تونس: جبهات سياسية لخوض الانتخابات البلدية

17 فبراير 2015
الصيد أعلن أن الانتخابات نهاية 2015 أو بـ2016 (الأناضول)
+ الخط -

منذ أن أعلن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد في خطاب التكليف أن الانتخابات البلدية ستُجرى في نهاية عام 2015 أو بداية 2016 على أقصى تقدير، بدأت الأحزاب السياسية تستعد لهذا الموعد السياسي الهام. موعد يعتبره الكثير من المحللين حدثاً مفصلياً في تاريخ تونس، باعتبار الانتخابات البلدية الممر الأساسي لتبيان شعبية هذا الحزب أو ذاك، ومدى حضوره الفعلي في المحافظات والمناطق المحلية، علماً أنه توجد في تونس 264 بلدية قابلة إلى الزيادة إذا ما قررت الحكومة ومجلس النواب ذلك.

بدأ التفكير في الاستعدادات الحزبية لخوض الانتخابات البلدية منذ الآن، إذ يعمل كثير من الأحزاب على تشكيل جبهات سياسية قادرة على خلق التوازن في المشهد السياسي التونسي الذي يسيطر عليه حالياً حزب "نداء تونس" وحركة "النهضة"، اللذان تمكّنا من الفوز بأغلب مقاعد البرلمان.

وفي هذا السياق، شرعت الأحزاب المنتمية إلى "العائلة الديمقراطية الاجتماعية"، وهي حركة "الشعب" و"التيّار الديمقراطي" والحزب "الجمهوري" و"التحالف الديمقراطي" وحزب "العمل" التونسي و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، في البحث عن أرضية تلاقٍ مشتركة تُمكّنها من خوض الانتخابات البلدية بقائمات موحّدة.

وأوضح الأمين العام لـ "التيار الديمقراطي" محمد عبّو، في حديث إلى"العربي الجديد"، أن "هناك توجّهاً لخوض الانتخابات البلدية في إطار جبهة موحّدة، تجمع العائلة الديمقراطية الاجتماعية، ونحن ساعون إلى خلق جسور ثقة بين الأطراف المكوّنة لهذه الجبهة حتى نتمكن من تحقيق التوازن داخل المشهد السياسي التونسي".

وأضاف أن "الخطوة الأولى لنجاح هذا المسعى هي تشكيل كتلة برلمانية تجمع هذه الأطراف، وتُمكّنها من حضور فاعل داخل مجلس النواب".

ورداً على سؤال حول حضور "حراك شعب المواطنين" الذي أعلن عن تأسيسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي داخل هذه الجبهة، قال عبّو "يبدو أن حراك شعب المواطنين لن يكون معنياً بالانتخابات البلدية".

أما "الجبهة الشعبية"، وعلى الرغم مما تعيشه من حالة صراع داخلي بين جناح أرملة الراحل شكري بلعيد، بسمة الخلفاوي، وبين بقية أعضاء الجبهة، "فإنها بدأت تستعد لهذا الموعد السياسي الهام، على الرغم من تعرضها لحملات إعلامية ممنهجة"، كما قال القيادي فيها عادل الزريبي لـ "العربي الجديد".

وأعلن الزريبي أن الجبهة ستعقد في أواخر شهر مايو/أيار 2015 ندوتها الثالثة التي ستُخصص لإعادة هيكلة الجبهة، من خلال تقييم عمل التنسيقيات المحلية والمناطقية التي سيكون لها الدور الأبرز في خوض الانتخابات البلدية.

ولفت إلى "أننا على يقين أن الانتخابات البلدية لن تتم في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015 مثلما يزعم بعضهم، وذلك لاستحالة إجرائها في هذا الموعد، ومن المرجح أن تجري الانتخابات البلدية خلال عام 2016"، مؤكداً أن "الجبهة ستشارك فيها بقائماتها الموحّدة مثلما حصل في الانتخابات التشريعية".

وقد تواجه "الجبهة الشعبية" منافسة من "الجبهة التقدّمية" التي أُعلن عن تأسيسها نهاية الأسبوع الماضي، من خلال الإعلان عن حزب "الطريق"، وهو حزب كما قال رئيسه عبد القادر الحمدوني، جاء "تتويجاً لمرحلة كاملة أسّسنا خلالها حركة التقدميّين المستقلّين، ودعونا إلى ضرورة توحيد الحركة التقدّمية، خصوصاً في الاستحقاقات الانتخابيّة، فكان أن دعمنا القائمات التقدّمية في الانتخابات التشريعيّة، مواصلين النهج التوحيدي لتلك القوى، على الرغم من الرفض والإقصاء المتكرر الذي تعرّضنا له من قبل بعض الأحزاب السياسية العازفة عن العمل المشترك والموحّد".

أما حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، فأوضح القيادي فيه منذر بوهدي في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن طريقة المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة لم تُطرح بعد، لكن قد يُعرض الموضوع في المجلس الوطني للحزب الذي سيُعقد في نهاية هذا الشهر، والذي سيتمحور جدول أعماله حول ثلاث نقاط رئيسية، أولها الإعداد للمؤتمر المقبل للحزب، وثانيها تحديد الجبهات أو التجمعات الحزبية التي من الممكن للحزب المشاركة فيها، وثالثها عرض ورقة تقييمية لأسباب فشل الحزب في الانتخابات التشريعية والرئاسية.

ورجّح بوهدي "أن نشارك في الانتخابات البلدية في إطار جبهة سياسية نتقاسم وإياها نفس الرؤى لتونس المستقبل، وستكون قريبة لمبادئ الحزب ولقراءته للواقع السياسي المحلي والإقليمي والدولي".

ولم يغفل الحزبان المسيطران على المشهد السياسي في تونس، وهما حركة "نداء تونس" وحركة "النهضة"، هذا الموعد السياسي الهام، فوفقاً لمصادر من داخل "النهضة" فإنها "ستشارك في الانتخابات البلدية بقائمات خاصة بها تضم عدداً من مناضليها، وقد يتم تطعيم هذه القائمات بأسماء مستقلة أو من المجتمع المدني ذات الإشعاع في مناطقها، والتي تُشارك الحزب نظرته إلى مستقبل تونس وعمل الحركة على أن تغلب المصلحة العامة على المصالح الحزبية الضيقة".

أما حزب "نداء تونس"، ووفقاً لمصادر "العربي الجديد"، فالمطروح الآن وبإلحاح عقد مؤتمر الحزب في شهر يونيو/حزيران أو يوليو/تموز المقبل، والقيادة التي سيفرزها المؤتمر هي التي ستُحدد شكل مشاركته في الانتخابات البلدية، خصوصاً أن الحزب يعيش صراعاً سياسياً بين مختلف الأجنحة المكوّنة له (يساريون، نقابيون، دستوريون، تجمعيون، مستقلون).

ويبدو أن الانتخابات البلدية ستكون معركة حامية الوطيس للأحزاب السياسية؛ لأنها وفقاً لبعض المحللين ستُشكّل الفرصة الأخيرة لبعض الأحزاب السياسية لإثبات أحقيتها في الوجود السياسي، وإلا فمصيرها التفكّك والاندثار.

المساهمون