فشل مفاوضات الوفد الكردي في بغداد... وانقسامات بين الأكراد بشأن تأجيل الاستفتاء

23 سبتمبر 2017
مقترحات من معصوم والقرار للبارزاني (Feriq Ferec/ الأناضول)
+ الخط -



أعلن رئيس الوفد الكردي المفاوض، روز نوري شاويس، من بغداد فشل المفاوضات التي أجريت بشأن تأجيل الاستفتاء، مؤكداً أنّ "الاستفتاء سيجري في موعده المقرر من دون تأخير"، في ظل حديث عن بروز انقسام واضح داخل الوفد. 

وقال روز نوري شاويس، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد "جئنا اليوم إلى بغداد لتوضيح موقف كردستان من إجراء الاستفتاء، وأبواب الحوار ستكون مفتوحة مع بغداد بعد الاستفتاء"، مضيفاً "تحدثنا عن موقف كردستان بدون مجاملة مع أصدقائنا في بغداد". 

واعتبر أنّ "الإقليم يسعى لبناء علاقة جديدة تخدم الاستقرار في المنطقة، ولن نقطع العلاقة مع بغداد". 

وكانت قد تضاربت الأنباء بشأن قرار كردي لتأجيل الاستفتاء المزمع إجراؤه بعد غد الإثنين، إذ أوردت وكالات أنباء عن أنّ "الوفد الكردي المفاوض في بغداد وافق على تأجيل الاستفتاء وفقاً للمبادرات الدولية"، بينما نفى مجلس الاستفتاء ذلك، في ظل حديث عن بروز انقسام واضح داخل الوفد الكردي المفاوض في بغداد. 

والتقى الوفد الكردي، والذي وصل إلى بغداد، ظهر اليوم السبت، الرئيس العراقي، فؤاد معصوم.

ووصف مسؤول سياسي مطلع، في حديث لـ"العربي الجديد"، الاجتماع الذي عقده الوفد الكردي مع معصوم بـ"المهم"، مشدداً على أنّ "الرئيس العراقي يبحث خيارات التأجيل، وعرض على الوفد تأجيل الاستفتاء في كركوك والمناطق المتنازع عليها، وإجراءه في محافظات الإقليم".


وأكد المصدر أنّ "الرئيس العراقي أكد للوفد ضرورة التوصل لحل بشأن الاستفتاء، وأن هناك ضمانات دولية قدمت لإجراء حوار شفاف مع بغداد بشأن الملفات الخلافية"، مشيراً إلى أنّ "الوفد سيعرض مقترحات معصوم على رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، لاتخاذ قراره بشأنه".

ويسعى رئيس العراقي لثني البارزاني عن إجراء الاستفتاء وتأجيله لموعد آخر، محاولاً حلحلة الأزمة التي قد تجر العراق إلى عواقب خطيرة.

وقد رافقت زيارة الوفد الكردي واجتماعه مع معصوم إجراءات أمنية مشدّدة، إذ عمدت قوات الفوج الرئاسي، وهم من الأكراد، إلى قطع منطقة الجادرية وسط بغداد بشكل كامل، وهي التي عقد فيها الاجتماع، بينما نشرت عناصرها، وهم مدججون بالسلاح، في عموم المنطقة، لأجل توفير الحماية للوفد. 

ويأتي ذلك في وقت بدأ الخلاف يسري داخل الوفد الكردي المفاوض، إذ قال مسؤول سياسي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخلاف دبّ داخل الوفد، وخاصة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال طالباني"، مبيناً أنّ "حزب الطالباني دعا للقبول بتأجيل الاستفتاء وتجنب الأزمة السياسية، والقبول بالمبادرات الدولية، بينما اعترض حزب البارزاني على ذلك، مبدياً تمسكه بموقفه إزاء إجراء الاستفتاء، والذي عدّه موعداً مقدساً لا رجعة عنه". 

وأشار إلى أنّ "قيادات حزب الطالباني بدأت تحركات في كركوك لإقناع حزب البارزاني بالعدول عن قرار الاستفتاء وتأجيله"، باعتبار أنّ "الوقت غير مناسب"، وأكد المسؤول أنّ "قيادات الطرفين ستعقد اجتماعاً خلال الساعات المقبلة لاتخاذ قرار بشأن موعد الاستفتاء". 


ورجّح المصدر أنّ "يقاطع حزب الطالباني الاستفتاء حتى في حال لم يستجب حزب البارزاني لذلك"، معتبراً أنّ "هذه الخطوة من شأنها أنّ تعرقل الاستفتاء، بسبب تعمّق الخلاف الكردي الذي سيقسم الأحزاب الكردية والشعب الكردي، بين مؤيد ومعارض للاستفتاء".

وفي سياق متصل، دعا محافظ كركوك المقال، نجم الدين كريم، أهالي المحافظة إلى "التوجه يوم الإثنين إلى صناديق التصويت والمشاركة في استفتاء استقلال الإقليم". 

وقال كريم، في بيان صحافي: "تحدثنا اليوم مع ممثل مفوضية استفتاء وانتخابات كردستان، وتم ترتيب جميع الاحتياجات لإجراء العملية"، مشدّداً على أنّه "لا تراجع عن إجراء الاستفتاء، لأنّه ملك للشعب والناس، وهم الذين يقررون التصويت من عدمه".

في غضون ذلك، أعلن "التحالف الوطني" رفضه استفتاء كردستان جملة وتفصيلاً، وقال النائب عنه، علي العلاق، في مؤتمر صحافي، إنّ "جميع المفاوضات مع الوفد الكردي الذي زار بغداد لم تثمر عن أي خطوة إيجابية"، مؤكداً أنّ "التحالف الوطني لن يشارك في أي محادثات بعد الآن إلّا في حال تأجيل الاستفتاء".

وتسعى كتل "التحالف الوطني" إلى جمع تواقيع برلمانية لمساءلة الرئيس العراقي عن الاستفتاء، ومحاولة سحب الثقة عنه. 

وقال النائب عن التحالف، علي الصافي، في تصريح صحافي، إنّ "جميع الأطراف السياسية كانت تنتظر من رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، موقفاً تجاه الاستفتاء، وأن يتحمل مسؤوليته الدستورية والقانونية وفقاً للمادة 50 من الدستور، والتي نصت على الالتزام بوحدة العراق وأمنه وسيادته". 

وأضاف أنّ "موقف معصوم من أزمة الاستفتاء بعيد عن الواقع ودون الطموح، بل مخيب للآمال"، مبيناً أنّ "مبادرة معصوم لحل الأزمة تميل إلى ترجيح خيار الاستفتاء، وتصب بصالح الكرد قبل غيرهم، وهي ليست مفتاحاً لحل الأزمة". 

وأشار إلى أنّ "هناك حراكاً برلمانياً لسحب الثقة عن معصوم، وفقاً للدستور الذي حدد أسباباً لذلك، ومنها الحنث باليمين، وأنّ سكوت معصوم إزاء الاستفتاء يطبق عليه ذلك دستورياً". 

وتأتي هذه التطورات قبل يومين فقط من موعد إجراء الاستفتاء، وسط مخاوف وتحذيرات من أن يجر البلاد إلى صدام عسكري بين الأكراد والعرب، في وقت لم يستبعد فيه رئيس الحكومة، حيدر العبادي، اللجوء للخيار العسكري.​