صراع الأجهزة في مصر يمتد إلى رئاسة البرلمان

05 يناير 2016
سعي للترويج أن السيسي يميل لإشراك النساء والشباب(فرانس برس)
+ الخط -


امتد الصراع بين القيادات القديمة المغضوب عليها والقيادات الجديدة التي دفع بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الأجهزة الأمنية والاستخبارية، إلى داخل مجلس النواب الذي سينعقد للمرة الأولى في 10 يناير/كانون الثاني الحالي، وذلك في محاولة للسيطرة على منصب رئيس المجلس وكذلك رئاسات اللجان النيابية الأساسية والحساسة، وعلى رأسها لجان الأمن القومي والخطة والموازنة والتشريعية والعلاقات الخارجية.

وتكشف مصادر لـ"العربي الجديد" عن وجود معارضة في جهازي الاستخبارات العامة والرقابة الإدارية، اللذين أشرفا على تشكيل الأكثرية النيابية المسماة "دعم مصر"، لتولي القاضي السابق سري صيام رئاسة البرلمان، وذلك بحجة أنه أصبح نائباً بالتعيين وليس بالانتخاب، وأن رئاسته لمجلس النواب الذي كان للجهازين الفضل في تشكيله بإدارة قائمة "في حب مصر" الانتخابية، ستمثّل إساءة للنواب المنتخبين.

وتواصلت بعض الأذرع الإعلامية للجهازين مع بعض الصحف الخاصة المنتمية لنظام السيسي، وأصدرت تعليمات لها بالتعامل مع صيام كـ"مرشح محتمل لرئاسة اللجنة التشريعية" فقط، ونشر تصريحات منه وعنه تستبعد وصوله إلى رئاسة البرلمان، وتؤكد أنه غير صالح لتولي هذا المنصب.

وتؤكد المصادر لـ"العربي الجديد" أن تعيين سري صيام جاء على غير هوى الدائرة الاستخباراتية والرقابية، بل دفعت به جهة أخرى ممثّلة في وزير العدل أحمد الزند، الذي كان يرغب في الاستقالة من الحكومة وأن ينتقل إلى البرلمان على رأس المعينين، لكنه وُوجِه باعتراضات من الدائرة ذاتها. واعترضت هذه الدائرة على الزند بسبب ماضيه الذي ما زال يطارده، ممثلاً في قضايا فساد قديمة لم تتحرك فيها الاتهامات بتواطؤ من النيابة العامة في عهد النائب العام الأسبق، عبدالمجيد محمود، حيث ارتأت الدائرة الاستخبارية الرقابية أن قدوم الزند على رأس المعينين ثم تصعيده لرئاسة البرلمان سيضر بصورة المجلس شعبياً، وسيؤدي لتآكل شعبية السيسي.

اقرأ أيضاً: السيسي يواصل تشريعه: "قوانين رئاسية" لإضعاف البرلمان عشية ولادته

وترى هذه الدائرة، التي أصبحت الأكثر نفوذاً بعد تهميش الدائرة الأمنية التي يقودها جهاز أمن الدولة، أن وجود الزند على رأس وزارة العدل أمر مقبول نوعاً ما لارتباطه بمصالح القضاة، حيث يحظى الزند بشعبية بينهم، لكن تصعيده لأكثر من ذلك ستكون له آثار سلبية على النظام ككل.

وبناء على هذه الرؤية تم استبعاد الزند، لكن السيسي أسند له وحده اختيار القضاة السابقين في قائمة المعينين بالمجلس، فاختار اثنين فقط هما سري صيام وأحد المقربين منه القاضي السابق حسن بسيوني، والذي كان الزند خلف تعيينه عضواً في لجنة الإصلاح التشريعي في مطلع عهد السيسي. ووقف الزند بقوة ضد تعيين قضاة سابقين آخرين، بعضهم كانوا مقترحين من رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور، مثل القضاة السابقين علي عوض صالح، وماهر البحيري، وماهر سامي، وفريد تناغو، والسيد الطحان، ومحمد عطية. وقال الزند للدائرة المحيطة بالسيسي، إن دخول هؤلاء القضاة المنتمين للمحكمة الدستورية ومجلس الدولة إلى البرلمان، سيكون فيه ضرر على النظام، وسيعرقل حركة مشاريع القوانين.

وكان نتيجة ذلك أن رفضت دائرة الحُكم، المقترحات التي قدّمها عدلي منصور، وأصرت على الأسماء المقترحة من الدائرة الاستخبارية والرقابية ومن الزند، فرفض منصور أن يترك المحكمة الدستورية ويُعيّن في البرلمان ويرأسه، نظراً لافتقاده إلى الشخصيات القضائية التي كان يحبذ الاعتماد عليها.

ويبدو من هذه المعلومات أن الدائرة الاستخبارية والرقابية التي تضم جهازي الاستخبارات العامة والرقابة الإدارية، قصدت إبعاد القانونيين والقضاة السابقين المعروفين من تعيينات البرلمان، لسبب غير معروف، وتفضيلها تعيين شخصيات مغمورة لكنها أصغر سناً، لتعطي انطباعاً للرأي العام بأن السيسي يميل لإشراك النساء والشباب في الحياة السياسية.

وتؤكد المصادر أن الخطوة الأهم حالياً أمام هذه الدائرة إنجاح ائتلاف الأكثرية وضمان تماسكه، حتى يكون نواة لجبهة سياسية واسعة تؤيد السيسي داخل وخارج البرلمان خلال العام 2016. وتقول المصادر إن "تماسك الائتلاف يبدأ بتعيين أحد شخصياته رئيساً للبرلمان، وتسمية زعيم واضح للأكثرية"، مرجّحة تعيين أستاذ القانون الدستوري في جامعة عين شمس علي عبدالعال، رئيساً لمجلس النواب.

وتسعى إدارة الائتلاف لتحويله إلى حزب سياسي يقوم على أنقاض أحزاب "مستقبل وطن"، و"التحالف الجمهوري"، و"المحافظين"، ويضم عدداً كبيراً من النواب المستقلين، حتى تصبح الأكثرية النيابية ذات قاعدة شعبية، مقدمة بذلك حلاً لأزمة افتقار السيسي للظهير الشعبي، التي يثيرها دائماً المقربون منه والكتاب المصريون.

اقرأ أيضاً: المعيَّنون في البرلمان المصري: مجهولون لاستكمال غالبية الثلثين للسيسي

المساهمون