آلاف المستوطنين يقتحمون بلدة القدس القديمة

02 يونيو 2019
شرطة الاحتلال تحمي المستوطنين (مركز إعلام القدس)
+ الخط -
انطلقت بعد عصر اليوم الأحد، مسيرة الأعلام الضخمة التي يشارك فيها آلاف المستوطنين المتطرفين من مركز القدس الغربية باتجاه البلدة القديمة من القدس التي أغلقت قوات الاحتلال مداخلها خاصة باب العامود وسمحت للمستوطنين بالدخول إلى هناك.

ومنعت قوات الاحتلال المقدسيين من الدخول إلى البلدة القديمة من القدس وسط حالة من الغضب والتوتر الشديد تسود المدينة المقدسة، التي حولتها قوات الاحتلال اليوم إلى ثكنة عسكرية منذ ساعات الصباح الأولى.

وشهد صباح اليوم مواجهات وصدامات مع قوات الاحتلال بعد اقتحامها المسجد الأقصى، ووقوع اشتباكات هناك مع مئات الفلسطينيين المعتكفين داخل مصلياته، خاصة القبلي والمرواني، ما أوقع عشرات الإصابات قدّر عددها مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، بأكثر من خمسين إصابة، بينها إصابات في الرأس بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز.

ومع وصول طلائع المسيرة إلى منطقة باب العامود، قابلها المواطنون الفلسطينيون بالهتافات التي تنادي بافتداء فلسطين والأقصى، لتطاردهم قوات الاحتلال في الشوارع المحيطة، خاصة في شارعي نابلس والسلطان سليمان وسوق المصرارة، واعتقلت إحدى الفتيات في شارع نابلس، وهي أسيرة محررة من بلدة العيسوية وسط القدس المحتلة، واعتدى الجنود عليها بالضرب.

من جانبه، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن "طواقمنا تعاملت مع إصابة فتاة 28 عاماً بعد الاعتداء عليها بالضرب المبرح وإصابتها بالرأس من قبل قوات الاحتلال في منطقة باب الزاهرة في القدس، وجرى نقلها لمستشفى المقاصد".

ولفت الهلال إلى أن طواقمه واجهت صعوبة كبيرة بالوصول إلى الفتاة المصابة بعد منع سيارات الإسعاف من الدخول لمحيط البلدة القديمة من القدس.

ومع تحويل كامل المنطقة إلى ثكنة عسكرية مكتظة بالجنود وشرطة الخيالة أقام المستوطنون حلقات رقص وغناء هستيرية، رافعين أعلام دولة الاحتلال، قبل أن يتوغلوا بحراسة جنود الاحتلال إلى داخل أسوار المدينة المقدسة، خاصة في شارع الواد شريان الحركة الرئيس للبلدة القديمة من القدس والمسار الرئيس لآلاف الفلسطينيين المتوجهين إلى المسجد الأقصى، والذي وقع بالقرب منه عند مدخل سوق خان الزيت قبل يومين هجوم فدائي بسكين تمكن خلاله أحد الشبان من قرية عبوين بمحافظة رام الله من طعن مستوطنين هناك، واستشهد متأثراً بإصابته بعد ذلك.

وبالقرب من مبنى "الهوسبيس"، والذي كان سابقاً مشفى فلسطينياً، تجمعت أعداد كبيرة من المستوطنين حيث العديد من البؤر الاستيطانية، بينها عقار كان قد استولى عليه وزير جيش الاحتلال السابق أرئيل شارون، وأقاموا مزيداً من حلقات الرقص والصراخ الهستيري، هاتفين بشعارات الموت للعرب.

ولم يمتثل سوى عدد قليل من تجار البلدة القديمة في شارع الواد ببلدة القدس القديمة لتعليمات شرطة الاحتلال، بالرغم من تعرض عدد من المحال لاعتداءات المستوطنين الذين يواصلون عربداتهم على أبواب الأقصى قرب حي باب المجلس، والقطانين والغوانمة، وباب الحديد.

وأفاد المواطن أحمد العجلوني، من سكان شارع الواد، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن عدداً من المستوطنين هاجموا متجراً لجاره واعتدوا عليه بالرغم من وجود قوات الاحتلال التي لم تمنع الاعتداء ولم تعتقل المعتدين.

وفيما يتواصل تقاطر المستوطنين بأعداد كبيرة إلى البلدة القديمة، تحتجز قوات الاحتلال أعداداً كبيرة من المقدسيين عند حواجزها العسكرية قرب باب العامود وسوق المصرارة، بمن في ذلك القاطنون هناك.

ويقول المواطن مهدي الشاويش من سكان خان الزيت بالبلدة القديمة لـ"العربي الجديد": "إن مسيرة هؤلاء الأوغاد تسببت العام الماضي بإصابته بكسور بعد تعرضه للاعتداء من قبل عشرات المستوطنين بينما كان يقف بالقرب من منزله".

وأشار الشاويش إلى أن شرطة الاحتلال منعته من الوصول إلى منزله إلى أن تنتهي مسيرة المستوطنين، وأن عدداً آخر من سكان البلدة القديمة بينهم نساء سيمضون هذا المساء خلف الحواجز، أو يسلكون طرقاً أخرى بعيدة لتوصلهم إلى منازلهم التي تجتاح مناطق سكانها مسيرات المستوطنين.

ويتهم الفلسطينيون شرطة الاحتلال بتوفير الغطاء والحماية للمستوطنين ولاعتداءاتهم، وهو ما كانت حذرت منه جمعيات ومنظمات حقوقية إسرائيلية منها "عير عميم" التي قدمت التماساً إلى المحكمة العليا ضد مسيرة الأعلام كونها تتزامن هذا العام مع ذروة صيام شهر رمضان، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من توتر ووقوع اعتداءات من قبل المستوطنين على الفلسطينيين، بيد أن المحكمة المذكورة ردت الالتماس.


من جانبه، أكد سليمان قوس الباحث في مجال حقوق الإنسان أن سماح شرطة الاحتلال بتنظيم هذه المسيرة الاستفزازية يحمل في طياتها مخاطر كثيرة على حياة المقدسيين بالنظر إلى تجارب الأعوام الماضية التي سجلت اعتداءات واسعة من قبل المشاركين في هذه المسيرة وجلهم من غلاة المتطرفين القادمين من مستوطنات القدس والضفة الغربية.

وتعتبر مسيرة الأعلام هذه تقليداً سنوياً ينظم في ذكرى ما يسمى "يوم القدس"، تقوم على تنظيمها جمعيات الاستيطان والأحزاب اليمنية المتطرفة بدعم من حكومة الاحتلال وأجهزتها التنفيذية. وغالباً ما تنتهي هذه المسيرة ليلاً في ساحة البراق وتقدر الأعداد السنوية فيها بما يتراوح بين 60-90 ألفاً يمضون ليلتهم في إقامة طقوس وصلوات تلمودية وحلقات رقص هستيري، وتتوج عادة بإعلان الاستيلاء على مزيد من عقارات المقدسيين تحت غطاء "تحرير القدس من الغرباء".