ابتعاد الكاظمي عن الأضواء خلال توليه رئاسة جهاز الاستخبارات جعله شخصيةً غير استفزازية وغير مستهلكة بعد في السياسة العراقية، وهذا التوصيف هو سرّ قوته وضعفه في آن واحد. استرضاء الأطراف الخارجية يساعد على استقرار العراق، لكنه يعزز انتهاك سيادته عبر استمرار تعايش المصالح الأميركية - الإيرانية. الكاظمي لا هو قادر على حماية القوات الأميركية ولا على طردها، لا على احتضان فصائل "الحشد" الموالية لإيران، ولا على تقييدها. لكن مجرد وصوله إلى الحكم هو استعادة للتوازن الأميركي - الإيراني في العراق، في ظلّ انقسامات بين حلفاء طهران حول وجوب الضغط على القوات الأميركية في هذا البلد، ضمن الأجندة الإيرانية بعد مقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.
العراق المُنهك يواجه تحدي تقليص اعتماد إيراداته على عائدات النفط التي تتراجع أسعارها عالمياً، وضرورة إجراء إصلاحات جذرية. لكن مهمة الحكومة الجديدة يبدو أنها تقتصر على إدارة أفضل لأزمات بنيوية في النظام والأمن والاقتصاد، لأن بقاء الكاظمي في السلطة يبقى رهينة عدم استعداء واشنطن أو طهران. "حقيبة" مراسم انتقال السلطة، هي عدّة الشغل، لكن "المسؤولية" هي حماية مصالح العراقيين من فساد النظام السياسي وداعميه في الداخل والخارج.