وفي تقرير نشرته النسخة العبرية لموقع "المونتور"، اليوم الاثنين، نقل وكيل الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أوري سافير، عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية بتل أبيب ترجيحه أن يعرض السعوديون على قيادة السلطة الفلسطينية مشروع تسوية يقوم على مبدأ "الحل المؤقت الطويل المدى، بحيث يفضي مع مرور الوقت إلى إقامة دولة فلسطينية"، على حد تعبيره.
وتوقع المسؤول الإسرائيلي أن يقدم بن سلمان على هذه الخطوة في أعقاب تراجع ردود الفعل الفلسطينية والعربية الإسلامية على قرار ترامب بشأن القدس، مشيرا إلى أن "السعوديين معنيون بأن يستأنف ممثلو السلطة الفلسطينية اتصالاتهم مع مبعوثي الإدارة الأميركية للمنطقة".
وحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن القيادة السعودية، وبخلاف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ترى الأفكار الأميركية لتسوية الصراع "متوازنة".
وأشار المسؤول ذاته إلى أن القيادة السعودية لم تفاجأ من إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقراره بدء إجراءات نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، مستذكرا أن "السعوديين يعكفون على إجراء اتصالات متواصلة مع البيت الأبيض".
وأعاد سافير للأذهان حقيقة أن بن سلمان تجاهل في لقاء جمعه مع عدد من الخبراء الأميركيين اعتراف ترامب بالقدس، ونقل عن مسؤول كبير في منظمة التحرير الفلسطينية قوله إن "هناك تحولا واضحا في السياسة السعودية"، مشددا على أن "الرياض باتت ترى في الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة مصلحة من الطراز الأول، بسبب التحدي الذي تمثله إيران للمصالح السعودية".
وأوضح سافير أن كل المؤشرات تدلل على أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي معني بالحفاظ على علاقات قوية ووثيقة بالولايات المتحدة حتى بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفي سياق متصل، كشفت معلقة الشؤون السياسية في قناة التلفزة الإسرائيلية، دانا فايس، النقاب عن أن هناك توافقا في كل من واشنطن وتل أبيب على أنه لن يكون بالإمكان حاليا دفع خطة ترامب لتسوية الصراع في ظل قرار القيادة الفلسطينية مقاطعة واشنطن في أعقاب القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفي تقرير بثته القناة الليلة الماضية، نقلت فايس عن مسؤول أميركي قوله إنه "على الرغم من أن طاقم مستشاري ترامب، بقيادة مستشاره وصهره جاريد كوشنر، والمبعوث للمنطقة جيسون غرينبلات، يعكف على صياغة خطته لحل الصراع، إلا أنه في المقابل ليس واردا لدى واشنطن فرض تسوية بدون موافقة الفلسطينيين".
وأكدت فايس أن "المستفيد الأبرز من قرار ترامب وقف دفع جهوده للتسوية هو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو"، مشيرة إلى أن الأخير حقق إنجازين دون أن يقدم أي مقابل عنهما، "حيث إنه حصل على اعتراف أميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي الوقت ذاته لن يكون مطالبا بأن يوافق على المبادرة الأميركية لتسوية الصراع".
وأوضحت معلقة الشؤون السياسية في قناة التلفزة الإسرائيلية أن سحب الخطة الأميركية من التداول يخلص نتنياهو من التعرض لردود فعل غاضبة من قوى اليمين المشاركة في الائتلاف الحاكم الذي يقوده، وأشارت إلى أن "فرص تراجع السلطة الفلسطينية عن قرارها بشأن مقاطعة الإدارة الأميركية تبدو ضئيلة جدا"، مبرزة أن أبو مازن عبّر، في محادثات خاصة مع مقربين، عن "يأسه" من إمكانية تحقيق عوائد سياسية من خلال العلاقة مع ترامب.
وذكرت فايس أن أبو مازن لم يكتف بالإعلان عن أن السلطة لم تعد ترى في الإدارة الأميركية وسيطا نزيها، وتشديده على عدم لقاء نائب الرئيس الأميركي، مايك بينس، خلال زيارته القريبة للمنطقة، بل أصدر تعليمات لكل المستويات التنفيذية في السلطة الفلسطينية بالتوقف عن إجراء أية اتصالات، وعلى أي مستوى، مع واشنطن.
من ناحية ثانية، قالت القناة الثانية إن رئيس جهاز المخابرات الداخلية (الشاباك)، نداف أرغمان، أوضح في إفادته أمس أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أنه "يتوجب على إسرائيل عدم ممارسة الضغوط على أبو مازن، على اعتبار أن حركة حماس ستكون المستفيد الرئيس من ذلك".
وحسب القناة، فقد قال أرغمان: "أبو مازن ضعيف جدا، مما يحتم عدم الضغط عليه، لأن أي اهتزاز لمكانته يعني أن حركة حماس سوف تستلم الحكم بكل سهولة". وشدد على مواصلة التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية، محذرا من أن الاستقرار الأمني الظاهري في الضفة الغربية "مضلل جدا"، وأن "الأوضاع غير مستقرة".