هل يتخلى ماكرون عن رئيس وزرائه قريباً؟

18 مايو 2020
تصاعد شعبية فيليب لدى الفرنسيين (تشارلز بلاتيو/فرانس برس)
+ الخط -
بعد فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية عام 2017، لم يستغرق أكثر من يوم عقب استلام مهامه رسمياً لتسمية إدوارد فيليب رئيس وزراء لأول حكومة في عهده، رغم أن الأخير كان أحد أعمدة حملة منافسه فرانسوا فيون، قبل أن ينسحب منها على وقع الفضائح التي لاحقت المرشح الجمهوري.

وفي ذلك الوقت، طُرح أكثر من تفسير بشأن سبب اختيار ماكرون لفيليب. فبينما رآه البعض محاولة من القاطن الجديد في الإليزيه حينها لنفي الشائعات، التي قالت إنه سيكون امتداداً لسلفه الاشتراكي فرانسوا هولاند، خصوصاً أن الحزب الاشتراكي أعلن دعمه لماكرون في مواجهة مارين لوبان، اعتبر آخرون أنها خطوة ذكية لجذب القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري الذي ينحدر منه إدوارد فيليب.

اليوم، وبعد ثلاث سنوات على تعيين فيليب رئيساً للوزراء، لا يبدو أن التفسيرات أصابت، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن خلافات كثيرة بينهما، زادت جائحة كورونا من حدتها، وفتحت الحديث عن احتمال إقدام ماكرون على استبدال رجل كان بمثابة ظل الشجرة الذي يحتمي به عند كل أزمة.

الحديث عن خلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء لم يحظ بعد بتغطية إعلامية كافية تحوله إلى نقاش جدي في الأوساط السياسية الفرنسية، لكن ما نشرته صحيفة "لوبوان" قد يكون الشرارة التي تفتح هذا النقاش، مع نقلها قبل يومين، عن مقربين من ماكرون، أن الأخير أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي لأخذ رأيه بأسماء مطروحة لمنصب رئيس الوزراء.

ونقل مصدر للصحيفة أن ساركوزي، الذي يعرف فيليب جيداً، إذ كان رئيس الوزراء الحالي مستشاره خلال الانتخابات الأولية لليمين والوسط عام 2016، رد بالقول: "عندما تعين رئيس وزرائك سيكرهك بعد ستة أشهر. إذا طردته سيكرهك أكثر، لذا الشخص الجديد الذي ستختاره كن على علم أنه سيكرهك بعد 6 أشهر".

حتى الآن، لم تسرب الكثير من التفاصيل حول أسباب الخلاف، لكن يذهب البعض إلى ربط ما يجري بالشعبية التي حققها إدوارد فيليب بين الفرنسيين خلال الأزمات التي ضربت عهد ماكرون، خصوصاً قانون التقاعد، مروراً بالاحتجاجات العارمة للسترات الصفراء، وأخيراً الأزمة الحالية الناجمة عن جائحة كورونا، حيث احتل ماكرون موقعاً متأخراً مقارنة مع التقدير الذي يلقاه فيليب نتيجة عمله خلال الأزمات.

إدوارد فيليب، الذي أخذ على عاتقه مخاطبة الفرنسيين وإعطاءهم الإجابات عن تساؤلاتهم بشأن اليوم التالي لرفع الحجر الصحي، الذي عاشته فرنسا لمدة شهرين، نفى، في آخر كلمة له نهاية الأسبوع الماضي، وجود خلافات بينه وبين ماكرون، لكن يبدو أن الرئيس قد حدد فعلاً تاريخ مغادرة فيليب، فوفقاً لـ"لوبوان": "الرئيس مصمم على الانفصال عن إدوارد فيليب في أول أسبوعين من شهر يوليو/ تموز، حتى يكون إلى جانب رئيس وزرائه الجديد في موكب 14 يوليو (العيد الوطني الفرنسي)".

 

بوادر تخلي ماكرون عن رئيس وزرائه يمكن سماع صداها في أروقة قصر ماتينيون، مقر الحكومة، حيث لا يجد بعض الوزراء من حكومة فيليب حرجاً في التعبير عن استعدادهم أخذ أكثر المناصب حسداً في فرنسا، ولعل الاسم الأبرز حتى الآن هو وزير الاقتصاد برونو لومير. 

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "لوموند" عن مصدر متابع في ماتينيون قوله، إن "إدوارد فيليب قد أصبح ضحية تقريباً (..)، بعض الوزراء يقومون بالفعل بوضع أنفسهم على الطريق إلى الإليزيه لخلافته".

يشار إلى أن آخر تعديل وزاري أجراه ماكرون كان في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، شمل بشكل أساسي حقائب الداخلية والثقافة والزراعة، بعد استقالات تعرضت لها حكومة الرئيس الجديد. 

وللمفارقة، كان على إدوارد فيليب يومها أن يتولى، إلى جانب منصبه كرئيس للوزراء، منصب وزير الداخلية بالنيابة بعد استقالة السياسي المخضرم جيرار كولومب، قبل أن يتم تعيين زعيم الحزب الحاكم "الجمهورية إلى الأمام" كريستوف كاستنير وزيرا جديدا للداخلية، فيما عين النائب اليميني فرانك رييستير وزيرا للثقافة خلفا لفرانسواز نيسان. 

وضم التعديل أيضا وزارة الزراعة بتعيين السيناتور الاشتراكي السابق ديدييه غيون في مكان ستيفان ترافير.

دلالات