أفرجت السلطات الجزائرية، اليوم الاثنين، عن الطالبة الناشطة في الحراك الشعبي ياسمين دحماني الهدى، بعد قضائها شهرين في السجن، وبعدما أدانتها، اليوم، محكمة بالسجن لمدة ستة أشهر؛ بينها أربعة أشهر غير نافذة.
وتجمع نشطاء قرب سجن الحراش في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، لاستقبال الطالبة لحظة خروجها من السجن، وهتفوا بشعار "جزائر حرة ديمقراطية". وبدت ياسمين بمعنويات مرتفعة، وأعلنت إصرارها على مواصلة النضال والتمسك بموقفها الداعم للحراك الشعبي.
ووجهت إلى ياسمين تهمة رفع لافتات ومنشورات وشعارات "من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية"، بينما أسقطت عنها تهمة "المساس بالوحدة الوطنية"، بسبب رفعها لشعارات مناوئة للسلطة والجيش خلال مظاهرات الطلابية.
وأدانت المحكمة أربعة من الناشطين الذين تم توقيفهم مع ياسمين، بستة أشهر حبس نافذة، ما يعني بقاءهم في السجن مع إمكانية الطعن في الحكم.
وفي السياق، أجلت محكمة وادي سوف محاكمة الصحافي عازل عازب الشيخ، والذي تلاحقه السلطات بتهمة نشر فيديوهات عقب تغطيته لتجمع احتجاجي، لكن هيئة الدفاع تعتبر أن هذه الملاحقة تتعلق بمواقفه المؤيدة للحراك الشعبي.
في الأثناء، دعا ناشطون وقياديون في فعاليات مدنية نشطة في الحراك الشعبي في الجزائر، مكونات الحراك إلى التزام السلمية وعدم الانجرار إلى العنف والوقوع في فخ الصدام، وطالبوا، في بيان، السلطات بإرجاء تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وحمّلوها مسؤولية الأزمة ورفض التوافقات المشتركة.
ودعا موقّعو البيان إلى "وجوب الاستمرار في النضال السلمي بعد هذا الموعد القسريّ، من أجل الضغط على السلطة السياسية بأساليب ديمقراطية كرّسها الدستور، إلى أن تستجيب لإرادة الشعب في إجراء حوار وطني حقيقي، ينجب عقدا سياسيا جديدا يؤسّس دولة مدنية ذات مؤسسات سياسية قوية تحكمها القواعد الديمقراطية المعروفة، لعل أهمها قاعدة فصل السلطات، وينسحب فيها الجيش من السياسة ليعود إلى مهامه الدستورية".
وضمت لائحة الموقعين الناشط السياسي البارز محمد أرزقي فرد، والباحث البارز في علم الاجتماع زبير عروس، وأول مراقب للإخوان في الجزائر سعيد مرسي، والأستاذة فريدة بلفراق، وناشطين سياسيين كعلي إبراهيمي وناصر مزار، والناشط المدني البارز في منطقة الجنوب محاد قاسمي، والنقابي نوار العربي، وعددا من الصحافيين والمثقفين والناشطين في تجمعات وفضاءات للحراك الشعبي.
وشدد بيان "نصرة الحراك الشعبي السلمي" على أنّ "التزام الحراك الشعبي بالسلوك السلمي، منذ ثورة 22 فبراير، هو قوته المركزية التي شلت قوة القمع لدى السلطة، وعليه فإن أية محاولة لإخراجه عن خطه السلمي، هو تصرف مخالف للمبادئ التي تأسست عليها هذه الحركة الوحدوية، وتقع المسؤولية التاريخية على مجموع الجزائريين المشاركين في فعاليات الحراك في الحفاظ على ضبط النفس والتزام النهج السلمي حتى تتم الاستجابة".
وطالب البيان الجزائريين ومكونات الحراك الشعبي باحترام الطابع السلميّ للحراك، "والتحلي باليقظة، وبعدم الانسياق وراء فخ الاستفزاز الهادف إلى دفع الأوضاع نحو أتون العنف، والحفاظ على وحدة صفّ الحراك الشعبي السلميّ، وتجاوز كلّ الخلافات الفرعية في خضم هذا المنعطف التاريخي".
وجاء البيان على خلفية المخاوف الأخيرة من انزلاق الأوضاع في الشارع إلى مصادمات، خاصة في ظل التوترات التي تشهدها الحملة الانتخابية، وحملة الاعتقالات التي طاولت عدداً كبيراً من الناشطين؛ بسبب اعتراضهم على التجمعات الانتخابية للمرشحين الخمسة للرئاسة.
وحمّل البيان السلطة مسؤولية الوضع الراهن بسبب التصلب في المواقف، واعتبر الموقعون أنه "كان من الممكن أن يحدث التحوّل السّلس نحو منظومة سياسية أفضل في مدة زمنية قصيرة، لو توفّرت إرادة سياسية لدى السلطة الفعلية المتمثلة في المؤسسة العسكرية، التي ما زالت - مع الأسف - مُصرّة على تجديد الواجهة السياسية المخادعة"، عبر ما وصفه البيان بـ"انتخابات صورية ميزتها مصادرة إرادة الشعب".
رغم ذلك، اعتبر البيان أنّ "العودة إلى نهج التوافق الوطني ما زالت ممكنة لإنقاذ الوطن في إطار التنازلات المتبادلة، وفي حالة إصرار السلطة على التعنت فإنها تتحمل وحدها مسؤولية إجهاض مسار التحول الديمقراطي".