إقصاءات لجنة صيانة الدستور تطلق معركة الانتخابات الإيرانية

27 يناير 2016
روحاني ينتقد قرارات لجنة صيانة الدستور الأولية (الأناضول)
+ الخط -
انتهت لجنة صيانة الدستور من عملية تفقّد ملفات المرشحين الذين سجلوا أسماءهم لخوض سباق الانتخابات التشريعية، وانتخابات مجلس خبراء القيادة، التي ستجري في إيران في 26 فبراير/شباط المقبل، فأقرت أهلية ما يزيد عن 4700 مرشح انتخابي للبرلمان، من أصل 12 ألفاً، سجلوا أسماءهم في وزارة الداخلية، فضلاً عن الموافقة على مشاركة 166 شخصاً في انتخابات مجلس الخبراء من أصل 801.

ووفقاً لوزارة الداخلية، يحقّ لمن رُفضت طلباتهم الاعتراض على هذا القرار، ويتوجب على لجنة صيانة الدستور المؤلفة من 12 عضواً، ستة من رجال الدين المعينين من المرشد، علي خامنئي، وستة من الحقوقيين، الذين تعيّنهم السلطة القضائية، إعادة النظر بالترشيحات. بالتالي لا يمكن في الوقت الراهن البتّ بصورة معادلة التنافس الانتخابية القادمة من دون صدور القوائم النهائية.

لكن قرار هذه اللجنة والمتعلق بمرشحي الخبراء خصوصاً، الذي صدر، أمس الثلاثاء، أثار استغراب بعضهم في الداخل الإيراني، حيث فوجئ بعضهم من عدم قبول ترشح حسن الخميني، حفيد الإمام الخميني، فيما اعتبره آخرون "طبيعياً"، كونه لم يتقدم لامتحان القبول، الذي يخضع له من يترشح لهذه الانتخابات للمرة الأولى، بحال لم يثبت امتلاكه كل الشروط.

اسم الخميني لم يكن الوحيد، فهناك عدد من الأسماء البارزة على الساحة الإيرانية التي رُفض ترشّحها أيضاً، ومنها إمام جمعة طهران، آية الله كاظم صديقي، وعضو الهيئة التدريسية العلمية في مؤسسة الإمام الخميني مرتضى طهراني، ومدرس الحوزة العلمية في قم مهدي طائب، بالإضافة إلى مستشار الرئيس للشؤون البرلمانية مجيد أنصاري. ولكن اسم الخميني أثار الجلبة الأكبر، كما أثار خبر ترشحه لهذه الانتخابات، الشهر الماضي، الصدى ذاته.

حسن الخميني نفسه علّق في وقت لاحق بالقول، إنه "سيخاطب الإيرانيين قريباً حول هذا القرار، فيما أن ابنه أحمد الخميني كتب على صفحة والده الرسمية على موقع "انستغرام"، مساء الاثنين، أي قبل صدور القرار رسمياً، إن "عدم قبول والده أصبح واضحاً، فشهادة عدد من رجال الدين حول امتلاكه الصفات والمعايير اللازمة لم تكن كافية".

فيما قال مقرّبون من الرجل، في وقت سابق، إن الخميني لم يحضر الامتحان كونه لم يدع للمشاركة فيه أصلاً، فيما أن مواقع محافظة نقلت أن الدعوات وُجّهت مرتين له ولغيره من الأعضاء، فهناك 150 مرشحاً تم إقصاؤهم لذات السبب.

ويشترط في المرشح لمجلس خبراء القيادة، أن يكون رجل دين، حائزاً على درجة الاجتهاد، وهذه الدرجة إما أن يحصل عليها برسالة علمية دينية يبحث فيها موضوعاً معيّناً، أو بتأييد مكتوب وموقّع من عشرة رجال دين من "آيات الله"، أو عليه أن يخضع للامتحان ليثبت امتلاكه المعايير.

وعن هذا الأمر يقول الخبير في الشأن الإيراني، عماد آبشناس، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "المسألة قانونية، فكان على حسن الخميني أن يقدم رسالة موقعة من عشرة رجال دين يؤيدون درجة اجتهاده لتجاوز هذه العقبة، فيما أن منتقدي القرار اعتبروا كونه مدرّساً بارزاً في الحوزة العلمية في قم، وتتلمذ سابقاً على يد جده الخميني، أمراً كافياً". ويضيف أنه "يستطيع تقديم اعتراضه، خلال اليومين المقبلين، وقد تؤيد اللجنة أهليته لاحقاً إذا ما تجاوز هذه النقطة، وهذا في حال كانت هذه هي العلة الوحيدة لرفضه".

اقرأ أيضاً: لجنة صيانة الدستور ترفض ترشح حفيد الخميني لانتخابات الخبراء

ويردف آبشناس أن "الرجل قدّم نفسه كمرشح مستقلّ، كونه لم يرد أن يحسب نفسه على تيار دون آخر. لكنه، بشكل أو بآخر، محسوب على تيار الاعتدال، الذي يقوده هاشمي رفسنجاني، وهو، في الوقت ذاته، مقرّب من أبرز رموز تيار الإصلاح في البلاد، وعلى رأسهم الرئيس السابق محمد خاتمي. كما أن كونه من عائلة الخميني تُحسب لصالحه في الداخل أيضاً. وهو من المقرّبين لخامنئي، ومن أشد منتقدي الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد".

