وبعد دقائق قليلة من صدور البيان الرسمي، بعث مزوار رسالة، عبر البريد الإلكتروني، إلى أعضاء اتحاد رجال ونساء الأعمال، قام بعضهم بنشرها، يخبرهم فيها أنه استقال من منصبه "لأسباب وإكراهات شخصية".
وبدا البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية المغربية، عصر اليوم الأحد، مثيرا من حيث أسلوبه الخالي من الدبلوماسية، ونشره السريع من طرف وكالة "المغرب العربي للأنباء" عبر حساباتها الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة منها "تويتر"، ما يعني استباق أية ردود فعل دبلوماسية أو تفاعلات ممكنة لرئيس اتحاد رجال الأعمال المغربي.
الخارجية المغربية قالت في بيان طارئ أصدرته عصر اليوم، إن رئيس الاتحاد الذي يضم رجال ونساء الأعمال في المغرب، "اعتقد أنه يتعيّن عليه التعليق على الوضع الداخلي في الجزائر، خلال مؤتمر دولي منعقد في مراكش".
وأضاف البيان أن "حكومة جلالة الملك تشجب هذا التصرّف غير المسؤول والأرعن والمتهوّر"، مضيفة أن تصريح مزوار أثار تساؤلات على مستوى الطبقة السياسية والرأي العام بخصوص توقيته ودوافعه الحقيقية.
صلاح الدين مزوار، الذي كان يتولى منصب وزير الخارجية في حكومة عبد الاله بنكيران، بين 2013 و2016، كما تولى، في الفترة نفسها، رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده حاليا وزير الفلاحة عزيز أخنوش، قال إن "ما نشاهده اليوم في الجزائر من احتجاجات سلمية يبعث على الأمل، عكس ما يعتقده الكثيرون".
وأضاف مزوار خلال مشاركته، مساء أمس، في أشغال مؤتمر "السياسة العالمي"، الذي ينظمه مركز تفكير مغربي كل سنة، إن الجزائر تتراجع إلى الوراء، "لذلك يجب على السلطة العسكرية قبول مشاركتها السلطة". وذهب مزوار إلى أن "على هذه السلطة الحاكمة في الجزائر أن تتقاسم السلطة مع هؤلاء الذين قادت ضدهم حربا داخلية خلال عشر سنوات، أي الإسلاميين، لأنهم يشكلون إحدى القوى القليلة المنظمة المتبقية في الجزائر".
وشدّد بيان وزارة الخارجية والتعاون الدولي، في لغة قاسية وعبارات توبيخ لاذع، على أن "الاتحاد العام لمقاولات المغرب لا يمكنه الحلول محل حكومة جلالة الملك في اتخاذ مواقف حول القضايا الدولية، ولا سيما التطورات في هذا البلد الجار. إن موقف المملكة المغربية بهذا الخصوص واضح وثابت".
وتعتبر الدبلوماسية اختصاصا حصريا للملك في المغرب، ورغم وجود وزير ضمن الحكومة يحمل حقيبة الخارجية، إلا أن كل ما يتعلّق بالعلاقات الخارجية للمملكة يعود إلى الملك، وهو ما حمل المراقبين إلى اعتبار البيان صادرا عن أوامر عليا في المملكة، وإن كان موقعا باسم وزارة الخارجية والتعاون الدولي.
وكان المغرب قد حرص، منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية التي تعرفها الجزائر مستهل العام الحالي، على الإعلان، رسميا، عدم تدخّله في الشؤون الداخلية لجارته الشرقية. وسبق لوزير الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، أن أصدر تصريحات رسمية في 16 مارس/آذار الماضي، قال فيها إن المملكة "قررت اتخاذ موقف بعدم التدخل في التطورات الأخيرة في الجزائر، وعدم إصدار أي تعليق حول الموضوع".