المعارضة التركية تدخل في أزمة إعادة حساباتها لفشلها بإزاحة أردوغان

24 يوليو 2018
أكشنر لن تترشح لقيادة الحزب "الجيد" (جيف ميتشل/Getty)
+ الخط -


دخلت المعارضة التركية في الأيام الأخيرة في أزمات جديدة داخلية، بعد فشلها في تحقيق النصر على الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية للسنة الـ 16 على التوالي، ليعلن حزب "الجيد" الجديد عقد مؤتمره العام الاستثنائي قريباً، في حين يشهد أكبر أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري، مساعي مشابهة، لعقد اجتماع طارئ للحزب وانتخاب قيادة جديدة.

وتفاجأت الأوساط التركية، أول من أمس، بقرار رئيسة الحزب "الجيد"، ميرال أكشنر، التي توصف في الخارج التركي بالمرأة الحديدية، بذهاب الحزب إلى اجتماع طارئ مبكّر لن تترشح فيه لقيادة الحزب، وذلك بعد ان وُجهت لها انتقادات واسعة من قبل قيادات في الحزب، في اجتماع عقد الأحد، لتستقيل بداية، قبل أن تعود عن استقالتها وتعلن انعقاد الاجتماع الطارئ وعدم ترشحها لقيادة الحزب.

وتركزت الانتقادات الموجهة لأكشنر حول القوائم الانتخابية البرلمانية، وأنها لم تكن ناجحة. ونتيجة الانتقادات الكبيرة التي وجهت لها في اجتماع للحزب بولاية أفيون، أعلنت أكشنر أن قرارها يعود إلى وجود ديمقراطية في الحزب، على أن تتيح الفرصة لغيرها لتولي دفة الحزب، موضحة أنه سيتم تنظيم المؤتمر خلال شهر، وهي لن تكون مرشحة فيه. ومعلوم أن الحزب "الجيد" دخل البرلمان التركي عقب تحالفه مع حزب الشعب الجمهوري، وحصل على 42 مقعداً في خامس أكبر كتلة برلمانية وفق الانتخابات التي جرت في 24 يونيو/حزيران الماضي. وبقي الحزب تحت عتبة 10 في المائة التي تخوله لدخول البرلمان منفرداً، لكن تحالفه مع أكبر أحزاب المعارضة خوله دخول البرلمان. وتشير أوساط متابعة إلى أن الحزب "الجيد" لن يكون بخير، وهو الذي عولت عليه أطراف خارجية كثيرة، وعلى رئيسته، إذ إن غياب أكشنر سيساهم في حل الحزب الذي تجمع من انشقاقات جرت في حزب الحركة القومية اليميني، وبانضمام أطراف يسارية ليبرالية. وإن صدقت التوقعات بانحلال الحزب، فإن أعضاء البرلمان سيتوزعون ما بين "الحركة القومية" و"الشعب الجمهوري"، وفي هذه الحالة سيكون المستفيد حزب العدالة والتنمية، عبر زيادة عدد النواب في "التحالف الجمهوري" مع "الحركة القومية".




وعلى جبهة حزب الشعب الجمهوري المعارض، يسعى مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة، محرم إنجه، للانقلاب على رئيس الحزب، كمال كلجدار أوغلو، المتمسك برئاسة الحزب، عبر جمع التواقيع اللازمة من مندوبي الحزب لعقد اجتماع طارئ والذهاب لانتخابات داخلية، إذ تمكن إنجه من جمع أكثر من 600 صوت مقترباً من الوصول للعدد الكافي والذهاب لاجتماع طارئ، إذ تبقى له عشرات الأصوات التي يسعى لجمعها ليصل إلى 634 صوتاً. وتشير التوقعات إلى أن إنجه، الذي يتحجج بضرورة عقد الاجتماع بسبب اقتراب انتخابات الإدارة المحلية، يسعى للحصول على رئاسة الحزب، مستفيداً من تجاوز أصواته في الانتخابات الرئاسية حاجز 30 في المائة، وهو حاجز لم يسبق أن وصل له حزب الشعب الجمهوري في كل الانتخابات السابقة، ليكون هو العنصر المؤثر في أي انتخابات مقبلة. وإذا فشل في الوصول لرئاسة الحزب، فإن التوقعات تشير إلى أنه قد يؤسس حزباً جديداً يستقطب فيه مؤيدين من حزب الشعب الجمهوري من جهة، والمنشقين من الحزب "الجيد" في حال شهد انشقاقات أيضاً، ويكون منافساً جديداً في حزب علماني ليبرالي. ومقابل ذلك يستمر كلجدار أوغلو في مقاومة إلحاح إنجه لعقد اجتماع طارئ للحزب، بحجة أن الانتخابات المحلية قريبة جداً، إذ إنها ستجرى في مارس/آذار المقبل كما هو مقرر، ولا توجد مؤشرات لتقديم الانتخابات، والأحزاب بالفعل دخلت في مرحلة التحضير لها، معتبراً أن هذا الوضع لا يتطلب عقد اجتماع طارئ وإجراء انتخابات داخلية مبكرة.

وفي ظل كل هذا التخبط في صفوف المعارضة، يسير حزب العدالة والتنمية بخطى ثابتة نحو المؤتمر الطارئ الاستثنائي المتوقع أن يعقد الشهر المقبل، من أجل ترتيب الحزب لصفوفه، بعد أن اعتبر أنه خسر في الانتخابات رغم حلوله أولاً، بحصده 290 مقعداً من أصل 600، وهو يملك مع حليفه الحركة القومية 339 مقعداً، إلا أنه فقد الأغلبية في البرلمان لوحده. وكان أردوغان أعلن، عقب الإعلان الأولي لنتائج الانتخابات، أن الرسالة وصلته من الشعب الذي صوت له في انتخابات الرئاسة، وامتنع عن ذلك في انتخابات البرلمان، فبقي تحت حاجز 43 في المائة من الأصوات. ويرغب أردوغان في ضخ دماء جديدة في الحزب، من خلال أسماء جديدة، كما فعل في حكومته التي أدخل فيها أسماء جديدة من القطاع الخاص والتكنوقراط. ويحاول أردوغان استرجاع شعبيته في تركيا استعداداً لاستحقاقات الإدارة المحلية، خصوصاً البلديات الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وبورصة. وبانتظار الإعلان عن الموعد النهائي للانتخابات المحلية المقبلة، ربما تشهد الساحة التركية حراكاً محموماً إضافياً، وصيفاً ساخناً مع التحالفات الجديدة وترتيب الأوراق والأولويات بين الأحزاب المختلفة، في حين أن الاقتصاد لا يزال حتى الآن الخاسر الأكبر من التخبط السياسي وعدم حصول الاستقرار السياسي بعد.