهم 28 وزيراً والبقية كتّاب دولة، وقد حافظ على وزيرين فقط من حكومة تصريف الأعمال المنتهية مهمتها، ليُبقي على روني الطرابلسي وزيراً للسياحة والصناعات التقليدية، ونور الدين السالمي، الذي أسند إليه وزارة الشؤون المحلية والبيئة بعد أن كان يشغل منصب وزير التجهيز، وفي وقت يحسب السالمي من قبل المعارضة بقربه لحزب "النهضة"، فإن الطرابلسي يحسب لقربه من رئيس الحكومة السابق، يوسف الشاهد وحزبه "تحيا تونس".
وتعد حكومة الجملي الأولى التي لم تضم أي محامٍ بحسب القراءة الأولية، وهو ما دفع رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة"، سيف الدين مخلوف، إلى إعلان نيته عدم التصويت لها، لاعتبار أنها لا تضم فرسان الدفاع عن الحرية والحقوق، فيما تضمّ الحكومة 5 قضاة يشغلون وزارات السيادة وأخرى حساسة.
واقترح الجملي القاضي المتقاعد الهادي القديري وزيراً للعدل، وهو الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، ورئيس محكمة التعقيب الذي تتهمه المعارضة، وخصوصاً "الجبهة الشعبية" بقربه من حزب "النهضة"، وخصوصاً لعلاقته برئيس كتلة الحزب، نور الدين البحيري، حيث شغل منصب رئيس ديوان البحيري زمن توليه وزارة العدل بعد الثورة.
وعين الجملي القاضي سفيان السليطي وزيراً للداخلية، وقد شغل منصب المتحدث الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب والمحكمة الابتدائية في تونس، ولديه قدرة على التواصل مع وسائل الإعلام، إلا أنه تلاحقه أيضاً اتهامات من المعارضة، وخصوصاً من لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد براهمي بالقرب من حزب "النهضة" و"ائتلاف الكرامة" ومحاولة طمس ملف ما عرف في الإعلام بـ"الجهاز السري" وملف الاغتيالات.
وعين الجملي أيضاً القاضي عماد الدرويش على رأس وزارة الدفاع، وقد شغل سابقاً منصب وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية، فيما شغلت القاضية شيراز التليلي وزيرة الوظيفة العمومية والحكومة ومكافحة الفساد.
كذلك عُيِّن القاضي عبد اللطيف الميساوي، وزيراً لأملاك الدولة، وكان يشغل رئيس محكمة الاستئناف بالكاف سابقاً، قبل تعيينه محافظاً لبن عروس، وتعدّه المعارضة محسوباً على حزب "قلب تونس".
وعلاوة على وزير الدفاع الذي حظي بموافقة الرئيس التونسي قيس سعيد، حسب ما يفرضه الدستور، اقترح حبيب الجملي سفير تونس في الأردن، خالد السهيلي على رأس وزارة الخارجية بعد موافقة رئيس الدولة.
وتضم الحكومة عسكرياً على رأس وزارة الصحة، هو العميد مصطفى الفرجاني، الذي شغل رئيس قسم التخدير في المستشفى العسكري، والمدير العام للصحة العسكرية سابقاً.
إلى ذلك غلب المهندسون على حكومة الجملي، وتلاحق عدد منهم تهم بالولاءات والقرب من أحزاب "النهضة" أساساً و"قلب تونس" ومن "ائتلاف الكرامة" وكتلة "الإصلاح الوطني"، ما يفسر ثقة الجملي في تمريرها.
وتضم الحكومة الجديدة وزراء سابقين عملوا في حكومات ما بعد الثورة على غرار وزير السياحة في حكومة علي العريض، المهندس جمال قمرة، الذي كُلف وزارة النقل واللوجستية، وهو خبير في إدارة الموانئ، إلى جانب وزير التجارة في حكومة حمادي الجبالي، بشير الزعفوري، الذي عاد في الوزارة نفسها، وهو مختص في المحاسبة.
كذلك عُيِّن الوزير السابق في حكومة الجبالي والعريض، منجي مرزوق، في منصب وزير الصناعة والطاقة والمناجم، بعد أن شغل هذا المنصب سابقاً إلى جانب حقيبة السياحة.
