وأعلنت النهضة عن مشروع "وثيقة التعاقد"، والتي ستكون أساس التشاور ورؤيتها لبرنامج العمل الذي سيتضمن نقاطاً ذات أولويّة، أهمها "الالتزام بقيام الدولة بدورها الاقتصادي والاجتماعي، وتغيير المنوال التنموي وعصرنة الدولة، وجلب الاستثمار بحسب برنامج محدد".
وقالت النهضة، في مؤتمر صحافي، إن هذا البرنامج سيطرح على مختلف الأحزاب السياسية، و"ستتم مواصلة التشاور لإثراء هذه النسخة من طرف الأحزاب والمنظمات، وحتى من حركة النهضة، على أن يتم تحديد المواقف وهي إما دعم الحكومة وإما البقاء في صف المعارضة".
وأكّد الناطق الرسمي باسم النهضة عماد الخميري أن الحركة، ومباشرة بعد الإعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، قررت تحمّل المسؤولية ودعوة الأطراف السياسية والاجتماعية إلى التحاور حول الحكومة المقبلة وفق ما يقرّه دستور 2014، والذي ينص على أن الحزب الفائز يتحمّل المسؤولية في تشكيل الحكومة، مبيناً أن "الحركة التقت العديد من الأحزاب، منها حركة الشعب والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة والاتحاد الشعبي الجمهوري، وبعض المستقلين، وحزب تحيا تونس، وبعض المنظمات الوطنية".
وأوضح الخميري أن النقاش حول الحكومة يجب أن يكون وفق البرنامج، وعلى هذا الأساس تم تكوين وثيقة التعاقد لتحديد برنامج يقوم على جملة من المحاور، مشيراً إلى أنّ "هناك العديد من الجلسات في قادم الأيام مع الأطياف السياسية للتسريع بتكوين الحكومة"، مبيناً أن "الحكومة يجب أن تعمل على الإنجاز وتحقيق مطالب التونسيين واستكمال المسار التأسيسي وتحسين الخدمات الأساسية".
وأفاد بأنه "لا بد من تكوين حزام سياسي للحكومة، وبأن هناك اليوم قناعة على أساس العمل في إطار تشاركي واسع يضم طيفاً متنوّعاً من الأحزاب"، مشيراً إلى أن "أغلب المؤشرات تشير إلى إمكانية المصادقة على الحكومة، وبالتالي من السابق لأوانه التكهّن بفشل الحكومة، بل إن النهضة متفائلة"، مؤكداً أن "النقاش حالياً هو حول الهيكلة وبرنامج الحكومة الذي سيعتمد مبدأ الكفاءة، وأن يكون رئيسها من النهضة، ومن السابق لأوانه الخوض في الأسماء".
وقال القيادي في حركة النهضة أسامة الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "وثيقة التعاقد" الحكومي جاءت لتفادي أخطاء الحكومات السابقة، و"لكي لا يكون النقاش حول المناصب الوزارية وعلى أساس المحاصصة الحزبية، بل على أساس برنامج محدد يتم الالتزام بتنفيذه".
وأوضح الصغير أن "الوثيقة ستكون مكتوبة وتلتزم الأحزاب التي ستشارك في الحكومة بتوقيعها وتطبيقها"، مؤكداً أنّ "النهضة استفادت من أخطاء الأمس، ولا بد من ضمان نجاح الحكومة المقبلة".
وبيّن القيادي في النهضة خليل عميري أبرز ملامح مشروع وثيقة التعاقد الحكومي، والذي سيكون منطلق التشاور مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية.
وأشار عميري إلى أن الوثيقة "تحتوي خمس نقاط، منها مكافحة الفساد وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة، ومقاومة الفقر ودعم الفئات الهشة ومتوسطة الدخل، وتطوير التعليم والصحة والمرافق العمومية، والنهوض بنسق الاستثمار والنمو والتشغيل، واستكمال مؤسسات الدولة وتركيز الحكم المحلي".
واضاف أن "هذه النقاط مستوحاة من برنامج النهضة الذي يقوم على دعم المبادرات الخاصة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، ودعم الطاقة المتجدّدة وتأهيل الموارد البشرية، وما تستوجبه من إصلاح، وتوفير مواطن شغل بالتركيز أساساً على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، والالتزام بقيام الدولة بدورها الاجتماعي والتنموي، من خلال برنامج كامل لذلك، إلى جانب وضع برنامج دعم للقطاع الفلاحي الذي يعتبر محرّكاً أساسيّاً للاقتصاد ودعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية كالتكنولوجيا والاتصال".
وتعتبر حركة النهضة الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية والمعنية بتشكيل الحكومة، إذ ستتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، ليتولّى رئيس الجمهورية قيس سعيد تكليف الحزب الفائز بتشكيل واختيار رئيس الحكومة.