صعّدت قوات النظام السوري بشكل ملحوظ، اليوم الأربعاء، من قصفها على ريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي وسط البلاد، في وقت تتعثر فيه المفاوضات مع ممثلي المنطقتين لإبرام اتفاق بشأن مصيرهما، حيث يضغط النظام عسكرياً وسياسياً وإعلامياً من أجل إجبار هاتين المنطقتين على تسليمهما لقوات النظام وخروج مقاتلي المعارضة منهما، على غرار المناطق الأخرى، مروجاً للتوصل إلى اتفاقات بهذا الشأن، وهو ما نفته المعارضة.
وشهدت مدن وقرى ريف حماة الشمالي تصعيداً غير مسبوق لقوّات النظام، وسط موجات نزوج من معظم قرى ومدن المنطقة، باتجاه ريف إدلب الجنوبي الذي لم يوفره القصف أيضاً.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن قوّات النظام الموجودة في مدينة حلفايا شمال حماة، استهدفت بعشرات الصواريخ والقذائف المدفعية مدينتي كفرزيتا واللطامنة وقرية الزكاة ومحيط الحماميات، ما أسفر عن مقتل مدني في اللطامنة. وفيما اشتعلت حرائق في المحاصيل الزراعية المحيطة بقرية الأربعين جراء القصف الذي ترافق مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع في سماء المنطقة، طاولت غارات جوية للنظام وروسيا قرى الزكاة والصخر والأربعين.
كما استهدفت مروحيات النظام بالبراميل المتفجرة محيط قرية الجبين شمال حماة، ووادي الجيسية جنوب المدينة، فيما قصفت مدفعية النظام المتمركزة في جبل البحوث العلمية قرى القنطرة والنزازة والقرباطية، التي شهدت نزوحاً في الآونة الأخيرة، فيما أدى القصف المدفعي على بلدة قلعة المضيق غرب حماة إلى مقتل شخص على الأقل.
وأعرب ناشطون عن اعتقادهم بأن النظام يصعّد في المنطقة لمحاولة فرض اتفاق على أهلها من جهة، ولخشيته من هجوم محتمل لفصائل المعارضة على حواجزه في المنطقة. وذكرت مصادر أن عدة فصائل في المنطقة منها "جيش البادية" و"جند الملاح" و"جيش الساحل" و"جماعة حراس الدين"، المنشقة عن "هيئة تحرير الشام"، و"جماعة أنصار التوحيد" وفصائل أخرى، استقدمت خلال الأيام الأربعة الماضية تعزيزات عسكرية، استعدادا لشن هجوم على قوات النظام في ريف حماة الشمالي الغربي.
من جهتها، قالت مصادر موالية للنظام إن قوات الأخير و"حلفاءه بدأوا بالتحضير والتجهيز لمعركة شمال حماة وإدلب المرتقبة والتي باتت تؤوي آلاف المسلحين من مختلف الفصائل والتنظيمات".
وفي محافظة إدلب، قتلت امرأة وجرح العشرات من المدنيين، إثر القصف على قرية البريصة جنوب شرقي مدينة معرة النعمان.
اقــرأ أيضاً
في السياق ذاته، شنت الطائرات الروسية غارات محملة بالصواريخ الفراغية على محيط قرية عابدين جنوب إدلب. كذلك أصيب 10 مدنيين بجروح ودمرت أربعة منازل نتيجة قصف طائرات النظام على مدينة كفرنبل، فيما ألقت المروحيات براميل متفجرة على بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي. كما تعرضت مدينة خان شيخون لقصف مدفعي من قبل قوات النظام، التي استهدفت أطراف بلدة بداما غرب إدلب بقذائف محملة بمادة الفوسفور من مقراتها في جبل الأكراد باللاذقية، بحسب الدفاع المدني.
وكان أربعة أشخاص قد قتلوا في وقت متأخر من مساء أمس، إثر قصف بالألغام البحرية على بلدة معرتحرمة جنوب إدلب.
وتشهد قرى ريف إدلب في الآونة الأخيرة تصعيداً عسكرياً من قبل طيران النظام والروسي، مما أسفر عن عدد من القتلى بين المدنيين.
وفي محافظة حمص وسط البلاد، شنت طائرات النظام الحربية اليوم غارات جديدة على مناطق شمال حمص، مستهدفةً لأول مرّة خلال الحملة الأخيرة أحياء مدينة الرستن السكنية بأربع غارات جوّية محمّلة بصواريخ فراغية، بالتزامن مع استهداف المدينة بقذائف المدفعية من قبل قوّات النظام المتمركزة في كلية المدرعات بحمص.
في السياق ذاته، تمكنت فصائل المعارضة السورية في ساعات متأخرة من الليلة الماضية، من صدّ هجوم لقوات النظام والميليشيات المساندة لها على جبهة المحطة بريف حمص الشمالي.
وقالت مصادر عسكرية من المعارضة إن قوات الأخيرة تصدّت الليلة الماضية، لمحاولة تسلّل لقوّات النظام وميليشياتها على جبهة المحطة وأجبرتها على الانسحاب بعد إيقاع قتلى وجرحى في صفوفها.
وتسيطر على شمال حمص المحاصر منذ سنوات فصائل من الجيش السوري الحر وكتائب إسلامية، أجروا في وقت سابق مفاوضات مع الروس للتهدئة.
في غضون ذلك، قال ما يسمى بوزير "المصالحة الوطنية" في حكومة النظام، علي حيدر، إن حكومته تخطط لاستعادة شمال حمص وسط البلاد قريبا. وأضاف حيدر في تصريحات صحافية، أنه عند الانتهاء من المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، ستركز قوات النظام على استعادة شمال حمص، معربا عن اعتقاده بأن "المسألة لن تتأخر كثيرا بعد إنجار القلمون بشكل نهائي".
وفي سياق متصل، تحدثت مواقع موالية للنظام عن اتفاق يتجهز بين "الدولة السورية وقادة الميليشيات المسلحة، بإشراف مركز المصالحة الروسي في حميميم حيث سيتم إجلاء المسلحين من الدار الكبيرة والرستن وتلبيسة والغنطو شمالي حمص إلى إدلب وتسوية وضع من يرغب في البقاء".
وتأتي هذه التسريبات من جانب النظام، مع تعثّر المفاوضات بين هيئة التفاوض الممثلة لريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، مع الجانب الروسي، الذي لم يتواصل معها لعقد اجتماع جديد بعد إلغاء الروس عقد الاجتماع الأحد الفائت، بسبب رفض الهيئة نقل الجلسة إلى مناطق سيطرة النظام ضمن عربة روسيّة.
من جهتها، نفت المعارضة الشائعات التي روجت لها قوات النظام وروسيا حول دخول ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي في مصالحة مع النظام. وقال رئيس غرفة عمليات ريف حمص الشمالي، المقدّم طلال منصور، في تصريح صحافي، إنّ "موفد حميميم الروسي يسعى إلى إجراء مصالحة لمصلحة الأسد، وتهجير المدنيين عن طريق الضغط بالغارات الجوّية ورمايات المدفعية عليهم، ولا جديد في ملف التفاوض إلى الآن".