التدريبات الإسرائيلية في قبرص... رسائل للاعبين الإقليميين

01 يوليو 2017
اللقاء القبرصي ـ اليوناني ـ الإسرائيلي (ساكيس ميتروليديس/فرانس برس)
+ الخط -

عززت إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، خصوصاً في فترة القطيعة بينها وبين تركيا، حتى التوصل إلى اتفاق المصالحة العام الماضي، من التعاون السياسي والاقتصادي والتنسيق الأمني مع كل من قبرص واليونان، بلغت أوجها في ترسيخ تقليد عقد لقاء قمة ثلاثية لزعماء الدول الثلاث، مع تطوير العلاقات والتحالف العسكري بين هذه الدول. وكان آخرها لقاء القمة الذي عقده زعماء الدول الثلاث في يناير/ كانون الثاني 2016 في نيقوسيا الشطر اليوناني من قبرص، وتبع اللقاء لقاء ثلاثي آخر في سالونيكي اليونانية في يونيو/حزيران الماضي، تم الحديث فيه علناً عن مدّ أنبوب لنقل الغاز المسال من إسرائيل إلى أوروبا عبر قبرص واليونان.

في هذا السياق، جاء في ورقة تقدير موقف لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أن "التدريبات العسكرية الأخيرة، المتنوعة التي أجرتها وحدات من الجيش الإسرائيلي وقوات الكوماندوز بمثابة رفع لمستوى التعاون الاستراتيجي، تحديداً أن هذه التدريبات خلافاً لمناورات مشتركة بين هذه الدول، شملت للمرة الأولى مشاركة قطع ووحدات برية ولم تتوقف عند المناورات الجوية المشتركة".

واعتبرت الورقة التي وضعها الباحثان غابي سيفوني وغال فيرل فينكل، أن "التدريبات الأخيرة التي جرت الشهر الأخير وشملت أيضاً الوحدات البرية ووحدات الهندسة ونحو 200 من سلاح الجو الإسرائيلي، تعتبر قفزة نوعية في التعاون والتحالف العسكري مع هاتين الدولتين، خصوصاً أن التدريبات المذكورة، شملت محاكاة لعمليات سيطرة على مناطق تطلق منها الصواريخ باتجاه إسرائيل، وأخرى تحاكي القتال تحت الأرض داخل الأنفاق. بما يدلل على أن الهدف من هذه التدريبات، هو الاستعداد للقتال ضد طرفين لا ثالث لهما، الأول هو حزب الله في جنوب لبنان، عبر استغلال أوجه الشبه الطبوغرافية في قبرص مع التضاريس في لبنان، والثاني هو حركة حماس، بدليل محاكاة القتال تحت الأرض وفي الأنفاق".

وأشار الباحثان في هذا السياق، إلى "الفائدة التي يجنيها جيش الاحتلال من مناوراته الجوية في اليونان، التي توفر له العمق والمجال الجوي المطلوب لمواجهة صواريخ إس 300 المتوفرة لكل من سورية وإيران". واعتبرا أن "هذه التدريبات تكشف أيضاً التغييرات في منظومة تدريبات الجيش الإسرائيلي، خصوصاً وضع الجنود في ميادين قتال وتدريب لا يعرفونها بما يعزز ويقترب بشكل كبير لمحاكاة حالة القتال الفعلية في ميادين القتال الحقيقية (لبنان مثلاً) الغريبة عن الجنود النظاميين في روتين التدريبات العادي، الذي يقتصر على تدريبات في قواعد عسكرية داخل إسرائيل في بيئة جغرافية وتضاريس معروفة للجنود. وهو ما يوفر للاحتلال وجنوده ميادين واسعة للتدريبات لا تتوفر له في فلسطين بفعل ضيق المساحة الجغرافية، واختلاف التضاريس الجغرافية عما هو قائم في لبنان".



وأبرز الباحثان مسألة إشراك قوات برية ووحدات كوماندوز في التدريبات الأخيرة في قبرص، على "التغيير النوعي في منظومة تدريبات جيش الاحتلال لجهة تعزيز دور وحدات الكوماندوز وعمليات الهجوم البرية في الحرب المقبلة، وتعزيز قدرات الجيش على شن الهجمات البرية السريعة وعدم الاكتفاء بالغارات الجوية. وتساهم هذه التغييرات أيضاً عند ساعة الصفر ليس فقط في تحريك قوات كبيرة وبسرعة وإنما في إحداث عنصر المفاجأة عند الطرف الآخر، وتعزيز مشاعر العدو بأنه مطارد برياً وليس مستهدفا من الجو فقط".

ولفتا إلى حقيقة أن "التعاون الأمني، أو العسكري، لم يكن ما أطلق العلاقات مع اليونان وقبرص باتجاه الوصول لحالة التحالف الحالية، بل بدأ في المجالات المدنية، عندما كانت قبرص أولى الدول التي استجابت لطلب الاستغاثة الإسرائيلية، حين اشتعلت عام 2010 سلسلة حرائق في أحراج وغابات جبال الكرمل".

وشكّلت هذه النقطة بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين إسرائيل واليونان وقبرص، شكّلت تعويضاً للإسرائيليين عن تراجع العلاقات مع تركيا والقطيعة بين البلدين، بعد جريمة اعتراض أسطول الحرية ومهاجمة السفينة التركية مافي مرمرة وقتل عددٍ من الناشطين الأتراك كانوا على متنها، على يد قوات الكوماندوز البحرية الإسرائيلية.

وظهر في الدراسة عمق استغلال الأطراف الثلاثة: اليونان وإسرائيل وقبرص، للقطيعة التركية – الإسرائيلية من أجل بناء جبهة جديدة في حوض المتوسط. واعتبر سيفوني وفيرل فينكل، أن "إشهار أمر التدريبات الأخيرة، والكشف العلني عن أوجه ومظاهر مختلفة من التعاون بين هذه الدول الثلاث، نابع من رغبة إسرائيل، كحكومتي قبرص واليونان أيضاً، توجيه رسائل لدول ومنظمات شبه دولانية في المنطقة في الوقت الراهن بالذات، وذلك أولاً بسبب أهمية موضوع استخراج الغاز الطبيعي من حقول إسرائيل في المتوسط، والسعي لتسويق هذا الغاز وبيعه في الأسواق الأوروبية. مع ما يثيره هذا الأمر من توتر في العلاقات بين تركيا وقبرص واليونان. وذلك في مقابل العلاقات الوثيقة بين تركيا وقطر وحماس، وعلى خلفية أزمة الكهرباء في غزة مع تداعياتها المحتملة، كما أن الرسائل موجهة لحزب الله على أثر التصريحات الأخيرة للأمين العام للحزب حسن نصر الله".

وخلص الباحثان إلى "إبراز أهمية الفائدة المتحصلة للجيش الإسرائيلي من هذه التدريبات لكونها تعمق وتصب في جهود محاولة جيش الاحتلال استعادة بناء قوته العسكرية البرية، على أذرعها المختلفة نحو إعادة الاعتبار للمناورات القتالية البرية باعتبارها أداة رئيسية لتحقيق الحسم العسكري في المواجهة العتيدة".


المساهمون