وأكّدت الصحيفة أن بريطانيا "مسؤولة عن أسوأ كارثة إنسانية يعيشها العالم حالياً، من خلال تزويدها سلاح الجو السعودي بالطائرات المقاتلة والقنابل، وأيضاً من خلال تدريبها للطيارين السعوديين، ووجود آلاف من المتعاقدين البريطانيين الذين يدعمون هذه العمليات"، والتي تشمل "استهداف المدنيين .. بطريقة منظمة ومنهجية"، وفقاً للأمم المتحدة، و"استهدف المشافي والمدارس والأعراس، وحتى مخيمات النازحين".
وأشارت إلى أن السعودية تعاقدت مع بريطانيا والولايات المتحدة لتنفيذ عدد من المهام نيابة عنها خلال الحرب ضد الحوثيين، فـ"الدور البريطاني لا يقتصر على تزويد الأسلحة في هذه الحرب، بل يشمل أيضاً توفير الخبرات والطواقم اللازمة لاستمرار الحرب. فسلاح الجو البريطاني يزود نظيره السعودي بالمهندسين ويدرب الطيارين على استخدام الأسلحة التي تنتجها شركة "بي آي إي""، وهي أكبر مصنّع بريطاني للسلاح.
ونقلت الصحيفة عن أحد موظفي شركة السلاح البريطانية قوله: "لم يكونوا قادرين على الاستمرار من دوننا. إن لم نكن هناك، فلن تجد طائرة في السماء في غضون سبعة إلى أربعة عشر يوماً".
وعدا عن اعتماد السعودية على الأسلحة البريطانية، فإن الجيش السعودي يفتقر إلى الخبرات اللازمة لاستخدام هذه الأسلحة وخوض حرب جوية مستدامة، ولذلك فإن الشركة البريطانية تقوم بموجب عقد مع الحكومة البريطانية بتزويد هذه الخدمات داخل السعودية، ويعني ذلك عملياً وجود نحو 6300 متعاقد بريطاني في قواعد سعودية متقدمة يقومون فيها بتدريب الطيارين السعوديين، والقيام بأعمال الصيانة للطائرات التي تسافر آلاف الأميال عبر الصحراء السعودية لضرب أهدافها في اليمن.
وتحدثت الصحيفة عن وجود 80 من طواقم سلاح الجو البريطاني في السعودية، والذين يعملون أحياناً إلى جانب طواقم شركة "بي آي إي" في صيانة الطائرات الحربية وتجهيزها، وفي أحيان أخرى يعملون على ضمان إيفاء شركة السلاح البريطانية بتعهداتها في العقود الموقعة مع وزارة الدفاع البريطانية، كما يوجد عدد من ضباط الاتصال في مراكز القيادة التي يتم فيها تحديد الأهداف في اليمن.
وبما أن سلاح الجو لا يكفي للنصر في حرب العصابات، اضطرت السعودية لإرسال قواتها البرية عبر الحدود مع اليمن، وهنا أيضاً تنضم بريطانيا للعمليات السعودية، وفقاً لـ"ذا غارديان".
وقد أرسلت بريطانيا في مايو/ أيار 2018 عدداً مجهولاً من القوات البرية البريطانية إلى اليمن لدعم السعودية، ومنذ ذلك الحين أُبلغ عدد من الصحف البريطانية بوجود إصابات بين القوات البريطانية الخاصة أثناء قتالها للحوثيين.
وفي السياق ذاته، قال بوريس جونسون، في الشهر ذاته، وكان حينها وزيراً للخارجية، إن عدداً غير محدد من القوات البريطانية يزود "المعلومات والدعم والاستشارة" للتقليل من خطر الصواريخ الحوثية على السعودية.
ووفقاً للقانون البريطاني، من غير القانوني تصدير الأسلحة إلى أماكن تستخدم فيها عمداً أو بشكل غير مسؤول ضد المدنيين، في ما يعد خرقاً للقانون الدولي.
وعلى الرغم من توثيق هذه الخروقات، يجيب المسؤولون البريطانيون عادة بأحد ثلاثة أجوبة، أولها أن بريطانيا تطبق "أحد أشد أنظمة التدقيق في صادرات السلاح في العالم". وثانيها أن بريطانيا قد تزود السعودية بالسلاح، ولكنها لا تختار الأهداف في اليمن. وثالثها أن التحالف الذي تقوده السعودية يقوم بالتحقيق في خروقات القانون الإنساني الدولي المزعومة.
وتدحض الوقائع على الأرض في اليمن هذه الادعاءات، إذ مع استمرار الحرب ترتفع أعداد الضحايا من المدنيين.
ووفقاً للاري لويس، الذي عمل سابقاً في وزارة الخارجية الأميركية وكان مبعوثاً للسعودية عام 2015 لحثها على عدم استهداف المدنيين، فإن نسبة استهداف المدنيين في الضربات الجوية السعودية قد تضاعفت بين عامي 2017 و2018.
أما الحجة البريطانية بأنها لا تختار الأهداف السعودية في اليمن، فلم تمنع دولاً أخرى مثل النمسا وبلجيكا وألمانيا وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا من تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية، بينما لا تزال بريطانيا والولايات المتحدة العمود الفقري لسلاح الجو السعودي.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت قد قال، في مارس/ آذار الماضي، في الذكرى الرابعة لبدء الحرب في اليمن، إن مبيعات السلاح البريطانية للسعودية تدعم الدور البريطاني في عملية السلام اليمنية، حيث يمكن استخدامها كوسيلة للضغط على الحكومة السعودية، محذراً من خطر "التخلي عن النفوذ وتهميش دورنا في مسار الأحداث في اليمن".
ولكن أعداد الضحايا المدنيين تدحض حجة هنت، حيث إن تقريراً للاري لويس نشر في مايو/أيار الماضي لصالح مركز أبحاث تدعمه الحكومة الأميركية يشير إلى ارتفاع ملحوظ في أعداد الضحايا المدنيين.
ويمكن أن يوقف القضاء البريطاني التعاون بين السعودية وبريطانيا، حيث تدرس المحاكم البريطانية قضايا مرفوعة ضد رخص مبيعات الأسلحة للسعودية وتشكك في قانونيتها.
وينتظر من محكمة الاستئناف البريطانية أن تصدر حكماً، الخميس، قد يجبر الحكومة على وقف هذه المبيعات، وهو ما قد يوقف نصف آلة الحرب السعودية في غضون أسابيع.