لا تتوقف الأسئلة عن التبادر إلى ذهن المتابع لمستجدات الميدان في محيط طرابلس، ولا سيما حول أسباب الغياب الكامل للواء المتقاعد خليفة حفتر عن المشهد، وغياب داعميه الإقليميين والدوليين عن خسائر حرب أنفقوا فيها، خلال عام كامل، الكثير من الأموال والعتاد، فضلاً عن المواقف السياسية المعلنة لدعمه.
وكشفت أوساط ليبية مقربة من دائرة حفتر الأولى عن أن الأخير يجري اتصالات مكثفة في كل اتجاه، في الوقت الذي زار فيه إحدى عواصم الدول الداعمة له سراً، للبحث عن دعم أوسع لتلافي استمرار انهياراته. وتقول تلك المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إنه لم يُستقبل بحفاوة واهتمام كالماضي، كما لم تحظَ خسائره الأخيرة بنقاش وافر معه، إلا من خلال اتصالات طفيفة من قادة أبوظبي، مؤكدة أنه بات يشعر بـ"عزلة كبيرة".
وفي حين برّرت تلك الأوساط ذلك التجاهل بانشغال الإمارات وشقيقاتها من الدول الداعمة لحفتر بمكافحة وباء كورونا وتكاليفه التي تستنزف احتياطاتها، خصوصاً مع انهيار أسعار النفط، ما جعل حفتر وخسائره في آخر قائمة أولوياتها، إلا أن ذلك الانشغال لا يمنع قادة وساسة تلك الدول من إطلاق مواقف سياسية، أو على الأقل الاستمرار في استنكار الموقف والدعم التركي لحكومة الوفاق وقواتها، وفق الباحث في العلاقات الدولية مصطفى البرق.
ومنذ سقوط ثماني مدن في غرب طرابلس، الأسبوع الماضي، وتراجع طموح حفتر في السيطرة على العاصمة إلى حدّ الانشغال بالدفاع عن ترهونة، آخر معاقله في الغرب الليبي، لم يتحدث مسؤولو أي من تلك الدول، والتي كانت إلى وقت قريب تواكب بقوة الأحداث السياسية والعسكرية في ليبيا، وهو ما يصفه البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، بـ"الأمر المريب"، مرجحاً أن يكون فشل حفتر عسكرياً لمدة عام كامل سبباً في تراخيها عن دعمه، ولو سياسياً، أثناء تتابع سقوط مواقعه في غرب البلاد.
ويلفت البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن حائجة كورونا التي قد تكون مبرراً لغياب تلك الدول عن حليفها الخاسر، لم تمنع تركيا، التي تعاني من تفشي الجائحة، من الاستمرار في دعم حليفتها حكومة الوفاق وقواتها، خصوصاً في المجال الجوي، العامل الأهم في مستجدات المعركة.
ويعتقد البرق أن التحولات الجديدة في العلاقات التركية الأوروبية، بسبب الدعم الصحي الكبير الذي قدمته تركيا لعدد من الدول الأوروبية الفاعلة التي تعاني تداعيات من كورونا على أنظمتها الصحية، دفع بالكثير من تلك الدول إلى التراجع عن دعم مشروع "إيريني" الأوروبي، الذي كانت تدفع به باريس نحو شواطئ ليبيا، مستهدفة في الواقع قطع الطريق أمام استمرار التواصل التركي مع طرابلس بحراً.
اقــرأ أيضاً
وفي وقت أكدت فيه وسائل إعلام غربية أن الفيتو الأميركي على قبول ترشيح الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة لشغل منصب المبعوث الأممي في ليبيا، جاء بضغط دبلوماسي مصري وإماراتي بسبب مخاوف الدولتين من تعارض المقاربة الجزائرية لحلّ الأزمة الليبية مع مصالحهما، ما اعتبره مراقبون استمراراً من قبل تلك الدول في متابعة مصالحها في ليبيا، لم يرَ البرق أنه سيكون للبعثة تأثير كبير في المستقبل إذا ما نجحت أنقرة في إحداث مقاربة مع عواصم أوروبية فاعلة، بالإضافة لمقاربتها مع موسكو، لافتاً إلى أن الخطوة المصرية الإماراتية قد تعكس تخلياً عن دعم مشروع حفتر العسكري، والاتجاه إلى الأوراق السياسية للحفاظ على مصالحها في أي تسوية مقبلة تقودها الأمم المتحدة.
