الجيش المصري يستميل قبائل سيناء.. ويقصفها

23 مايو 2015
قوات الجيش والشرطة شنّت عدّة حملات أمنية(فرانس برس)
+ الخط -

 يسعى الجيش المصري إلى استقطاب قبائل سيناء كي تنخرط معه في الحرب ضدّ المسلّحين وتنظيم "ولاية سيناء"، الذي يوالي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، غير أنّه في الوقت نفسه لا ينفك يستهدف أبناء هذه القبائل، وبدلاً من مقاتلة المسلّحين، يُمعن في قصف منازل المدنيين في القرى الجنوبية لمدينتي رفح والشيخ زويد وشرق مدينة العريش، ويشنّ حملة اعتقالات تستهدف أبناءها، وهو ما يحصل منذ يومين.

اقرأ أيضاً: فشل الزجّ بقبائل سيناء: إخفاق وخطورة استيراد تجربة الصحوات

وقد أثارت تصرفات الجيش هذه علامات استفهام، وطرحت تساؤلاً حول جدوى السعي لاستمالة القبائل إلى جانب الجيش في مقاتلة المسلّحين، واستهدافهم في آن واحد.

وقالت مصادر قبلية وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش والشرطة شنّت عدّة حملات أمنية على القرى الجنوبية لمدينتي رفح والشيخ زويد وشرق مدينة العريش، وتزامن ذلك مع إطلاق قذائف مدفعية ثقيلة من نوع "هاوترز" 150 ميليمتراً، على منازل المدنيين بالقرى، وهو ما أسفر عن عدة إصابات بين المدنيين.

وأفاد مصدر بأن قوات الجيش اقتحمت خمسة قرى، صباح أمس، وهي أبو لفيتة والمقاطعة والتومة والـ17 وأبو العراج، جنوب الشيخ زويد، وقصفت عدة منازل لمواطنين من قبيلة السواركة، كما شنّت حملة اعتقالات في صفوف المدنيين بحي المساعيد، وأحياء الفواخرية والسلايمة والصفا بمدينة العريش.

وأضاف المصدر نفسه أنه في تمام الساعة الخامسة من صباح أمس، فوجئ المواطنون بقرية المهدية، جنوب رفح، بعدد كبير من المدرعات والدبابات التابعة لقوات الجيش، بدعم من المروحيات "الأباتشي"، التي قامت بقصف منازل تعود ملكيتها للمواطنين: حسين المنيعي، وعودة المنيعي، وحسين أبو عايدة، وسلمان المنيعي، ما أسفر عن تدمير المنازل بشكل كامل.

وأفاد مصدر طبي عن وصول ثلاث إصابات لمستشفى رفح المركزي ناتجة عن قصف المدفعية التابعة للجيش للمنازل بشكل عشوائي.

يأتي هذا في ظل استمرار الحملات الأمنية على القرى الجنوبية لمدينة رفح والشيخ زويد، واستمرار قطع المواد الغذائية.

يأتي ذلك وسط محاولة الجيش استمالة أبناء القبائل للقتال إلى جانبه. وقد أعلنت شخصيات محسوبة على الجيش، مثل موسى الدلح وإبراهيم العرجاني، عن عقد مؤتمر لقبائل سيناء، وأعلنوا عن مشاركة "اتحاد قبائل سيناء" فيه. غير أنّ الأخير نفى المشاركة في المؤتمر الذي عُقد برعاية الجيش في وسط سيناء، قبل أسبوعين.

وبدا للبعض من "المتعاونين" مع الجيش في سيناء، أنّ أحد أهم مداخل حل الأزمة، تكمن في مساعدة القبائل في الحرب على التنظيم المسلح، كأحد أشكال العمليات على المسلحين، ولكن من دون جدوى حتى الآن، وهو ما يعد إخفاقاً جديداً للجيش.

وكان بيان صدر عن الاجتماع أعلاه شدّد على ضرورة أن يكون الحديث والتحرك تحت مظلة اتحاد قبائل سيناء، دون ذكر أسماء قبائل بعينها، حفاظاً على تماسك المجتمع القبلي، والوقوف في وجهة محرّكي الفتن والداعين لها.

واتفق المجتمعون على تكوين مجموعتين من شباب القبائل؛ المجموعة الأولى تقوم بجمع معلومات موثّقة عن عناصر تنظيم "الولاية" وأماكن وجودهم، وكذلك المخابئ السرية التي يلجأون لها هرباً من هجمات القوات المسلحة، والثانية تتكون من شباب متطوع، لمشاركة القوات المسلحة في الحملات العسكرية على بؤر الإرهاب وعناصره، لتحديد الأشخاص والمناطق المستهدفة.

