سترات صفراء في لبنان: هل يتحرك الشارع بلا سياسة؟

23 ديسمبر 2018
تخوف من استغلال الاحتجاجات لغايات سياسية (حسين بيضون)
+ الخط -

مع تعطّل عملية تشكيل الحكومة في لبنان مجدداً، نزل البعض إلى الشارع للتعبير عن سخطهم وغضبهم من الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي وصلت إليها البلاد، وسط انتقادات حول الدعوة للتحرك التي وجهت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقادها بعض الناشطين المحسوبين في موقفهم السياسي على محور "حزب الله" الحاكم فعلياً منذ سنوات.


ووفق النمط الفرنسي ارتدى البعض سترات صفراء، وفق الدعوات التي وجهت سابقاً، والتي حاولت تقليد التظاهرات الفرنسية حتى في مطالبها، إثر دعوة أحد الناشطين إلى رفع شعار خفض سعر صفيحة البنزين، ما استدعى ردوداً من البعض اعتبر أن تقليد الشعارات لا يصح، وخصوصاً أن الوضع اللبناني مختلف عن الوضع الفرنسي.

وعند الساعة الحادية عشرة، توافد العشرات من اللبنانيين إلى ساحة الشهداء للتجمع، وفق الدعوة التي كان سبقها الكثير من الجدال على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من يؤيد التظاهر من أجل شعارات اقتصادية واجتماعية حصراً، وبين من يرفض بحجة أن الدعوة وجهها أشخاص معروفة سلفاً انتماءاتهم الحزبية.

وعلى الرغم من أن الدعوة وجهت من هؤلاء، إلا أن "حزب الله" لم يدع أحداً للنزول إلى الشارع، على الرغم من أن بعض الأحزاب الحليفة مثل "حزب البعث" في لبنان دعا للنزول إلى الشارع، فيما سجل البعض ملاحظات بسبب تهديد بعض الناشطين بضرورة عدم رفع شعارات سياسية، والتعرض لبعض القيادات اللبنانية مثل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله. ورأى البعض أن مشاركة أنصار الأحزاب في هذه التظاهرات، على الرغم من رفضها رفع شعارات سياسية أو انتقاد قيادات لبنانية، إيجابية خصوصاً أنها تأتي وفق شعارات اقتصادية – اجتماعية وتخفي نقمة على الحال التي وصلت إليها البلاد بشكل عام، وتحمّل حتى القيادات التي يرفضون تسميتها بالمسؤولية.



وبرز بوضوح عدم دعوة المجموعات المدنية، التي نشطت في لبنان في السنوات الأخيرة خلال أزمة النفايات ولاحقاً خلال الضرائب، وخلال الانتخابات البلدية والنيابية، إلى المشاركة في التظاهرة، تخوفاً مما تخفيه، أو من أن تكون أحزاب السلطة بفريقيها خلفها، وخصوصاً أن التظاهرات السابقة شهدت مراراً دخول مناصرين للأحزاب على خطها لإفشالها، كما أن الشارع في لبنان عادة ما يستخدم لغايات سياسية، وخصوصاً أن التظاهرة تأتي في توقيت سياسي مع فشل الطبقة السياسية في تأليف حكومة، على الرغم من مرور نحو 8 أشهر على انتهاء الانتخابات النيابية.



ومن بين الأسماء التي دعت إلى التظاهرة، المنشد علي بركات المقرب من "حزب الله"، ومراسل قناة "الميادين" علي مرتضى، والمحلل السياسي المحسوب أيضاً على "فريق الممانعة" غسان جواد، وهو ما أدى إلى رفض كثر المشاركة فيها، وخصوصاً أن هوية التظاهرة السياسية غير واضحة، ويمكن أن تستثمر في اللعبة السياسية اللبنانية الداخلية من بعض الأطراف، فيما اعتبر البعض أن التظاهرة هي لأنصار بعض الأحزاب المشاركة في السلطة ضد السلطة.

وبالتزامن مع الإجراءات الأمنية المشددة، برز خلال التظاهرة تضارب واضح في الشعارات المرفوعة، المتعلقة بغلاء المعيشة والكهرباء والطبابة وخفض سعر الوقود، إلى بعض الشعارات السياسية العامّة مثل الدعوة إلى إسقاط النظام الطائفي أو إصلاحه، إضافة إلى مطالب البعض بعفو عام، في إشارة إلى المطلوبين قضائياً في منطقة البقاع.



وبالتزامن مع تظاهرة بيروت، نفذ عدد من المواطنين اعتصاماً في مدينة صور الجنوبية، واعتصاماً آخر في منطقة القاسمية، وذلك رفضاً لتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فيما سجل في بيروت صدام بين القوى الأمنية والمتظاهرين أمام السرايا الحكومية، بعدما توجه المتظاهرون من ساحة الشهداء إلى ساحة رياض الصلح حيث مقر رئاسة الحكومة، ما أدى إلى إصابة محام بجروح طفيفة في رأسه.