اعتداءات بروكسل تخيم على المغرب: استنفار وإعادة تقييم المخاطر

28 مارس 2016
يخشى المغرب من ارتدادات اعتداءات بروكسل (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

تخيم الاعتداءات التي ضربت بروكسل يوم الثلاثاء الماضي على الوضع الأمني في المغرب، بعدما ارتفعت درجة التأهب، ولا سيما في ما يتعلق بتشديد المراقبة في المطارات والموانئ، والمنشآت الحيوية، وحتى في تقاطعات الشوارع، ومداخل المدن، وخصوصاً بعدما كان المغرب قد أعلن أخيراً عن تفكيك خلية لـ"داعش" خططت لهجمات في البلاد.

وفي السياق، قررت السلطات الأمنية تفعيل العمل بأجهزة مراقبة متطورة، ولا سيما في مطار محمد الخامس بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، القلب النابض للمملكة، ومنها معدات تكنولوجية تعمل على رصد وتفحص المسافرين عن بعد، وخصوصاً المسافرين المتوجهين إلى بلدان محددة بعينها. كما طاول الاستنفار الأمني المؤسسات التعليمية والمختبرات العلمية في الجامعات، من أجل مراقبة استخدام المواد الكيماوية، وجميع المواد التي قد تشكل خطراً على الأمن والسلامة، إذ يُخشى أن تقع في أيدي متشددين.

وشمل التأهب أيضاً نشر قوات أمنية كبيرة في العديد من محاور الطرقات، والشوارع الرئيسية، والمنشآت الحيوية، وفي مداخل المدن. وشوهد أفراد من قوات الأمن والدرك الملكي على مداخل المدن يستوقفون السيارات والشاحنات ومختلف المركبات، ويتحققون من هويات السائقين والركاب. وبحسب سائقين وافدين إلى مدينة الرباط من حدود المدينة، فإن عناصر أمنية استوقفتهم وطرحت العديد من الأسئلة ذات صبغة أمنية عليهم، فيما كثّفت عملية "حذر" الأمنية من جولاتها. وتُعنى العملية بنشر أفراد من الأمن والجيش في الشوارع لمراقبة المؤسسات والمنشآت الرئيسية. ومن بين الإجراءات الأمنية الإضافية مراقبة الشقق المفروشة المعدة للإيجار، من خلال جردها ورصدها، خشية أن يتم استغلالها من قبل عناصر متشددة. كما تم تشديد المراقبة الأمنية على مخازن أسطوانات الغاز، منعاً لأي استخدام لها في اعتداءات.


اقرأ أيضاً: عندما تتصدّع الثقة بين المغرب والأمم المتحدة

ويؤكد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم المنار أسليمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن كل الأجهزة الأمنية استشعرت مخاطر ما هو آتٍ، مشيراً إلى أن جيل ما سمّاه "داعش أوروبا" متدرب "وله قوة كبيرة على استعمال التكنولوجيا في الاختراق والتنفيذ، وهذا ما يفسر رفع درجة التأهب الأمني في الحدود المغربية".

ويوضح أسليمي بأن "سقف المخاطر بات مرتفعاً لكون الأجهزة الأمنية المغربية تواجه أربعة أنواع من المخاطر عبر الحدود في نفس الوقت، وتحديداً من مقاتلي "داعش" سواء من العائدين من سورية، وممن يحملون الجنسية الأوروبيين، والعائدين من ليبيا، فضلاً عن "المجندين المغاربة الذين يريدون الذهاب إلى ليبيا بعد تنفيذ أعمال إرهابية".

ويلفت رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هذه المخاطر المتنامية تبرر إلى حد كبير درجة التأهب الأمني المرتفعة لدى السلطات المغربية، والتي نجحت إلى حد الآن في التدخل الأمني الاستباقي قبل وقوع الاعتداءات في عقر البلاد". ويشير إلى أن اعتداءات بروكسل غيرت شبكة التحليل لطريقة عمل الجماعات، باعتبار أن "داعش تحول إلى نظام إرهابي بتنظيمات مستقلة حاملة لهويات محلية، سواء في فرنسا أو بلجيكا"، على حد قوله.

ويعتبر أسليمي أنّ الاعتداءات التي شهدتها أوروبا، خلال المسافة الزمنية الممتدة بين نوفمبر/تشرين الثاني في باريس ومارس/آذار في بروكسل، تظهر أن الأمر يتعلق بما يسميه "تنظيم داعش أوروبا الذي بات يتحرك وينتج زعامات من مواطنين أوروبيين"، مبيناً أن "داعش" نجح مقارنة مع تنظيم القاعدة في ترحيل إيديولوجية التطرّف نحو أوروبا.

وكان مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في المغرب، عبد الحق الخيام، قد اعتبر في تصريح قبل أيام لموقع "موند أفريك" الإخباري الفرنسي، أن الاعتداءات التي استهدفت بروكسل، هي نتيجة "سياسة بلجيكا التي تتسم بالتساهل في التعامل مع الشباب المتطرف ولا سيما في الأحياء المهمشة"، على حد قوله. واعتبر المسؤول الاستخباراتي المغربي أن "تهميش الشباب البلجيكي القاطن بالمناطق الهشة والفقيرة يغذي التطرف"، رافضاً وصف المتورطين في الاعتداءات بالدول الأوروبية بكونهم "مغاربة، باعتبار أنهم ولدوا في بلجيكا، كما أن الإرهاب لا دين له ولا جنسية".

اقرأ أيضاً: 10 أغان مغربية سببت أزمات لأصحابها

المساهمون