اليمن: إقالات وتعيينات لإعادة ترتيب المؤسسات الأمنية

08 مايو 2015
فوضى القيادة تضرب المقاتلين المؤيدين للشرعية بالجنوب(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

لا يكاد يمرّ يوم من دون أن يُعلن الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، عن قرارات جديدة، تتضمن بشكل أساسي إقالة عدد من المسؤولين الأمنيين وتعيين آخرين محلهم. أحدث تلك القرارات صدرت أمس بعدما أقال هادي، من مقرّ إقامته في الرياض، كلاً من العميد حمود حسان الحارثي قائد القوات الخاصة في محافظة تعز، والعميد محمد عبد الجليل الشامي مدير عام الشرطة في محافظة إب، والعميد عادل حميد عنتر من كافة مهامهم الأمنية. أما السبب فأرجعه هادي إلى "إخلالهم بأداء واجبهم الأمني والوطني تجاه الوطن والشعب".

كما نصت القرارات الجمهورية على إحالة المقالين للقضاء العسكري للمحاكمة على غرار قرارات سابقة. كما أصدر هادي يوم الإثنين الماضي دفعة أخرى من التعيينات العسكرية، أبرزها تمثل في تعيين اللواء محمد علي المقدشي، رئيساً للأركان العامة وتعيين اللواء ناصر عبد ربه الطاهري، نائباً له. وجاء تعيين المقدشي، بعد أسابيع من إقالة اللواء حسين خيران، من قبل هادي، بعد اتهامه بالمشاركة في الانقلاب وإحالته للمحكمة العسكرية.


وكان خيران قد عُين بقرار من هادي في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وبعد تعيينه رفض الحوثيون السماح له بممارسة عمله، حتى تم تعيين نائب له، منتم للجماعة هو زكريا الشامي. وقد جرت العادة في اليمن أن يكون وزير الدفاع من المحافظات الجنوبية ورئيس الأركان من المحافظات الشمالية، أو العكس. ومثلما كان منصب وزير الدفاع للصبيحي (جنوبي)، فإن المقدشي (53 عاماً)، ينحدر من مديرية عنس بمحافظة ذمار، جنوبي العاصمة. وتعدّ هذه المحافظة ذات خصوصية عسكرية، إذ ينتمي إليها غالبية الجنود.

تخرج المقدشي من الكلية الحربية اليمنية عام 1984 بعد تلقي علومه العسكرية، ثم نال الماجستير فيها عام 1996. بدأ مسيرته العسكرية قائد سرية في اللواء الرابع عروبة، (لواء العروبة شارك إلى جانب العراق في الحرب ضد إيران)، وتدرج في العديد من المناصب العسكرية الميدانية، وصولاً إلى قائد للمنطقة العسكرية الوسطى (مأرب وما حولها) في عام 2008. تردّد اسمه كأحد القيادات العسكرية التي أعلنت تأييدها ثورة الشباب عام 2011، إلى جانب اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة الشمالية الغربية، وقادة عسكريين آخرين.

في عام 2012، أُقيل من قيادة المنطقة وعُين نائباً لرئيس الأركان للشؤون العامة ضمن حزمة تغييرات لهادي هدفت إلى قصقصة نفوذ محسن ونجل الرئيس المخلوع، أحمد علي عبد الله صالح. وفي أبريل/نيسان 2013، عُين المقدشي قائداً للمنطقة العسكرية السادسة بعد هيكلة الجيش، وهي المنطقة الشمالية التي كانت بقيادة اللواء الأحمر، وتضم محافظات (صعدة والجوف وعمران). في عام 2014، بدأ الحوثيون في التقدّم نحو محافظة عمران، التي تبعد عن صنعاء نحو 50 كيلومتراً.

وكان اللواء 310 مدرع بقيادة العميد حميد القشيبي، هو أبرز قوة عسكرية في المنطقة السادسة، ومعروف بولائه للواء الأحمر، الذي سبب صراعاً غير معلن بينه وبين وزير الدفاع السابق، محمد ناصر وأحمد والرئيس هادي، حسب مقربين، إلى جعل القوات الموالية له وحيدة في معركة عمران، ليسقط اللواء والمدينة في أيدي الحوثيين في الثامن من يوليو/تموز من العام نفسه.

وعقب ذلك، أصدر هادي حزمة قرارات أبعدت عدداً من المحسوبين على اللواء الأحمر، ومنهم قائد المنطقة السادسة، المقدشي، الذي جرى تعيينه مستشاراً للقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو المنصب الذي استقر فيه إلى أن صدر قرار تعيينه رئيساً للأركان. أما اللواء ناصر عبدربه الطاهري (63 عاماً) فينحدر من محافظة شبوة (جنوبي).

كانت أبرز المناصب التي شغلها في عهد صالح، مديراً لدائرة العمليات الحربية، وفي عهد هادي، عين عام 2012 قائداً للمنطقة العسكرية الجنوبية (عدن وما حولها)، ثم عين في عام 2013 رئيساً لهيئة العمليات في القوات المسلّحة، وعُيّن في عام 2014 مجدّداً قائداً للمنطقة العسكرية الرابعة (الجنوبية) خلفاً للصبيحي الذي عُين وزيراً للدفاع.

كما تضمنت قرارات هادي تعيين اللواء أمين عبدالله الوائلي قائداً للمنطقة العسكرية السادسة (صعدة، عمران، الجوف). وجاء تعيينه خلفاً للواء محمد الحاوري، الذي كان هادي قد عينه في المنطقة في يوليو/تموز العام الماضي. وشملت القرارات تعيين العميد صالح قائد الزنداني رئيساً لهيئة العمليات التابعة لوزارة الدفاع، وتعيين العقيد محمد العظمي رئيس أركان حرب في اللواء الثاني مشاة بحري، وترقيته إلى عميد.

إضافة إلى إقالة اللواء علي أحمد الذفيف، قائد اللواء التاسع مشاة والخاضع لسيطرة الحوثيين، وإحالته للمحاكمة العسكرية. ويرى مراقبون أن تعيين اللواء المقدشي، أحد المحسوبين على الأحمر، رئيساً للأركان، وكذلك إقالة قادة أمثال قائد المنطقة العسكرية السادسة، الذي يتهمه بعضهم بالتواطؤ مع الحوثيين، محمد الحاوري، خطوة تسعى لإعادة بعض التوازن داخل الجيش، بعدما صبّ إبعاد محسن، الذي غادر صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول إلى السعودية، في كفة نفوذ صالح المتحالف مع الحوثيين.

ويرى المراقبون أن قرارات هادي تأتي في إطار تغييرات عسكرية تسعى إلى ترتيب وضع الجيش اليمني، بعدما عصفت به الانقسامات السياسية والولاءات الداخلية، وكان الكثير من ألويته هدفاً مباشراً لـ"عاصفة الحزم" لوقوعها تحت نفوذ الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. ويجمع عدد كبير من السياسيين والمراقبين والمحللين على أن أزمة فوضى القيادة العسكرية التي تضرب المقاتلين المؤيدين للشرعية في جنوب البلاد ووسطها، هي السبب الرئيسي وراء الإخفاقات التي تعصف بأداء المقاتلين من أنصار الشرعية، وفي هذا الموضوع يتم تحميل القيادة السياسية المقيمة في الرياض المسؤولية الكبرى عن عدم ملء الشواغر الكثيرة التي طرأت في صفوف ما تبقى من جيش موالٍ للحكومة للشرعية.


اقرأ أيضاً: هادي يعين المقدشي رئيساً لهيئة الأركان