في الوقت عينه، أقرّت اللجنة أهلية كل من الرئيس حسن روحاني، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني، ورئيس مجلس خبراء القيادة الحالي محمد يزدي، فضلاً عن رئيس لجنة صيانة الدستور، أحمد جنتي، وجميعهم سيتنافسون في انتخابات الخبراء القادمة.

الجدير بالذكر، أن مجلس خبراء القيادة، هو المؤسسة التي تشرف على عمل المرشد، وهو الجهة الوحيدة التي يحقّ لها عزله وتعيين خلف له، سواء في حال الوفاة أو في حال فقدان الأهلية، حسبما جاء في الدستور الإيراني. ويبلغ عدد أعضاء المجلس الحاليين 99 شخصاً، جميعهم من رجال الدين، ويُنتخبون مرة كل ثماني سنوات. ويتمثّل كل نصف مليون نسمة في كل محافظة إيرانية بعضو واحد في المجلس. ما يعني أن زيادة عدد السكان في كل مدينة إيرانية تسمح بزيادة عدد الأعضاء والمرشحين في كل دورة انتخابية للخبراء.

ولم يتضح بعد شكل المنافسة خلال الانتخابات العتيدة، لكن كثراً يتوقعون أن تحتدم كثيراً بين المعتدلين والمحافظين، الذين يسيطرون على مقاعد الخبراء الفعلية. غير أنه وحتى صدور القرار النهائي للجنة صيانة الدستور، لا يزال الإصلاحيون يعملون على ترتيب أوراقهم، فإما أن يخوضوا السباق تحت اسم تيارهم، وإما الاتحاد مع "المعتدلين" لضمان التواجد في المجلس.

وبالنسبة لمجلس الشورى الإسلامي، فقد فوجئ بعضهم من قرارات لجنة صيانة الدستور الأولية، والتي رفضت ترشح عدد كبير من الراغبين في خوض غمار السباق الانتخابي. وأقصت أسماء بارزة محافظة وإصلاحية على حد سواء، وتعدّدت الأسباب، ومن هؤلاء النائب المحافظ الحالي المثير للجدل، علي مطهري، وهو من أشد منتقدي نجاد، والنائب المتشدد، حميد رسايي، فضلاً عن ابنة رفسنجاني فاطمة هاشمي، بالإضافة للإصلاحيين، رسول منتجب نيا، وإلياس حضرتي، ومحمد علي وكيلي.

جعل هذا الأمر روحاني يتوجه بانتقاد للجنة أخيراً، معتبراً أن "هذه القرارات يجب أن تكون محكومة بالقانون لا بالرغبة الشخصية، وعلى ميزان الحرارة الانتخابي أن يعمل بشكل دقيق، فالمنطقة تمر بظروف صعبة، ولدى إيران كثير من المشكلات، وعليه يجب اختيار الوجوه الأفضل للبرلمان".

فتحت هذه التصريحات النار على الرئيس، الذي اعتبره بعضهم يتعدّى على صلاحيات هذه اللجنة، لا سيما بقوله إنه "سيستخدم كل صلاحياته لمعالجة الأمور". فيما ردّ المتحدث باسم حكومته محمد باقر نوبخت، في مؤتمر صحافي عقده، أمس الثلاثاء، أن "روحاني لا يطلب شيئاً يتعدّى القانون، ولم يقصد لجنة صيانة الدستور بتصريحاته، بل قصد الهيئة المشرفة على الرقابة فيها". وأضاف أن "اجتماعات دورية تعقد بين الرئيس والمرشد"، لكنه لا يعلم ما إن كانا قد ناقشا مسألة الانتخابات وإقرار الأهلية.

أثارت هذه القرارات حفيظة الإصلاحيين أيضاً، فاعتبر بعضهم أن أكثر من 90 في المائة من مرشحيهم قد رفضوا. وهو ما كتبته صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، التي رأت أن "قبول المرشح الرئاسي السابق عن الإصلاحيين محمد رضا عارف غنيمة، ليست سهلة".

كما ذكرت مواقع إعلامية أخرى أن "أربعة إصلاحيين وحسب، هم من تمت الموافقة عليهم للترشح عن العاصمة طهران". ووصفت صحيفة "كيهان" المحسوبة على الخط المتشدد من المحافظين، الأمر بـ"الكذبة الكبرى"، فالأسماء واللوائح ليست نهائية بعد. واعتبرت أن "الإصلاحيين بدأوا يبررون هزيمتهم كونهم لم يستطيعوا لمّ شتاتهم، حتى الآن، وليس لديهم أسماء حقيقية لخوض المنافسة". وأضافت الصحيفة أن "عدد المتأهلين، حتى اللحظة، يفوق كل أعداد السنوات الماضية، وسيتنافس على كل مقعد برلماني حوالي 16 مرشحاً".

اقرأ أيضاً: فرنسا تنتظر روحاني لانتزاع حصتها من كعكة الاتفاق النووي

دلالات
المساهمون