في الوقت الذي رجحت فيه وزارة الدفاع الروسية أن يكون تحطم طائرة النقل العسكري من طراز "أن-26"، أمس الثلاثاء، أثناء الهبوط بقاعدة حميميم في سورية، ناتجاً عن عطل فني، أشارت صحيفة "كوميرسانت" إلى رواية أخرى ترجع السبب إلى خطأ الطيار.
ونقلت الصحيفة، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، عن مصدر عسكري، أنه يتعذر الجزم بأي رواية قبل فك شيفرة الصندوق الأسود، الذي عُثر عليه ولم يتضرر كثيراً نظرا لتحطم الطائرة من ارتفاع منخفض، وأنه "تقرر نقل الصندوق الأسود إلى موسكو لفك شيفرته"، حسب قوله.
وأوضح المصدر أن الطائرة كانت تهبط في ظروف جوية صعبة وعاصفة جانبية قوية، ما قد يكون ساهم في ارتكاب الطاقم خطأ أثناء الهبوط.
كذلك، أكد مصدر مطلع على التحقيق، أنه يمكن الجزم بأن الطائرة لم تتعرض لإطلاق النار من الأرض، مشيراً إلى أن العسكريين الروس لم يرصدوا أي قصف أو إطلاق نار من الأرض باتجاه الطائرة.
في المقابل، كشف أحد الخبراء في صناعة الطائرات للصحيفة أن الطائرة المنكوبة خضعت لصيانة شاملة في عام 2011، ولم يَشْكُ من أدائها أحد.
وتستخدم روسيا طائرات "أن-26" منذ بدء تدخلها العسكري المباشر في سورية في عام 2015، بما في ذلك لتلبية احتياجات "المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع في سورية" في ما يتعلق بنقل الأفراد والغذاء والمعدات وغيرها.
ورفعت لجنة التحقيق الروسية قضية جنائية بموجب المادة 351 من القانون الجنائي الروسي مخالفة قواعد التحليقات أو الاستعداد لها، أو قواعد أخرى لتشغيل طائرات عسكرية أدت إلى مقتل شخصين فأكثر، أو تداعيات خطيرة أخرى. وباشرت النيابة العسكرية الروسية هي الأخرى في مراجعتها لملابسات الحادثة.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، أمس، عن مقتل 39 فرداً جراء تحطم طائرة "أن-26" أثناء محاولة الهبوط على بعد 500 متر من مدرج قاعدة حميميم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن خبرة قائد الطائرة تزيد عن 3 آلاف ساعة طيران، كما سبق له الهبوط بحميميم، مشيرةً إلى أن الطائرة كانت قادمة من قاعدة جوية في حلب، وأن الظروف الجوية كانت سهلة.
وبحسب صحيفة "إر بي كا"، فإن الطائرة كانت تقل ضباطاً، أحدهم برتبة لواء ويدعى فلاديمير يريمييف، وحصل على رتبة لواء بموجب مرسوم رئاسي في نهاية عام 2016.
وكان القائد العام لحركة "تحرير الوطن"، العقيد الركن فاتح حسون، قد أوضح لـ"العربي الجديد"، أن الطائرة التي تحطمت هي نموذج مطور من أنطونوف 24 وهي أوكرانية الصنع، وتستخدم في النقل العسكري للعتاد الخفيف وللأفراد. وبسبب قدمها لم يعد لها استخدام في معظم الدول التي امتلكتها، وبات استخدامها يقتصر على عدد قليل من الدول ومنها روسيا.
كما أشار إلى أن بعض الدول وضعتها في المتاحف، وهي تشتهر بكثرة حوادثها، وقد سقط العديد منها في السودان واليمن وليبيا بسبب أعطال طارئة.
وتعتبر هذه أسوأ حادثة للطيران العسكري الروسي منذ تحطم طائرة "تو-154" التابعة لوزارة الدفاع الروسية في نهاية عام 2016، وذلك بعد دقيقتين على إقلاعها من مطار سوتشي جنوب روسيا، وعلى متنها 92 شخصا، كان أغلبهم من فناني فرقة "ألكسندروف" متوجهين إلى حميميم لإحياء حفل رأس السنة للعسكريين الروس.
ومع تحطم الطائرة أمس، يرتفع بذلك العدد المعلن للضحايا في صفوف الجيش الروسي في سورية إلى 83 قتيلا، في حين تشير تقارير إعلامية إلى مقتل المئات من مرتزقة شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، الذين لا يتبعون لوزارة الدفاع.