سؤال المدنيين في الفلوجة والرقة

24 مايو 2016
خوف من استهداف عشوائي لسكان الفلوجة والرقة(معاذ الدليمي/فرانس برس)
+ الخط -
مع بدء عمليات إخراج تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الفلوجة، وإلقاء قوات التحالف الدولية، مناشير، على الرقة تدعو السكان لمغادرة المدينة، تمهيداً لـ"تحريرها"، يعود سؤال "المدنيين" إلى الواجهة من جديد، ولا سيما مع مخاوف من عمليات انتقامية، فضلاً عن استهداف عشوائي لسكان المدينتين، أثناء العمليات العسكرية ضد التنظيم.
لا يمكن اعتبار "إلقاء المناشير" من قوات التحالف الدولي، ودعوات الحكومة العراقية سكان الفلوجة لمغادرتها، إلا من قبيل "ذر الرماد في العيون" أو محاولة التنصل من مسؤوليات حماية المدنيين، من خلال إلقاء حِمل تأمين سلامتهم، عليهم. يمكن صياغة موقف التحالف الدولي، والحكومة العراقية، بكلمات أخرى: نحن سنقاتل تنظيم "داعش" بأي حال، ونقول لكم ابتعدوا عن طريقنا فوراً. كيف يمكن لهؤلاء المدنيين الهروب؟ أين يذهبون؟ كيف يخرجون؟ وما هو مصيرهم أثناء القصف العشوائي على المدينة، وبعد انتهاء القتال؟ ولا سيما مع مؤشرات مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في العراق، وقوات كردية في سورية، وهي المتهمة بارتكاب جرائم حرب في حق المدنيين في أوقات سابقة.
لا أحد يطرح هذه الأسئلة، فضلاً عن عدم وجود إجابات لها. جزء من الحرج، الخشية من الاتهام بالتعاطف مع تنظيم "داعش"، الشماعة التي باتت تبرر أي شيء. يبقى أن كل الأطراف المتقاتلة لا تعبأ بالمدنيين، ولا تفكر بهم. تنظيم "داعش" من ناحيته، وعلى لسان المتحدث باسمه، أبو محمد العدناني، يتجاهل وجود المدنيين في العراق وسورية بشكل كامل، لا يتحدث إلا عن التنظيم ومقاتليه و"حتمية الانتصار" و"أهمية الإرادة".
لا يُقرأ في تسجيله الصوتي الأخير، أي إشارة لوجود بشر غير مقاتلين، على الأراضي التي يسيطر عليها. علاوة على هذا، يدعو العدناني لقتل المدنيين في أوروبا، فهو يعرف المصطلح، لكنه كما يتجاهل الفرق بين المدنيين والمقاتلين في أوروبا، فيرى أن قتلهم "أنجع وأنكى"، ويتعامل معهم كأدوات حرب، يرى المدنيين في الفلوجة والرقة أدوات حرب أيضاً ودروعاً بشرية. لا صوت يعلو فوق صوت "المعارك"، والتي لم تعد ترفع شعار "الناس"، ولو على سبيل اللغو.
المساهمون