وخلص الاجتماع إلى ترشيح شخص من كل "رَبْع" في قبيلة، يكون مسؤولاً عن تحديد العناصر المتطرفة، وإبلاغ الجهات المعنية عنهم بعد التأكد التام من تورطهم داخل التنظيم.

لكن ما يثير علامات استفهام كثيرة، هو انعقاد المؤتمر في منطقة وسط سيناء، وليس في الشمال حيث تتركز القبائل الكبيرة. وبحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن سبب انعقاد المؤتمر في وسط سيناء جاء برعاية الجيش وترتيبه، ولا يعبّر عن حال القبائل.

وجاء نفي اتحاد قبائل سيناء المشاركة في المؤتمر ليؤكّد هذا الأمر، إذ قال أحد قادة اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي، إن "الاتحاد لم يشارك ولم يصدر عنه أي بيان بخصوص مواجهة التنظيم المسلّح في سيناء".

وأضاف المنيعي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحديث عن تشكيل جبهة لمواجهة الإرهاب غير صحيح"، معتبراً أنّ "تلك الدعوات خطيرة للغاية على الوضع في سيناء لجهة الدخول في مواجهات قبلية".

واعتبر أن "موسى الدلح، الذي أعلن عن مشاركة اتحاد قبائل سيناء في مؤتمر عُقد الأحد الماضي بوسط سيناء، شخصية لا تريد إلا مصلحتها الشخصية، فضلاً عن أنه لا يتمتع بأي ثِقل لدى القبائل وشيوخها".

ولفت المنيعي إلى أن الدلح والعرجاني ليسا أعضاء باتحاد القبائل، وانضما قبل فترة طويلة، وانسحبا بشكل مفاجئ، وليس لهما علاقة حالية بالاتحاد.

وشدد على أن القبائل تشتكي كثيراً من التعامل الأمني الشديد مع الأهالي، ولكن دون رد من الجيش أو الأجهزة الأمنية، ما أفقد الدولة شعبيتها وتأييدها في سيناء بشكل كبير.

وطالب المنيعي بتدخل الرئيس المصري عبدالفتاخ السيسي للحدّ من التعامل السيئ مع أهالي سيناء، والإفراج عن المعتقلين خلال الحملات التي يشنها الجيش والشرطة.

وأكد أن كل من التقى به السيسي خلال الفترة الماضية لبحث أزمات سيناء، لا يمثل القبائل، مشيراً إلى وجود رغبة حقيقية في التحدث من قبل اتحاد قبائل سيناء مع السيسي لتخفيف القبضة الأمنية المفروضة.

واعتبر أن قبائل سيناء لا ترضى عن هدم المنازل بغير وجه حق وتهجير الأهالي، وتطالب بوقف الحملات والاعتقالات، وكافة أشكال الانتهاكات التي تحدث في سيناء.

في هذه الأثناء، أعلنت مصادر قبلية في سيناء، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن رفض القبائل بشكل قاطع الزجّ بها في هذه المعركة، خصوصاً مع انتهاكات الجيش في سيناء.

وقالت المصادر، التي فضّلت عدم نشر أسمائها، لـ"العربي الجديد"، إن "القبائل لا تمنع أي شخص من التعاون مع الجيش، ولكن لا توجد رغبة في دعم الجيش بسبب القتل والاعتقالات العشوائية وقصف المنازل".

وأضافت أن "القبائل لم تحرك ساكناً ولم ترد على دعوات مواجهة التنظيم، نظراً لرفضها ذلك، لكنّها لا تريد التصريح بعكس ذلك حتى لا يحسب عليها، وتكون مستهدفة من الجيش".

 في الإطار نفسه، حذّر الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، من خطورة محاولات الزج بالقبائل في مواجهات مفتوحة في سيناء.

وقال سليمان، لـ"العربي الجديد"، إن الدولة وحدها هي من تحتكر استخدام القوة والسلاح، بخلاف ذلك يمثل أزمة كبيرة لا يمكن التخلص منها بسهولة.

وأضاف أن "تسليح القبائل لمواجهة "ولاية سيناء"، يعني تشكيل مليشيات جديدة في سيناء، وندخل بعدها في أزمة المواجهات القبلية وانتشار السلاح في أيدي الجميع".

اقرأ أيضاً: خارطة الدم والثأر في سيناء: قصة القبائل والترانسفير و"الجهادية"

المساهمون