لكن المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي، أكد، في حديث إلى "العربي الجديد"، استمرار وجود مقاتلي شركة "فاغنر" الروسية في صفوف حفتر.
وفيما لم تعلن قوات "بركان الغضب" عن رصدها لوجود عناصر "الفاغنر" الروسية خلال تقدمها وسيطرتها على مدن ومناطق غرب طرابلس الثماني، الأسبوع الماضي، رجحت المصادر المقربة من حفتر ذاتها أن تكون "فاغنر" على علم بخسارة حفتر لمواقعه في غرب ليبيا، ولذلك بادرت بنقل معداتها العسكرية بعيداً عن مواقع الخطر في محيط طرابلس إلى قاعدة الجفرة (650 كيلومتراً جنوب طرابلس).
وعلى الرغم من الغموض الذي يلف مواقف داعمي حفتر، إلا أن تصريحات قادة طرابلس لم تعد تحمل المواقف المتشددة السابقة من الدول التي قدمت الدعم لحفتر. فبعد خطاب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، إثر انتهاء قوات حكومته من السيطرة على مناطق غرب طرابلس، الأسبوع الماضي، والذي أشار فيه إلى فشل مشروع حفتر، قائلاً لـ"العواصم المتآمرة": "أبناؤكم الذين بعثتم بهم ليموتوا على أرضنا سنعيدهم إليكم في توابيت برفقة وثائقهم الثبوتية"، رجح رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وجود تغيرات ميدانية وشيكة وبشكل يتجاوز غرب البلاد.
اقــرأ أيضاً
وحصر المشري، خلال مقابلة تلفزيونية ليل أمس الاثنين، العقبات التي تواجه تقدم قوات الجيش، في ردّ فعل قوات حفتر "على المدنيين، مثلما حدث أخيراً من قصف على سوق الجمعة، وأبوسليم. فحفتر يعلم أنها أحياء مدنية، كما أنه استهدف المستشفيات الضرورية الآن في ظرف مواجهة كورونا".
ومن دون أي إشارة للدول الداعمة لحفتر، ولا سيما الإمارات ومصر، التي سبق أن طالب بضرورة قطع العلاقات معها، لفت المشري إلى أن المجتمع الدولي يدعو لوقف إطلاق النار "كلما يتم التضييق على قوات حفتر أو الضغط عليها في محاور القتال، لأن حفتر يتعرض لمرحلة انحدار"، معتبراً أن الهدف من هذه الدعوات "إنقاذ ما يمكن إنقاذه من القوات المنهارة لمجموعات حفتر".
وذهب المشري إلى توضيح الخطوات التالية للسيطرة على ترهونة، قائلاً إنه "لا توجد في المنطقة الجنوبية أي قوة حقيقية لمجموعة حفتر، وأهالي الجنوب على تواصل معنا وينتظرون إنهاء المعارك في ترهونة لإعلان ولائهم لحكومة الوفاق"، مضيفاً: "خلال أسبوع من ذلك، سيتم بسط السيطرة حتى حدود التشاد والنيجر".
ووصف المشري شهر رمضان المقبل بـ"شهر الانتصارات"، مشيراً إلى معركة أخرى تجري للسيطرة على "قاعدة الجفرة"، تليها "معركة تحرير الهلال النفطي والتقدم شرقاً".
ومنذ سقوط ثماني مدن في غرب طرابلس، الأسبوع الماضي، وتراجع طموح حفتر في السيطرة على العاصمة إلى حدّ الانشغال بالدفاع عن ترهونة، آخر معاقله في الغرب الليبي، لم يتحدث مسؤولو أي من تلك الدول، والتي كانت إلى وقت قريب تواكب بقوة الأحداث السياسية والعسكرية في ليبيا، وهو ما يصفه البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، بـ"الأمر المريب"، مرجحاً أن يكون فشل حفتر عسكرياً لمدة عام كامل سبباً في تراخيها عن دعمه، ولو سياسياً، أثناء تتابع سقوط مواقعه في غرب البلاد.
ويلفت البرق في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن حائجة كورونا التي قد تكون مبرراً لغياب تلك الدول عن حليفها الخاسر، لم تمنع تركيا، التي تعاني من تفشي الجائحة، من الاستمرار في دعم حليفتها حكومة الوفاق وقواتها، خصوصاً في المجال الجوي، العامل الأهم في مستجدات المعركة.
