تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية، اليوم الخميس، مشروع القرار الذي تقدمت به كل من تركيا واليمن، والذي يرفض قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وصوتت الجمعية العامة على مشروع القرار بتأييد 128 دولة، فيما اعترضت تسع دول، و35 دولة امتنعت عن التصويت.
وعلى الرغم من رمزية الخطوة، إلا أنها ذات أهمية كبيرة من أجل التأكيد على اتحاد المجتمع الدولي في موقف داعم للقضية الفلسطينية على الرغم من التهديدات الأميركية.
القرار الذي جرى اعتماده اليوم، وقدمه كل من اليمن عن المجموعة العربية، وتركيا عن المجموعة الإسلامية، وبطلب من الجانب الفلسطيني، يؤكد على اعتبار مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي، التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفقًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. كما يعرب عن الأسف البالغ إزاء القرارات الأخيرة المتعلقة بوضع المدينة، وأن أية قرارات أو إجراءات "يقصد بها تغيير طابعها أو وضعها أو تكوينها الديموغرافي ليس لها أثر قانوني، وتعد لاغية وباطلة، ويتعين إلغاؤها امتثالًا لقرارات مجلس الأمن".
كما يطالب جميع الدول بـ"أن تمتنع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس، عملًا بقرار مجلس الأمن رقم 478 الصادر عام 1980".
وقبل إجراء التصويت، أعرب مندوب اليمن، الذي ترأس المجموعة العربية، خالد اليماني، في كلمته، عن الأسف لـ"استخدام الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع القرار العربي حول القدس في مجلس الأمن"، داعياً كافة الدول إلى "رفض الاعتراف بأي تدابير تغير من الوضع القانوني للمدينة"، مشدداً على أن "القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين".وأدان اليماني "كل الممارسات الإسرائيلية لتغيير وضع القدس"، مشيراً إلى أن قرار الولايات المتحدة بشأنها "يهدد السلم والاستقرار في منطقتنا والعالم".
وانتقد وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، الذي ترأس بلاده القمة الإسلامية، التهديدات الأميركية للدول الأعضاء في الجمعية العمومية، مشدداً: "لن نقبل بالتنمر، ونحن لا نبيع أصواتنا ولن يتم ترهيبنا".
وقال جاووش أوغلو، إن تصويت الجمعية العمومية اليوم "مهم للإثبات أن القضية الفلسطينية ما زالت قضيتنا".
من جهته، قال وزير خارجية فلسطين، رياض المالكي، إن "القدس هي مفتاح السلم والحرب في منطقة الشرق الأوسط"، وإن "القرار الأميركي بشأن القدس يخدم الحكومة الإسرائيلية والتطرف والإرهاب في العالم".
وذكر أنه "لن يثنينا الفيتو، ولن ترهبنا أي وعود دينية بشأن القدس (..) نحن كنا وما زلنا طلاب حق وسلام رغم الاضطهاد والظلم، ومتمسكون بمساعي تحقيق هذا السلام"، مشدداً على أن مشروع القرار المعروض على الجمعية العامة حول القدس "لا يعني العداء للولايات المتحدة"، لكنه "يؤجج المشاعر الدينية ويخدم مصالح إسرائيل". وأبرز أن "الولايات المتحدة أضاعت اليوم فرصة العدول عن قرارها غير المشروع".
في المقابل، ادعت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أنه "لطالما كانت الأمم المتحدة جهة معادية لإسرائيل (..) وهذا قوّض من مسؤولية المؤسسة ويلحق الأذى بالعالم برمته".
وقالت هيلي، إن اجتماع الجمعية الأممية ضد قرار ترامب "يضرّ بمصداقية الأمم المتحدة"، وأن قرار بلادها بشأن القدس "لا يمس بجهود السلام (..) ولن ننسى هذا اليوم الذي تعرضنا فيه للهجوم"، قبل أن تعلن تشبث بلادها بالقرار، بالتشديد على أن "أميركا ستضع سفارتها في القدس".
وذكرت أن "الولايات المتحدة ستتذكر هذا اليوم عندما يطلب منا مجدداً تقديم المساعدات للأمم المتحدة. وهذا التصويت سيؤثر على نظرتنا للأمم المتحدة، ولن يؤثر على قرارنا".
اعتمدت الجمعية العامة قرارا حول #القدس بتأييد 128 دولة ومعارضة 9 وامتناع 35 عن التصويت https://t.co/1NNiaQcEOC pic.twitter.com/3RwWhzjaWZ — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) 21 décembre 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
">
|
وفي خطوة غير مسبوقة، لوحظ وجود جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي وصهره، إلى جانب هايلي.
وغادرت المندوبة الأميركية الجلسة مباشرة بعد انتهاء كلمة مندوب إسرائيل، داني دانون، الذي وصف اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ"المعيب"، قائلاً "القدس هي عاصمة دولة إسرائيل ونقطة على السطر".
ونعت دانون الأعضاء الذين سيصوتون تأييداً للقرار بـ"الدمى"، وأن "مصير القرار إن تمت الموافقة عليه هو مزبلة التاريخ".
يذكر أن اجتماع الجمعية العامة الطارئ اليوم يعتبر حدثاً نادراً، إذ عقدت الجمعية العامة 9 جلسات طارئة فقط منذ عام 1950، واليوم كانت الجلسة العاشرة.
وعشية اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، هدّد ترامب بقطع المساعدات الأميركية عن أي دولة تصوّت لصالح مشروع القرار في الجمعية العامة، بينما توعّدت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة، نيكي هيلي، بأنّها ستنقل إلى الرئيس الأميركي أسماء الدول التي ستصوّت لصالح القرار.
وقال الرئيس الأميركي، في تصريحات للصحافيين بالبيت الأبيض، الأربعاء، إنّ "جميع تلك الدول التي تأخذ أموالنا، ومن ثم تصوّت ضدنا في مجلس الأمن أو الجمعية العامة.. يأخذون منا ملايين ومليارات الدولارات، ويصوتون ضدّنا. حسناً نحن نراقب أصواتهم.. دعوهم يصوّتون ضدنا، هذا سيوفّر علينا كثيراً.. ولا يهمنا ذلك".
وفي سابقة، بعثت هيلي رسالة إلى مندوبي دول أعضاء بالأمم المتحدة، حذّرتهم فيها من مغبّة التصويت لصالح قرار بشأن القدس، وفق ما نشر موقع مجلة "فورين بوليسي"، أمس الأربعاء.
كما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأمم المتحدة، بأنّها "بيت أكاذيب".
يُشار إلى أنّ الولايات المتحدة استخدمت حق "الفيتو"، الإثنين الماضي، ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، تقدّمت به مصر، يشدّد على أنّ أي قرارات تخصّ وضع القدس، ليس لها أي أثر قانوني، ويجب سحبها، مع أنّه لم يذكر الولايات المتحدة أو ترامب بالتحديد.
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن ترامب اعتراف بلاده بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والاستعداد لنقل السفارة الأميركية إليها، وسط تنديد دولي واسع، ورفض فلسطيني وعربي.