وقال "مركز أبحاث الأمن القومي"، اليوم الأربعاء، إنّ "الهجوم على المرافق النفطية السعودية يدلّل على أن إيران بإمكانها استخدام قدراتها العسكرية في الرد على الهجمات الإسرائيلية التي تستهدفها في سورية، والعراق، مشيرا إلى أن "هذه القدرات يمكن أن توظف في مواجهة شاملة مع حزب الله".
وحسب الدراسة، التي أعدها كل من مدير برنامج دراسات الخليج في المركز، يوئيل جوزنسكي، والباحثة الرئيسة في المركز، سيما شاين، والتي شغلت سابقاً منصب مدير قسم الأبحاث في جهاز "الموساد"، والباحث في المركز، إلداد شفيط، والذي عمل سابقاً مساعداً لقائد لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية؛ فإنّ الهجوم أظهر ضعف السعودية وعدم الثقة في قدرتها على حماية عمقها، لا سيما في ظل تفوق إيران عليها في مجال استخدام القوة والتقنيات العسكرية.
وجاء في الدراسة أيضاً أن "إدراك الرياض طابع موازين القوى مع طهران جعل ردة الفعل الصادرة عن ولي العهد محمد بن سلمان متواضعة ولا تتناسب مع حجم الضرر الذي لحق بالمرافق النفطية والاقتصاد السعودي".
وأشارت إلى أن تجنب القيادة السعودية توجيه إصبع الاتهام إلى إيران يدلل على أنها غير واثقة من مستوى تصميم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للعمل ضد طهران عسكرياً، مبينةً أنّ "بن سلمان لم يتحمس لاتهام إيران خشية أن يكون مضطراً عندها للرد عسكرياً.
واعتبرت أنّ "أكثر ما يمكن أن تصل إليه السعودية في ردها على الهجوم الإيراني هو تكثيف عمليات القصف ضد الحوثيين في اليمن"، مشيرة إلى أن "تبني الحوثيين المسؤولية عن الهجوم يساعد السعوديين على تبرير عدم تصعيدهم ضد إيران".
ولفت معدو الدراسة إلى أن الهجوم يدلل على حالة الضعف التي تعاني منها السعودية، والذي فاقمه التورط في حرب اليمن، مشيرين إلى أن ما أحرج القيادة السعودية حقيقة أن ترامب يبدي مؤشرات واضحة على عدم رغبته في العمل عسكرياً ضد إيران.
وحسب الدراسة، فإن السعودية تغطي على عجزها أمام إيران عبر عرض الهجوم على مرافقها النفطية على أنه مس بسوق الطاقة العالمي مما يفرض على المجتمع الدولي التحرك لمعالجة هذا التهديد.
من جهة ثانية، شدد معدو الدراسة على أن الهجوم وضع ترامب في مأزق بالغ التعقيد، حيث إنه من ناحية متحمس لاستئناف المفاوضات مع إيران بهدف التوصل لاتفاق جديد، ويتطلع للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، وغير معني بالانجرار إلى مواجهة عسكرية؛ ومن ناحية ثانية، فإن الهجوم على المنشآت النفطية مس المصالح الحيوية للولايات المتحدة، لدرجة أنه أمر بدراسة إمكانية فتح المخزون الاحتياطي الاستراتيجي من النفط.
ولفتت الدراسة إلى أن كبار موظفي الإدارة الأميركية باتوا يعون أن إفصاح ترامب عن مؤشرات على عدم رغبته في المواجهة العسكرية يمكن أن يدفع طهران لمزيد من التحدي.
وبحسب الدراسة، فإن الهجوم على المرافق النفطية السعودية يعكس رغبة إيران في إبراز قدراتها العسكرية الميدانية ويدلل على تصميمها على إثبات اعتزامها تنفيذ تهديداتها والمس بشكل جدي بسوق النفط العالمي طالما تواصلت العقوبات الاقتصادية عليها.
وأشارت إلى أن الهجوم الإيراني يكتسب أهمية ودلالة أكبر لأنه يتم في ظل الجهود الهادفة إلى إحداث تقارب بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي، لا سيما الجهود التي يبذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يتحرك بناء على تنسيق مسبق مع ترامب، حيث تبدي واشنطن استعداداً لتخفيف العقوبات على طهران قبل الشروع في المفاوضات.
وذكرت الدراسة أيضاً، أنّ تهاوي قوة الردع الأميركية في أعقاب عدم رد واشنطن على حادثة إسقاط الطائرة الأميركية في أجواء الخليج شجع إيران على مواصلة شن العمليات الهادفة إلى اقناع الولايات المتحدة بالعدول عن العقوبات التي فرضتها.
إلا أن الدراسة حذّرت في المقابل من أن تدليل إيران على تفوقها "غير المتناسب" في المنطقة وسهولة المس بالأطراف الإقليمية، التي هي في حالة صراع معها، يمكن أن يقود إلى تفكك الجبهة العربية التي تواجه طهران، وهذا ما يمكن أن يقود إلى تهاوي مستوى اعتماد الدول الخليجية على المظلة الأمنية الأميركية.
كما أشارت إلى أن توسع إيران في استخدام القوة العسكرية يدلل على أن طهران يمكن أن تذهب خطوات أخرى في تحللها من التزاماتها في الاتفاق النووي.