وخلال اليومين الماضيين، أجرى رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي سلسلة لقاءات مختلفة مع زعامات سياسية وممثلين عن كتل مختلفة، عن العرب الشيعة والسنة والأكراد، وكتل الأقليات، بحسب بيانات متتالية صدرت عن مكتبه، فضلاً عن تسريبات لجزء من تلك الاجتماعات التي وصفت بالإيجابية، بعد الاتفاق على آلية اختيار الوزراء التي ستتم بالتشاور بين رئيس الوزراء وقادة الكتل السياسية.
الكاظمي الذي ذكر، في بيان، أمس الاثنين، أنّ الأخير يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة في أجواء إيجابية، بتعاون الكتل السياسية، أكد عزمه على تقديم برنامجه الحكومي وعلى تشكيل الحكومة الجديدة في أقرب وقت ممكن، فيما تحدثت مصادر سياسية في بغداد لـ"العربي الجديد" عن أنه من المقرر أن يجري، صباح غد الأربعاء، جولة لقاءات جديدة مع عدة كتل سياسية ضمن حراكه المتسارع للانتهاء من تشكيل حكومته.
ووفقا لعضو بارز في البرلمان العراقي، شارك بحوارات اليومين الماضيين، فإن الكاظمي يتفاوض مع القوى السياسية على حكومته وبرنامجه الحكومي على حد سواء، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة المقبلة ستكون شبيهة بآلية تشكيل الحكومات السابقة، مع بعض الفروقات، مثل آلية اختيار الوزراء، إذ سيكون للكاظمي حق رفض المرشح للوزارة والطلب من الكتل السياسية ترشيح آخر عنه، لكن بشكل عام ستتقاسم الوزارات السيادية المكونات السنية والشيعية والكردية، وهناك توافق على مبدأ الوزراء الأقوياء، بمعنى حكومة صقور، حتى وإن كان الوزير سياسيا أو شخصا تمت تجربته سابقا.
وكشف المصدر ذاته عن أن الحوارات شملت محاور ونقاطا مهمة حول برنامج الحكومة، وأن الكاظمي لم يعد بالكثير، ورفع شعار عبور المرحلة الحالية الصعبة على العراق صحيا واقتصاديا وأمنيا وبما يتعلق بالتصعيد الأميركي الإيراني، لكنه بنفس الوقت عازم على إجراء إصلاحات جذرية داخل الحكومة قد تطاول تغييرا شبه كامل للأمانة العامة لمجلس الوزراء ومكتبي القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء وطاقم المستشارين، الذي تضخم كثيرا في الأشهر الأولى من عمر حكومة عبد المهدي، وبات يستنزف موازنة كبيرة تتعلق بمرتباتهم ومخصصاتهم.
في المقابل، قال جاسم البخاتي، النائب عن تيار "الحكمة" الذي يتزعمه رجل الدين عمار الحكيم، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي كانت له من الأساس حوارات واتفاقات مع قوى سياسية مختلفة حتى قبل إعلان تكليفه بشكل رسمي من قبل بمهمة تشكيل الحكومة.
وبين البخاتي أن "الكاظمي يجري حالياً حوارات جدية، من أجل الإسراع في عملية تشكيل الحكومة وتقديم برنامجه الحكومي والكابينة الوزارية الى مجلس النواب، لغرض التصويت عليهما في أسرع وقت".
وأضاف أن "حوارات الكاظمي مع الكتل السياسية حالياً بشأن تمثيل المكونات في الحكومة الجديدة، وهناك تفاهمات كبيرة بين كافة الأطراف. ووفقا للمعطيات والمعلومات، فإن رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي سيقدم الأسبوع المقبل، طلبا لتحديد موعد الجلسة الاستثنائية للتصويت على الحكومة الجديدة، وربما الأسبوع الذي بعد الطلب يتم تمرير الحكومة فيه أو أقل من ذلك".
وكشف النائب عن تيار الحكمة أن "تشكيل الكابينة الوزارية سيكون بالاتفاق والتوافق بين رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، والقوى السياسية، بمعنى أن الكتل السياسية تقدم له أكثر من مرشح لكل وزارة، والكاظمي هو من يختار من بين تلك الأسماء".
إلى ذلك، قال النائب عن تحالف الفتح فاضل الفتلاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي يخوض حالياً حوارات جدية مع كافة الأطراف السياسية، والكل متفق على تشكيل الحكومة الجديدة، بأسرع وقت، ووفق الحوارات والتفاوض بين الكاظمي والقوى السياسية".
وكشف الفتلاوي أن "التصويت على الحكومة الجديدة من قبل البرلمان العراقي سيكون خلال الـ10 أيام المقبلة، وستكون الحكومة الجديدة مشكلة قبل حلول شهر رمضان، فهناك ملفات ضاغطة تتطلب وجود حكومة بكامل الصلاحيات، خصوصاً بعد مرور أكثر من ستة أشهر على استقالة حكومة عادل عبد المهدي".
وبين أن "كل القوى السياسية سوف تشارك في الحكومة الجديدة، من خلال وزراء مهنيين قادرين على التصدي للمرحلة المقبلة الحساسة والحرجة، واختيار هؤلاء الوزراء سيكون بالتشاور بين الكاظمي والقوى السياسية، دون فرض أي شخصية عليه، بل يتم ذلك وفق اتفاق الطرفين".
وأكد النائب عن تحالف الفتح أنه "وفق الحوارات بين رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي والقوى السياسية، سيتم تقديم كابينة وزارية كاملة لمجلس النواب العراقي، لغرض التصويت عليها بدفعة واحدة".
من جانبه، قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ديار برواري، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "الاجواء المتوفرة لرئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي من خلال الدعم السياسي الكبير له توصل إلى أنه سيقدم كابينته الوزارية للتصويت خلال الـ10 أيام المقبلة، خصوصاً مع وجود شبه اتفاق على الكابينة الوزارية بين الكاظمي والقوى السياسية".
وأضاف أن "هناك اتفاقا على أن معظم وزراء الحكومة الجديدة سيكونون من المهنيين، وشبه المستقلين، لكن هذا لا يمنع تقديم هؤلاء المرشحين من قبل القوى السياسية. الكاظمي لديه مجموعة من الأسماء المرشحة، وكذلك الكتل السياسية لديها مرشحون، واختيار الشخصيات للحقائب الوزارية سيكون باتفاق وتوافق الكاظمي والقوى السياسية".
وأوضح المحلل السياسي العراقي محمد التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الوزراء المكلف لن يلاقي أي صعوبات في تمريره كابينته الوزارية في البرلمان العراقي، كما حصل مع سلفه محمد توفيق علاوي، أو عدنان الزرفي، فحضور قادة الكتل لمراسم تكليفه، دليل على أن حكومته ستمرر بالأغلبية، إلا إذا حدث انقلاب مفاجئ بالمواقف".
وبين التميمي أن "رئيس الجمهورية برهم صالح اشترط تقديم عدنان الزرفي اعتذاره وتكليف الكاظمي، وفق حضور رسمي، حتى يضع قادة الكتل السياسية في إحراج، ولا يمكن لهم عدم دعم الكاظمي في البرلمان، وسوف يسبب لهم مشاكل كبيرة في الشارع العراقي، ولدى مرجعية النجف، التي مازالت تراقب بشدة التطورات السياسية، دون أي تدخل منها حتى الساعة".