ويعتقد البرق أن التحولات الجديدة في العلاقات التركية الأوروبية، بسبب الدعم الصحي الكبير الذي قدمته تركيا لعدد من الدول الأوروبية الفاعلة التي تعاني تداعيات من كورونا على أنظمتها الصحية، دفع بالكثير من تلك الدول إلى التراجع عن دعم مشروع "إيريني" الأوروبي، الذي كانت تدفع به باريس نحو شواطئ ليبيا، مستهدفة في الواقع قطع الطريق أمام استمرار التواصل التركي مع طرابلس بحراً.
وفي وقت أكدت فيه وسائل إعلام غربية أن الفيتو الأميركي على قبول ترشيح الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة لشغل منصب المبعوث الأممي في ليبيا، جاء بضغط دبلوماسي مصري وإماراتي بسبب مخاوف الدولتين من تعارض المقاربة الجزائرية لحلّ الأزمة الليبية مع مصالحهما، ما اعتبره مراقبون استمراراً من قبل تلك الدول في متابعة مصالحها في ليبيا، لم يرَ البرق أنه سيكون للبعثة تأثير كبير في المستقبل إذا ما نجحت أنقرة في إحداث مقاربة مع عواصم أوروبية فاعلة، بالإضافة لمقاربتها مع موسكو، لافتاً إلى أن الخطوة المصرية الإماراتية قد تعكس تخلياً عن دعم مشروع حفتر العسكري، والاتجاه إلى الأوراق السياسية للحفاظ على مصالحها في أي تسوية مقبلة تقودها الأمم المتحدة.
لكن المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي، أكد، في حديث إلى "العربي الجديد"، استمرار وجود مقاتلي شركة "فاغنر" الروسية في صفوف حفتر.
وفيما لم تعلن قوات "بركان الغضب" عن رصدها لوجود عناصر "الفاغنر" الروسية خلال تقدمها وسيطرتها على مدن ومناطق غرب طرابلس الثماني، الأسبوع الماضي، رجحت المصادر المقربة من حفتر ذاتها أن تكون "فاغنر" على علم بخسارة حفتر لمواقعه في غرب ليبيا، ولذلك بادرت بنقل معداتها العسكرية بعيداً عن مواقع الخطر في محيط طرابلس إلى قاعدة الجفرة (650 كيلومتراً جنوب طرابلس).
وعلى الرغم من الغموض الذي يلف مواقف داعمي حفتر، إلا أن تصريحات قادة طرابلس لم تعد تحمل المواقف المتشددة السابقة من الدول التي قدمت الدعم لحفتر. فبعد خطاب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، إثر انتهاء قوات حكومته من السيطرة على مناطق غرب طرابلس، الأسبوع الماضي، والذي أشار فيه إلى فشل مشروع حفتر، قائلاً لـ"العواصم المتآمرة": "أبناؤكم الذين بعثتم بهم ليموتوا على أرضنا سنعيدهم إليكم في توابيت برفقة وثائقهم الثبوتية"، رجح رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وجود تغيرات ميدانية وشيكة وبشكل يتجاوز غرب البلاد.
ومن دون أي إشارة للدول الداعمة لحفتر، ولا سيما الإمارات ومصر، التي سبق أن طالب بضرورة قطع العلاقات معها، لفت المشري إلى أن المجتمع الدولي يدعو لوقف إطلاق النار "كلما يتم التضييق على قوات حفتر أو الضغط عليها في محاور القتال، لأن حفتر يتعرض لمرحلة انحدار"، معتبراً أن الهدف من هذه الدعوات "إنقاذ ما يمكن إنقاذه من القوات المنهارة لمجموعات حفتر".
وذهب المشري إلى توضيح الخطوات التالية للسيطرة على ترهونة، قائلاً إنه "لا توجد في المنطقة الجنوبية أي قوة حقيقية لمجموعة حفتر، وأهالي الجنوب على تواصل معنا وينتظرون إنهاء المعارك في ترهونة لإعلان ولائهم لحكومة الوفاق"، مضيفاً: "خلال أسبوع من ذلك، سيتم بسط السيطرة حتى حدود التشاد والنيجر".
ووصف المشري شهر رمضان المقبل بـ"شهر الانتصارات"، مشيراً إلى معركة أخرى تجري للسيطرة على "قاعدة الجفرة"، تليها "معركة تحرير الهلال النفطي والتقدم شرقاً".