وعاد اللاعب السابق طارق ذياب إلى وزارة الشباب والرياضة بعد أن شغل المنصب في حكومتي "النهضة" برئاسة الجبالي والعريض، وتتهم المعارضة ذياب بانتمائه السياسي وبعدم تحصيله لشهادات علمية جامعية، بالرغم من شهرته ومعرفته بمجال الرياضة.
إلى ذلك، عُيِّن السيد بلال وزيراً للشؤون الاجتماعية، بطلب من "قلب تونس" ومناصرة من حزب "النهضة"، وله دراية كبيرة بالملف الاجتماعي، حيث أشرف عليه لفترة طويلة منذ حكومات بعد الثورة، حيث كُلف إلى حد استقالته من حكومة الشاهد أخيراً مستشاراً مكلفاً بالمفاوضات الاجتماعية.
وتتهم المعارضة حزب "النهضة" بتعيين الحسين بن سعد دبش وزيراً للتكوين المهني والتشغيل، وقد شغل سابقاً منصب مدير عام للوكالة التونسية للتكوين والتشغيل، ثم مدير عام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتنتقده المعارضة بسبب قرابته من النائبة بكتلة "النهضة" جميلة دبش.

في السياق، يحسب المهندس سامي السماوي، الذي عهد إليه منصب وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، وشغل سابقاً مؤسسات خاصة كبرى في هذا المجال على حزب "قلب تونس"، وكذلك تحسب كاتبة الدولة للصحة مها العيساوي على الحزب نفسه، نظراً لظهورها مع شقيقتها نائبة "قلب تونس"، نهى العيساوي، خلال الحملة الانتخابية في محافظة سيدي بوزيد.
كذلك عُيِّن الوزير السابق الفاضل عبد الكافي وزيراً للتخطيط والتنمية والتعاون الدولي، وهو من بين الشخصيات المحسوبة على حزب "قلب تونس"، وقد ظهر في مناسبات عديدة مرشحاً بارزاً في منصب رئيس الحكومة سابقاً.
وانتقدت المعارضة أيضاً تعيين القيادية في حزب "مشروع تونس"، سناء السخيري، كاتبة دولة لدى وزير الخارجية مكلفة الديبلوماسية الاقتصادية والتونسيين في الخارج، وذلك لضمان تصويت كتلة "الإصلاح الوطني".
ومن بين الأسماء التي ضمتها حكومة الجملي المقترحة أيضاً عبد الرحمن الخشتالي وزيراً للمالية، وسبق أن شغل منصب مدير عام للديوانة ومتصرف بوكالة التبغ والوقيد ومتصرف على جريدة "الصباح"، وعُيِّن مديراً عاماً لمركز التكوين، فيما شغل كمال الحجام وزير التربية الجديد، منصب مدير عام للمرحلة الابتدائية في الوزارة.
وعُيِّن المهندس حسن الشورابي وزيراً للفلاحة، وقد شغل منصب مدير الإدارة العامة للتهيئة والمحافظة على الأراضي في الوزارة، والمهندسة روضة الجباري العربي وزيرة التجهيز، وسبق لها أن شغلت منصب مدير التعمير في الوزارة، فيما عُين سليم شوري وزيراً للتعليم العالي، وشغل سابقاً منصب مدير عام للدراسات التكنولوجية في الوزارة ومدير التعاون الدولي.
ومن بين ملامح حكومة الجملي تعيينه الممثل التونسي والعربي الشهير فتحي الهداوي وزيراً للشؤون الثقافية، فيما عيّن الصحافية المختصة في الشؤون الرياضية سهام العيادي كاتبة دولة للرياضة.

وعادت النائبة في المجلس الوطني التأسيسي عن حزب "التكتل الديمقراطي" الذي ترأسه مصطفى بن جعفر في ثوب مستقلة لتشغل منصب وزيرة مكلفة بالعلاقة مع البرلمان. وينتظر أن تشهد جلسة منح الثقة وابلاً من الانتقادات للجملي وحكومته بعد ما راج حول مسار تشكيل الحكومة ومشاوراتها وتركيبة الحكومة وأعضائها ومدى استقلاليتهم عن الأحزاب، كما أُعلن ذلك سابقاً.