تعرف لأخطر أزمة داخلية بأكبر حزب معارض في المغرب عشية مؤتمره الرابع

06 فبراير 2020
بنشماش (وسط) يتفقد مقر انعقاد المؤتمر (فيسبوك)
+ الخط -
يواجه حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي يقود المعارضة بالمغرب، وهو يستعد لافتتاح مؤتمره الرابع مساء غد، الجمعة، بمدينة الجديدة، أصعب امتحان منذ ميلاده في عام 2008، جراء أزمة داخلية تجعله في مفترق طرق حقيقي.


وفي الوقت الذي تعمل فيه اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع، بخطى متسارعة، لاستكمال ترتيبات الجلسة الافتتاحية، وضعت لجنة التحكيم والأخلاقيات بالحزب القائمين على عملية التحضير في وضع محرج، بعدما طعنت، من خلال قرار أصدرته مساء أمس، الأربعاء، في مشروعية المؤتمر لتسجيلها خروقات واختلالات.

وجاء في قرار لجنة التحكيم والأخلاقيات أنها سجلت "عدم احترام القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، وأيضا للقانونين الأساسي والداخلي للحزب" في ما يخص مراحل التحضير للمؤتمر، مشيرة إلى أن عملية انتداب المؤتمرين عن الجماعات الترابية والهيئات الموازية، كانت خارج مسطرة الانتخاب، ما يجعلها تبعا لذلك مدرجة في "خانة البطلان".

ويعيش "الأصالة والمعاصرة"، أكبر حزب في المعارضة، على إيقاع أزمة غير مسبوقة في تاريخه، منذ 18 مايو/ أيار الماضي، بين تيار "الشرعية" بزعامة أمينه العام عبد الحكيم بنشماش، وتيار "المستقبل" بداخل الحزب، وصل صداها إلى ردهات محاكم المملكة.

ورغم توصل التيارين المتنازعين داخل الحزب، الذي يشار إليه اختصاراً بـ"البام" إلى المصالحة، عقب خلاف اعتُبر الأقوى في تاريخه، إلا أن تجاذبات داخلية ما زالت تطفو على السطح، عشية انعقاد مؤتمره العام الرابع. وكان أبرزها ما فجرته تصريحات القيادي في تيار "المستقبل" وأحد المرشحين في سباق الأمانة العامة، عبد اللطيف وهبي، بشأن "إمارة المؤمنين"، حيث وجد فيها الأمين العام الفرصة المواتية لتصفية بعض حساباته مع أشرس معارضيه، ووصف تصريحات غريمه السياسي التي اعتبر فيها "وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وإمارة المؤمنين إسلاما سياسيا"، بـ"التصريحات الطائشة وغير المسؤولة".

وفيما كانت الترتيبات الجارية لعقد المؤتمر النقطة التي أفاضت كأس الخلافات خلال الأسبوع الفائت، خاصة على مستوى تحديد شروط ومعايير عملية انتداب المؤتمرين، أقر عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع، عبد الواحد الزيات، في حديث مع "العربي الجديد"، بوجود صعوبات تعترض تنظيم المؤتمر يتم حاليا العمل على تجاوزها.

وأكد أن "تدبير محطة المؤتمر خاصة في تحضيراته لم يكن كما كان يطمح إليه عموم مكونات الحزب ومناضليه، والكل يعلم ظروف الأزمة والمصالحة، لكن أعتقد أن الحزب أمام خيار واحد هو إنجاح هذه المحطة، وتحقيق التوافق إلى أبعد الحدود".


وزاد موضحاً "لقد وقعت تجاوزات في القانون وأخطاء على مستوى التحضيرات للمؤتمر، وهناك نقاط ينبغي الحسم فيها بالتوافق، لكن الحزب قادر على الخروج من أزمته كلما كان هناك استشعار بمسؤولية كل طرف، وأخال أن مسؤوليتنا الجماعية تجاه المواطن والوطن هي باختيار الأمين العام الأصلح لوحدة الحزب".

معركة اقتسام الغنائم
وبرأي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري رشيد لزرق، فإن ما يقع حاليا من انقسام داخل "الأصالة والمعاصرة" هو نتاج لتضارب في المصالح لا الأفكار، معتبرا في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحزب "يعرف حربا أهلية حول اقتسام الغنائم، وهو الأمر الذي تسبب في نشوب صراعات طويلة ما زالت فصولها قائمة وتداعياتها مستمرة".

وحسب لزرق، فإن أزمة "الأصالة والمعاصرة" ليست أزمة خاصة به وحده، بل هي "أزمة مشروع حداثيين بأكملهم، والمتمثلة في ضعف هيكلة الحكامة الحزبية"، لافتا إلى أن الحزب نموذج يقدم رسائل عدة للطبقة السياسية، أبرزها أن "العمل الحزبي ليس تنظيمًا من أجل تحقيق هدف معين أو من أجل تدمير طرف ما، بل هو تجذر للمبادئ والأهداف التي يقوم عليها لضمان استمرار الحزب".

مفترق طرق
ولئن كان مؤتمر "البام" الذي يجري تنظيمه على مدار ثلاثة أيام، يبدو عاديا في شكله، بيد أن ما رافق التحضير له من صراعات وتجاذبات يجعله، برأي المراقبين، استثنائيا في مدخلاته ومخرجاته المرتقبة التي قد تضعه في مفترق طرق ينعكس سلبا على وحدته وقوته في المشهد الحزبي المغربي لما بعد الانتخابات التشريعية القادمة 2021.

وبحسب الزيات، فإن وحدة الحزب ستبقى صامدة كلما كان هناك اختيار لشخصية قادرة على لم الشمل والوحدة، معتبراً أن "المسؤولية تقع على عاتق الإرادة الجماعية وذكاء قيادة الحزب ومناضليه ومؤتمريه وأعضاء المجلس الوطني، لاختيار من سيتولى تدبير المرحلة بحكمة وروية".


ويرى عضو اللجنة التحضيرية أنه "ينبغي تغليب إرادة التوافق نحو تشكيل قيادة جماعية للحزب، وخلق نفس إيجابي داخل المؤتمر، وإيجاد حلول لكل النقاط العالقة"، قبل أن يستدرك بالقول إن "المؤتمر ينعقد في ظروف صعبة جدا، ونأمل أن يكون الجميع جزءا من الحل، وأعتقد أنه ليس أمامنا خيار آخر غير إنجاح المؤتمر، وإعادة اشتغال الحزب في وضعه العادي وليس تجديد أمد الأزمة".

ومع ذلك لم يقلل من وجود "هفوات وانزلاقات خطيرة"، محذرا من كون "الانزلاق الأكبر هو أن يتحول الحزب إلى تنظيم سياسي صغير".
وفي الوقت الذي تترقب فيه الأوساط السياسية المغربية ما ستؤول إليه معركة مؤتمر أكبر قوة سياسية تنافس حزب "العدالة والتنمية"، القائد للتحالف الحكومي الحالي، تثار أسئلة عدة حول مدى قدرة حزب قالت قيادته إنه جاء لـ"محاربة الإسلاميين"، على استعادة عافيته استعدادا للنزال الانتخابي في 2021، الذي سيحدد من سيقود الحكومة القادمة.