اشتر هويتك في الجزائر

29 مايو 2018
وعد بوتفليقة مواطنيه بالعزّة في عام 1999 (Getty)
+ الخط -


لا تنتهي إبداعات الحكومة الجزائرية في كتابة تاريخ من القصص الساخرة وفي تدوين مزيد من الإخفاقات في بلد لا ينقصه نفط ولا يعوزه ماء، وآخر إبداعاتها أن قررت بيع بطاقات الهوية وجوازات السفر للجزائريين. الحكومة في الجزائر تبيع الأراضي والعقارات الصناعية للكارتل المالي، وقد صار الأخير ربيباً في صناعة القرار بالدينار الرمزي، وتفكر في منح المزارع مجاناً لرجال الأعمال، لكنها تقرر أن تبيع للمواطنين بطاقات التعريف والهوية وجوازات السفر ووثائق سياراتهم. ووضعت تسعيرة لكل منها. ولأن الحكومة في الجزائر بالغة الشفافية، فقد كشفت للرأي العام عن هامش الربح الذي تأخذه عن كل وثيقة، كأن تربح أربعة دولارات عن كل بطاقة هوية، و30 دولاراً ربحاً صافياً عن كل جواز سفر.

كان يمكن فرض طابع ضريبة ميسرة ومقبولة على استخراج وثائق الهوية والسفر، كما يحدث في بعض الدول، لكن الحكومة المفلسة تدبيراً وتسييراً، والعاطلة عن التفكير، لا يتجاوز تفكيرها عقل شاب عاطل عن العمل ينصب طاولة لتغليف بطاقات الهوية وجوازات السفر في سوق فوضوي.

يسخر الجزائريون، وقد أتاحت لهم مواقع التواصل الاجتماعي ذلك، من الحكومة. ويقولون إنه "إذا استمرت الأخيرة في هذه الخطوات، فلا غرابة إذا أقدمت في وقت ما على إجبار المواطنين على حمل عدادات تقيس نسبة استهلاكهم للأكسجين لدفع ثمنه". لكن ما ليس من باب السخرية أنه فعلاً إذا أصرّت الحكومة على تطبيق أسعار بيع وثائق الهوية للمواطنين، فلا غرابة في إعلان المصارف عن قروض ميسرة متناهية الصغر، تتيح للمواطنين دفع كلفة استخراج وثائق الهوية. ولا غرابة إذا ظهرت في البلاد بعد سنوات فئة "البدون" الذين لا يحملون بطاقات هوية، لأن ليس لهم ما يساعدهم على استخراجها.

الحكومة في الجزائر تغضّ البصر عن مليارات الدولارات من التهرب الضريبي من رجال الأعمال والكارتل المالي، وتغضّ البصر عن مافيا السوق السوداء للعملات، وعن التلاعب الفاضح في صناعة تركيب السيارات التي تشفط مليارات من العملة والصرف من الخزينة العمومية، لكنها تفتح عينها على جيب مواطن مثقوب لتبيعه بطاقة هوية وجواز سفر هي حقه. في عام 1999 وعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الجزائريين بالعزة والكرامة و"ارفع رأسك يا با"، وبعد أربع ولايات رئاسية، وجد الجزائريون أنفسهم بصدد شراء بطاقة هوية وجواز سفر.
المساهمون