وليل أمس السبت، وجّه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي رسالة داخلية لأعضاء مجلس النواب بالحضور إلى بغداد، غداً الإثنين، مطالباً الخطوط الجوية العراقية، بتوفير رحلات من مطارات البصرة وأربيل والسليمانية لنقل النواب إلى العاصمة بغداد، استعداداً لعقد الجلسة، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام محلية عراقية.
وبحسب مصادر سياسية في بغداد، فإنّ الخلافات ما زالت متواصلة على أسماء عدد من وزراء حكومة الكاظمي المرشحين، من قبل كتل سياسية عدة، وطالبته باستبدالهم.
وكشف عضو في البرلمان، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الكاظمي سيدخل اليوم بجولة مفاوضات جديدة مع الكتل السياسية"، ناقلاً استعداد الأخير مناقشة أسماء بديلة للوزراء المرفوضين والبحث عن تسوية سياسية بشأنها، محاولاً تدارك الوقت المتبقي من مهلته الدستورية لتقديم حكومته الى البرلمان للتصويت عليها.
ولم تفضِ اجتماعات، أمس السبت، عن أي اتفاق نهائي، بحسب المصدر نفسه الذي اعتبر بعض الإملاءات الموجهة للكاظمي من قبل كتل سياسية بأنها "مذلة" وتفقده "إمكانية إدارة حكومة ناجحة"، خاصة أنها وصلت إلى حد التدخل باختيار مدير مكتبه، ومستشاريه.
وكشف أن الأسماء التي رُفضت في حكومة الكاظمي، هي لمرشحي وزارات الخارجية والداخلية والتربية والنقل والتخطيط، مبيناً أن من يتصدر الرفض والإملاءات على الكاظمي كل من تحالف "الفتح"، وائتلاف "دولة القانون".
إلى ذلك، أعلن ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، في بيان اليوم الأحد، أنه لن يصوت لصالح حكومة الكاظمي.
وجاء في البيان، الذي نقلته وسائل إعلام محلية، أنه "خلال المفاوضات تم الاتفاق على آليات لاختيار مرشحي الحكومة الجديدة على أن يتعاطى رئيس الوزراء المكلف مع جميع الكتل السياسية وفق نهج واحد لكن مسار تشكيل الحكومة بدأ يأخذ منحى مغايراً لما تم الاتفاق عليه، الأمر الذي دعانا إلى أن نبذل جهوداً إضافية من أجل تصحيح الخيارات وتسمية مرشحين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والقدرات القيادية من الطاقات المخلصة في المجتمع العراقي".
وتابع "مع شديد الأسف لم تكلل جهودنا في تصحيح هذا المسار، فجاءت التشكيلة الحكومية التي عرضها السيد المكلف على الكتل السياسية تتعارض مع تطلعات أبناء الشعب العراقي، كونها تشمل عدداً من المرشحين الجدليين ممن لم تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة من الكفاءة والنزاهة والمقبولية".
وختم بالقول "على هذا الأساس يعلن ائتلاف دولة القانون أنه لم يشارك في تشكيل هذه الحكومة ولم يصوت لصالحها في مجلس النواب، ويترك الخيار لباقي أعضاء المجلس لاتخاذ القرار المناسب بشأنها".
من جهته، قال النائب عن "تحالف الفتح" الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، فاضل الفتلاوي، في تصريح صحافي، إن "قائمة الوزراء بحكومة الكاظمي قابلة للتغيير والتعديل، لكن بعض الأسماء التي طرحت في القائمة قابلة للنقاش خلال الحوارات والمفاوضات الجارية حالياً"، لافتاً إلى أن "تلك الحوارات لم تحسم بعد بشكل نهائي. ومجريات الوضع العام تؤشر إلى إمكانية عقد جلسة التصويت خلال الأسبوع الجاري".
ولم تخفِ كتل سياسية مخاوفها من إعادة سيناريو إفشال حكومة الكاظمي، كما حصل مع مكلفين سابقين، وذلك بعد تعقد مشهد المفاوضات من جديد، وضغط الكتل لتحقيق مطالبها.
وقال النائب عن "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، حسن المسعودي، "هناك كتل وضعت العصي بوجه الكاظمي، وهناك مخاوف حقيقية من عدم تمرير الحكومة"، مبيناً في تصريح متلفز، أن "بعضاً من تلك الكتل تريد أن تكون هناك مسطرة بتوزيع المناصب الوزارية (أي توزيع وفقاً للاستحقاق المحاصصاتي)، وهناك تعقيدات بالمفاوضات، وهناك مطالب بمناصب وزارية".
وأعرب عن أمله، بأن "تكون هناك انفراجة قريبة خلال الأيام القليلة المقبلة لهذه الأزمة المعقدة"، مؤكداً أن "تيار الحكمة داعم لتمرير حكومة الكاظمي".
ويرى مراقبون، أن تعقيد المشهد السياسي من قبل القوى التي رفضت مجدداً عدداً من مرشحي الحقائب الوزارية، يأتي لتطويق الكاظمي وإجباره للقبول بإملاءات تلك الكتل.
ويوضح الخبير بالشأن السياسي، أحمد الحمداني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الكتل سحبت الكاظمي إلى حوارات الوقت الضائع، لتحاصره بين ما تبقى له من مهلة دستورية ضيقة جداً، وما بين سحب البساط من عدد من مرشحي الوزارات التي لديها علم مسبق بترشيحهم"، مبيناً أن "تلك الكتل أوصلت الكاظمي إلى طريق اللاعودة، ووضعته أمام خيارين لا ثالث لهما، أما القبول بكل شروطها، أو الفشل بتشكيل الحكومة".
وأشار إلى أن "الموقف صعب للغاية، لكن بالنتيجة سيجبر الكاظمي على الاستجابة لشروط تلك الكتل"، مؤكداً أن "حكومة الكاظمي المقبلة في حال مررت فعلاً ستكون رهينة لإرادة الكتل السياسية".