هنيبعل القذافي يتحول إلى أزمة لبنانية وعربية

11 يناير 2019
جريصاتي طلب دراسة جدوى إبقاء هنيبعل معتقلاً(مورتين جول/فرانس برس)
+ الخط -
أرخت قضية توقيف هنيبعل القذافي، نجل العقيد الليبي معمر القذافي، في لبنان، بظلالها على الخلافات اللبنانية اللبنانية، وأيضاً على القمة الاقتصادية المرتقبة في بيروت (19 و20 يناير/ كانون الثاني الحالي)، وعلى العلاقات اللبنانية الليبية، وأيضاً على العلاقات بين بعض القوى اللبنانية والنظام السوري، على خلفية ملف اختفاء الإمام موسى الصدر. 

وكان القذافي قد أوقف في العام 2015 بعد استدراجه من سورية، حيث كان مقيما منذ إطاحة والده، واتهم نائب سابق (اسمه حسن يعقوب) بخطفه في منطقة بشرقي لبنان، قبل أن تلقي قوى الأمن القبض عليه للتحقيق معه في شأن قضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، بما أن القضية محالة على المجلس العدلي، على الرغم من أنه أكد في إفاداته أنه لا يعرف أي تفاصيل عن القضية، بما أنه كان بالكاد مولوداً عند وقوعها في العام 1978.

وقبل يومين، طلب وزير العدل اللبناني سليم جريصاتي من القضاء دراسة جدوى إبقاء القذافي الابن معتقلاً، وناشد التفتيش القضائي "الاطلاع على مسار هذا الملف بتفاصيله كافة، والتأكد من خلوه من أي مخالفات أو تجاوزات للنصوص المرعية، وتبيان الفوائد التي يجنيها لبنان من الإبقاء على هنيبعل القذافي موقوفا في سجونه لمعرفة حقيقة تغييب إمام السلام والاعتدال ورفيقيه والإفادة". 

طلبٌ صدر بناءً لطلب سوري باسترداد القذافي الابن لكونه كان مقيماً في سورية، ولمراجعات دولية عدة، منها عربية للإفراج عنه، وكذلك روسية، إضافة إلى مراسلات من اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، إلا أنه لا يزال مسجوناً لتعرضه للقضاء اللبناني في إحدى جلسات الاستجواب.

ومن المتوقع أن يؤثر ما قيل إنه طلب سوري لإطلاق سراح المعقتل الليبي سلباً على العلاقة بين حركة "أمل" والنظام السوري، لذلك يتواصل حالياً أكثر من مسؤول لبناني، أمني وسياسي، مع الطرفين، وسط معلومات تشير إلى دور وساطة يؤديه مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم. 

وكان النائب السابق حسن يعقوب، ابن الشيخ محمد يعقوب، الذي اختفى مع الصدر والصحافي عباس بدر الدين، وراء استدراج القذافي إلى لبنان من سورية وخطفه عام 2015، بعدما انتقل إليها من الجزائر طالباً اللجوء السياسي.

وعلم أيضاً أن روسيا تواصلت مع السلطات اللبنانية من أجل إخلاء سبيله، خصوصاً أن موسكو مقربة من عائلة القذافي ومن سيف الإسلام، شقيق هنيبعل، الذي لا يزال يقيم في ليبيا. 

وأثار تحرك جريصاتي استياءً لدى حركة "أمل"، على الرغم من التزام "حزب الله" الصمت. 

وفي أعنف رد على جريصاتي، المنتمي إلى تيار رئيس الجمهورية (الوطني الحر)، الذي لا تجمعه علاقة طيبة أصلاً مع حركة أمل، وصف عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب علي بزي طلب جريصاتي بأنه "فرمان"، مشيراً إلى أنه "تجرأ على المسّ بالحق والحقيقة وقدسية إمام الوطن بخرق القانون والأصول". 

ولاحقاً، أصدرت عائلة الصدر بيانا شرحت فيه بالتفصيل القضية، مشيرة إلى أنها قدمت "عندما تبين لها أن هنيبعل كان مسؤولا عن السجن السياسي في ليبيا في فترة حكم والده، شكوى ضده بجرم التدخل اللاحق في الخطف، فاستجوبه المحقق العدلي عن هذا الإسناد الجديد. وهذه جنايات تفوق عقوبتها الثلاث سنوات، علما أن هنيبعل أدلى بمعلومات جديدة ومهمة لم تكن متوافرة في الملف، تتعلق بمكان احتجاز الإمام والأشخاص الأمنيين الليبيين الذين انتحلوا شخصية وهوية الإمام ورفيقيه عند عملية تزوير سفرهم المزعوم إلى روما"، معتبرة أن "مقولة أن هنيبعل كان طفلا عام 1978 مجرد ذر للرماد في العيون، إذ إن أحدا لم ينسب إليه دورا في الخطف، لكنه جرم متماد في الزمن، وهنيبعل شب وأصبح مسؤولا أمنيا في نظام والده الحديدي الذي استمر 42 سنة حتى سقوطه عام 2011".

وسرعان ما انتقلت تداعيات الملف إلى القمة الاقتصادية العربية في بيروت، إذ أصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، دعوة إلى اجتماع طارئ لهيئتيه الشرعية والتنفيذية، للبحث في تداعيات دعوة ليبيا إلى المشاركة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المنوي عقدها في بيروت، وتأكيد الثوابت الوطنية في متابعة قضية اختطاف الإمام الصدر ورفيقيه. 

وعلم "العربي الجديد" أن دعوة قبلان جاءت إثر تواصل مع حركة "أمل" التي تعتبر أن السلطات الليبية الجديدة لم تتعاون في الكشف عن مصير الصدر ورفيقيه، وبالتالي تعارض دعوة ليبيا إلى القمة في حال عقدت.